نشرة كنسية مخادعة !
أ. د. زينب عبد العزيز
أستاذة الحضارة الفرنسية
فى 18 يوليو 2015 أصدر مؤتمر الأساقفة الكاثوليك فى كندا (CECC) نشرة جديدة بعنوان : "كنيسة فى حوار ـ كثوليك ومسلمون فى كندا : مؤمنون ومواطنون فى المجتمع".
وفى خطاب تقديم النشرة ، أوضح المونسنيور ديروشيه ، رئيس المؤتمر ، أن هذه النشرة "تهدف إلى مساعدة الكاثوليك فى كندا على فهم جيرانهم المسلمين بصورة أفضل".
والجزء الأول من هذه النشرة يتناول أصول الإسلام ، تشابهات وإختلافات بالنسبة للمسيحية.
أما الجزء الثانى فيتحدث عن الحوار الدينى بين الكاثوليك والمسلمين على المستوى المحلى والعالمى ، وينتهى ببعض المقتراحات حول ما يمكن لكل واحد أن يساهم به فى هذا الحوار، لأن الأساقفة الكاثوليك فى كندا يبغون تحبيذ الفهم والحوار.
إلا أنه فى واقع الأمر تتضمن هذه النشرة نفس الخدع ونفس الأكاذيب التى تفرضها الكنيسة منذ قرون بعيدة.
ويوضح تقديم هذه النشرة على موقع مؤتمر الأساقفة : إن إشتراك مؤتمر الأساقفة الكاثوليك فى كندا فى الحوار الدينى "قائم على بيان علاقات الكنيسة مع الديانات غير المسيحية ،وثيقة فى زماننا هذا ، الصادرة فى 28 أكتوبر 1965 ، ويستلهم منها". ومجرد قول أن النشرة إستلهمت من هذه الوثيقة التى علّقت عليها أنذاك ، هو ما يمثل أكبر وصمة لهذه النشرة بما أنها تتبع نفس عدم الأمانة وسوء النية المبيّت الوارد فى وثيقة الفاتيكان هذه.
وهذا النص الجديد المكون من ثمانية صفحات وسبع إطارات يتبع نفس التوجهات. لكن قبل أن أتناوله بالتفصيل، لا بد من الإشارة إلى أنه من المرات النادرة التى يرد فيها كتابة إسم سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام ، بصورة صحيحة كما يُنطق : Mohammad ، بدون ذلك التحريف اللغوى المهين :Mahomet ، وهو ما يعنى بلغة السجون الدارجة : أ) ، كيس صغير يحمله السجناء حول أعناقهم ليضعوا فيه مدخراتهم ؛ ب) ، بساط قذر يلقى عليه السجناء فلساتهم المتبقة أثناء لعب القمار. ولا يوجد أقبح ، بالنسبة لنبى ، من أن يلصق بمعنى إسمه كلمات : السجناء أو البساط القذر. وهى أحط ما يرد من معنى لهذين المجالين ! ألم يحن الوقت لتصويب كل ذلك التعسف وكتابة كل ما يتعلق بالإسلام بصورة سليمة ، بدأ من إسم سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام ، الذى يجيدون كتابته سليما حين يريدون شيئا ؟!
وفيما يلى بعض النماذج لعدم الأمانة الممتدة منذ قرون والتى تهدف إلى المساس بالإسلام والتقليل من إسهامات المسلمين فى حضارة العالم ، لتسهيل عملية إقتلاعه :
* صفحة 2 : "قالوا عن هذا الشكل المكعب أنه كان يضم 360 تمثالا للآلهة". ووصف الكعبة بهذه الكلمات فحسب يوحى بأن الكعبة، المركز الأساس للإسلام كان ولا يزال وثنيا. ولم يقال فى النشرة أن سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام حين دخل الكعبة أمر بهدم هذه التماثيل الوثنية وحمى بيده تمثال السيدة مريم العذراء والطفل يسوع قائلا : "ما عدا هذا ، حافظوا عليه" !
* إن الله ليس فقط : "كلمة عربية تعنى الله" ، لكنها أيضا إختصار لغوى لكلمة الإله ، أى الإله الحق الذى لا يعلو عليه إله آخر ، فى تصعيد مطلق بما أنه "ليس كمثله شئ".
* حينما كان يتأمل فى غار حراء، "تلقى محمد ما خيّل إليه أنه تنزيل إلهى" ! وهى عبارة كاذبة تشكك فى تنزيل القرآن من عند الله، إذ "خيّل إليه" ، لكنه غير صحيح.
* "أمر أتباعه برَص العبارات التى تم الحفاظ عليها منذ البداية. وهو ما أدى إلى ما هو معروف اليوم بالقرآن". جملة تحافظ على كل ما نسجه المستشرقون من فريات برعاية الفاتيكان، بالقيام بعملية إسقاط لكل ما تعرضت له نصوص الأناجيل لإنكار وحى وتنزيل القرآن. فالكتاب المقدس له أكثر من 40 مؤلف مختلف قاموا