مصر 2013م
دراسة تحليلية لعملية التحول السياسي
عنوان الكتاب: مصر 2013م – دراسة تحليلية لعملية التحول السياسي في مصر - مراحلها, مشكلاتها, سيناريوهات المستقبل
النـاشـر: مجلة البيان - الرياض
سنة الطبع: ط1 – 1433هـ
عدد الصفحات: 211
التعريف بموضوع الكتاب:
تعيش مصر ما بعد الثورة أياماً من المخاض السياسي العصيب, وتخوض معركة شرسة تنوعت أطرافها, وتعدد المشاركون فيها, فبعد أن فاز الإسلاميون بأغلبية مجلس الشعب, وبعد الفوز الذي حققه مرشحهم في الانتخابات الرئاسية, وما سبق ذلك أو صاحبه أو تبعه من أحداث سياسية عدة على الساحة المصرية, يبقى المشهد السياسي تشوبه الضبابية, ويعتريه شيء من عدم الوضوح في الرؤية, مما يصعب على المرء العادي التنبؤ بما ستكون عليه المرحلة المقبلة, وما ستؤول إليه الأمور في هذا البلد, وهذا يستدعي من أهل الاختصاص دراسة العملية السياسية الراهنة في مصر, ومحاولة استشراف المستقبل, لمعرفة السيناريوهات المحتملة لعملية التحول السياسي, والمراحل التي ستمر بها والمشاكل التي ستواجهها.
كتابنا لهذا الأسبوع يحاول فيه المؤلف رصد تَفاعُلات الثورة المصرية, وما ستؤول إليه, مقدماً رؤية تحليلية استشرافية, يسترشد بها السالكون في دروب السياسة, والوالجون في دهاليزها.
بدأ المؤلف بمقدمة, كان أهم ما فيها تساؤل طرحه وهو: هل تعيش مصر الشرعية الثورية؟ إذ عدَّ المؤلف الإجابة على هذا السؤال توصيفاً للواقع الحالي المصري, وأبرز في الإجابة عدة نقاط مهمة:
1. لم يكن هناك قيادة واحدة أو موحدة للثورة, وإنما هي مجموعات متفرقة, البعض حديثة التأسيس, وبعضها كيانات قديمة, وهذا أدى إلى فقدان القيادة المؤثرة التي تمتلك مشروعية ثورية, تخولها اتخاذ خطوات سياسية جذرية.
2. لم تتبَنَّ الثورة المصريَّة خطَّة تغييرٍ مجتمعي واضحة.
3. دخول الجيش على خَطِّ الثَّورة وتسلُّمه السُّلطة جعل التَّوصيف السياسيَّ الدقيق لما حدث أنَّها ثورة شعبيَّة، نتَجَ عنها ما يُشبِه "انقلابًا عسكريًّا".
وبين المؤلف أن الوضعية في مصر وضعية مربكة في دراستها وتحليلها, بسبب المعطيات المتناقضة والمجموعة في آن واحد, فلا الثورة ثورة كاملة, ولا الحكم العسكري حكماً عسكرياً خالصاً.
(الدولة والثورة .. مقاربة نظرية):
عنوان الفصل الأول, بدأ فيه المؤلف ببيان مفهوم هذين اللفظين, فعرف الدولة وبين أركانها, وعرف الثورة أيضاً, وفرق بين الفعل الثوري والحالة الثورية, إذ إن الأول ذو نطاق زمني مرتبط بوجود النظام السابق وينتهي بمجرد انهياره, بينما تستمر الحالة الثورية مرحلة زمنية قد تطول وقد تقصر.
( من الدولة إلى الثورة)
انتقل المؤلف إلى الفصل الثاني, وهو عبارة عن تشخيص لحالة الدولة المصرية قبل الثورة, فتحدث عن منظومة السلطة, وهي النخبة الفاسدة, وبؤرة الفساد التي كانت تتولى مقاليد الحكم, وأزِمَّة الأمور في مصر وأولهم رأس الهرم مبارك, حيث تركزت السلطات في يد المؤسسة الرئاسية, وأقصي الجهاز التنفيذي, ومع تضخم الحاشية, وتمدد علاقاتها ومصالحها, حصل افتئات على صلاحيات وسلطات المناصب العليا في الدولة. وتناول بالحديث أيضاً التركة الثقيلة التي خلفها نظام مبارك بعد سقوطه.
كما تحدث عن القبضة الأمنية والتي مثلت جدار الحماية للنخبة الفاسدة, حيث رصد أربعة مشاهد تظهر القبضة الأمنية التسلطية في مصر وهي:
• استعراض القوة واستخدامها.
• تطور مفهوم أمن الدولة.
• فلسفة إهانة المواطن.
• ظاهرة البلطجة السياسية.
(من الثورة إلى الدولة)
تحت هذا العنوان بدأ المؤلف فصل الكتاب الثالث, حيث يتحدث في هذا الفصل عن عملية التحول والتي تبدأ مع توقف العمل الثوري, وانهيار النظام التسلطي إلى الانتهاء من بناء النظام الجديد, والتي تعد من أخطر المراحل لأسباب كثيرة منها: حالة الخمول الثوري التي تتبع انهيار النظام, وقناعة الشعب أن المهمة قد أنجزت مع أنها في البداية, ومنها أن القوى التي سقطت مع النظام تبدأ في إعادة ترتيب أوراقها محاولة التحكم في مسيرة التحول وغير ذلك من الأسباب. بيد أن النقطة المهمة – حسب رأي المؤلف – في بداية هذه المرحلة أن يكون لدى الثوار رؤية واضحة للقادم.
ومما تناوله المؤلف في هذا الفصل أيضاً مفهوم التحول والمراحل الأساسية له وهي ثلاث مراحل: مرحلة انهيار النظام السلطوي, ومرحلة الانتقال, ومرحلة الرسوخ.
وبين أنه في الحالة المصرية تزايد مستوى الارتباك بسبب عاملين وهما: أن التحول نشأ عن نظام خليط ما بين دولة بوليسية وما بين ديمقراطية مقيدة, والثاني أن المجلس العسكري ظل محتفظاً لفترة طويلة نسبياً بنفس تركيبة الجهاز التنفيذي كما ورثها عن النظام السابق.
( الطريق إلى الدولة .. المجلس العسكري والتحول السياسي)
وهو عنوان الفصل الرابع من الكتاب, وكان أهم ما تناوله المؤلف في هذا الفصل هو الحديث عن واجبات السلطة أثناء المرحلة الانتقالية, فالتحول السياسي يعني التغيير بين النظم, وهذا يعني حدوث تغيير بصورة ما في الأبعاد الأساسية الثلاثة في النظام, وهي البعد الثقافي, والبعد الهيكلي, والسياسات, وقد تناول المؤلف هذه الأبعاد الثلاثة في هذا الفصل.
واستعرض المؤلف كذلك مستوى التغيير الذي أحدثه المجلس العسكري في هذه الأبعاد الثلاثة, ليضع إشارات مهمة على طريق التحول السياسي, وإدارة هذه العملية وتعقيداتها.
( معوقات التحول السياسي)
في الفصل الخامس من هذا الكتاب تناول المؤلف سلسلة من المعوقات التي تحول دون التحول السياسي, فذكر أن القوى الثورية بعد استلامها السلطة برزت أمامها سلسلة من الصعوبات منها:
1. صعوبة إنشاء البِنَى الديمقراطيَّة الحقيقية إِثْر الثَّورات ضدَّ الأنظمة الديكتاتوريَّة.
2. تتمتَّع التَّنمية المعتمدة على الخارج بجذور تاريخيَّة عميقة، يَصْعب عكْسُها.
3. غالبًا ما أخفقَ بسرعة تحدِّي إنشاء ثقافة سياسيَّة ثورية لبناء مجتمعٍ جَديد بسبب تعدُّد التيارات الفرعيَّة.
4. كانت ثوراتٌ قليلة قادرةً على تحمُّل النشاط المعارِض للقوى الخارجيَّة المسيطرة وحُلَفائها الإقليميِّين.
5. نظرًا إلى ما ذُكِرَ أعلاه، فإنَّ الائتلافات الواسعةَ النِّطاق التي كانت شديدة الفاعليَّة في صُنْع الثَّورات، لم يَعُد بالإمكانِ الحفاظُ على تَماسُكِها؛ بسبب الآراء المختلفة حيال كيفيَّة إعادة صُنْع المجتمع.
ثم ذكر المؤلف أهم المعوقات المحتملة للعملية السياسية المصرية, وعدد اثنين منها وهي:
الفوضى الطبيعية وما يصاحبها من انفلات أمني, وفوضى تصحيحة.
والثاني ما يسمى بالثورة المضادة, وقصد بها: كل فعل سياسي, أو اجتماعي, أو اقتصادي يتعارض مع قيم الثورة وأهدافها, ويؤدي بصورة مباشرة أو غير مباشرة إلى تعويق عملية التحول السياسي, أو إعادة توجيهها إلى مسار مختلف جزئياً أو كلياً, وتتلخص فكرتها في تفكيك المكونات التي قامت بالثورة, ثم دفع كل مكون للانحراف عن المسار الثوري لعرقلة اجتماعها مرة أخرى, ولها أسلوب معين مع كل مكون من مكونات الثورة سواء كانت قوى سياسية أو نخبة مثقفة, أو شعب ثوري, أو هدف ثوري.
(طريق الإسلاميين إلى السلطة)
شرع المؤلف بعد ذلك في الفصل السادس وتحدث فيه عن الإسلاميين كقوة سياسية على الأرض, وأوضح أن فوزهم في انتخابات مجلس الشعب أكسبهم قوة سياسية هائلة لم تتوفر أي فصيل سياسي في انتخابات نزيهة منذ عقود طويلة, ذاكراً بعض الدلالات على ذلك منها:
1. أنَّ إطلاق صفة "الاعتِدال" أو "التشدُّد" وغيرها من الصِّفات السلبيَّة على التيارات الإسلاميَّة، لم يَعُد ذا قيمة تذكر.
2. امتلاك الإسلاميين القدرة على إحداث أيِّ تغيير قانوني أو دستوري بأغلبيَّة تتجاوز الثُّلثين.
3. لا بد أن انعكاس هذه النِّسبة بصورة تلقائيَّة - تدريجية - على تشكيل الحكومة القادمة.
4. حصول الإسلاميِّين على فرصةٌ تاريخيَّة لإعادة بِناء الدَّولة من جديد.
5. السَّيطرة المُطْلَقة للإسلاميِّين على مفاصل الدولة ستُقلِّل إلى درجةٍ كبيرة مظاهِرَ الفساد, وسيدفع عجلة التنمية بقوة إلى الأمام.
6. النِّسبة الكبيرة تُعْطي الإسلاميِّين القدرةَ على إعادة صياغة العقليَّة الأَمْنية والثقافة العسكرية.
7. نجاح الإسلاميِّين في مصر في تقديم نموذج سياسيٍّ إيجابي للحُكْم، سوف يَدْفع الشُّعوب في دُوَل المنطقة إلى المُطالَبة بالتغيير.
وغيرها.
كما تحدث عن أسباب الخلاف بين الإخوان والسلفيين فذكر منها:
• المخالفات الشرعية والتي ينتقدها السلفيون على الإخوان.
• وإشكلات النشأة بينهما.
• اختلافهم في تفسير الواقع ومنهج التعامل معه.
• قناعة كل طرف منهما بجدارته بالقيادة والتأثير.
• التنافس الميداني.
وأوضح المؤلف كيف تعمل هذه الأسباب في إدارة العلاقة بين التيارين, وما هي سيناريوهات التقارب بينهما, معددًا سبع سناريوهات لذلك. وذاكراً بعض الملامح العامة حول استراتيجية التقارب المنشودة.
(السيناريوهات المحتملة)
يختم المؤلف كتابه بفصل سابع يتناول فيه السيناريوهات المحتملة لعملية التحول, وبدأ بذكر العوامل المؤثرة في سيناريوهات المستقبل وهي:
• دور الجيش:
حيث يرى المؤلف أن دور المجلس العسكريِّ يَكْتنفه غموضٌ كبير، بحيث يصعب توقُّع خياراته القادمة وتصرُّفاته؛ بسبب حالة الارتِباك الواضح في تكوين المَجْلس لتصوُّراته وخياراته السِّياسية، وبسبب السِّمَة المميزة للثَّقافة العسكريَّة التي تَجْنح نحو الغموض والسرِّية, إلا أنه يمكن توقع مساراته من خلال أربعة أساليب: التاريخ, والأسلوب المقارن, والأسلوب النظري, والأسلوب الواقعي, وتحدث المؤلف عن كلٍّ منها باستفاضة وتفصيل.
• القوى السياسية:
بين المؤلف أنه وبعد انتخابات مَجْلس الشَّعب يمكن القول: إنَّه توجد في مصر حاليًّا أربع قُوى رئيسة، هي: حزب الحُرِّية والعدالة، حزب النُّور، حزب الوفد، الكتلة المصريَّة، وهذه القوى سوف تُحدِّد إلى درجةٍ كبيرة ملامِحَ المرحلة المقبلة.
• الدَّور الخارجي:
وقد وصفه المؤلف بأنه آفة تَعْصِف بالثَّورات, كما تطرق لذكر أهم وأبرز الوسائل الخارجية لإحباط الثورة وهي: العولمة الاقتصاديَّة، وتدخُّلات المجتمع المدني، ودور الاستخبارات والعمل السرِّي.
(الخاتمة) مصر 2013م:
تحدث الباحث في خاتمة الكتاب عن السيناريو المفضَّل والذي تتمنَّى الأغلبية - على الأقلِّ بحسب نتائج الانتخابات - حدوثَه وصولاً إلى العام 2013م، والذي يتلخَّص في أربعة محاور:
1. رئيس جديد منتخَب يحظى بصلاحيَّات كاملة ومدَّة رئاسية مقيَّدة.
2. التأكُّد من عودة الجيش إلى ثكناته، وعدم تدخُّله في السياسة.
3. تَمتُّع المجلس بأغلبيته الإسلاميَّة بصلاحياتٍ كاملة، ومُمارسة دوره على الوجه الأكمَل.
4. حكومة تُشكِّلها الأغلبيَّة البرلمانية ويحتلُّ الإسلاميون مكانَ الصدارة والقلب منها.
ويصاحب هذه المَحاورِ مَلامحُ إيجابيَّة في أداء النِّظام ككل، مثل: تحَسُّن حالة الاقتِصاد، تقدُّم عمَلِيَّة تطهير المؤسَّسات وإعادة هيكلتها، تغيرات إيجابيَّة فيما يتعلَّق بالبُعْد الثقافي لعمليَّة التحوُّل السياسي، تنفيذ باقةٍ من السِّياسات العاجلة لِتَحسين وترميم الأوضاع المعيشيَّة والاجتماعية.
كما تحدث عن المُتغيِّر عظيم التأثير قليل الاحتمال, والذي ربما يَقْلب جميع السيناريوهات رأسًا على عقب؛ لاتصافه بالجهالة وعدم القدرة على توَقُّعِه، فهو حدَث خارج عن السِّياق الطبيعيِّ والتاريخي.
ثم تحدث عن كيفية ضمان استمرارية الثورة في التقدم وأنها لن ترجع إلى الخلف, واضعًا بعض اللَّمحات والأفكار حول إستراتيجيَّة الحفاظ على الثورة ومكتسباتها. ليختم بالحديث عن طرق ادخار الحرية للمستقبل فذكر من ذلك: المسارعة بتأسيس الكيانات والأعمال الَّتي لا يمكن تأسيسها في مرحلة القهر, و البدء في الأعمال التي لن تَبْدو ثِمارُها إلاَّ بعد أعوام طويلة, وتحصين مناخ الحُرِّية, وتنفيذ حملات توعية شعبيَّة واسعة. وتحصين أجواء الحُرِّية السياسية بِنَبْذ كلِّ مَن يتَهوَّر في استخدامها, وبَذْل الجهد في العمل الدَّعوي لتقريب الشَّعب من الإسلاميِّين.
والكتاب رغم أنه ظهر في الأشهر الأولى من هذا العام قبل التغيرات الكثيرة التي حصلت خلال هذه المدة إلا أنه كان مصيباً في كثير من توقعاته واستشرافه، وننصح كافة الدعاة والإسلاميين وخاصة في مصر بقراءته.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق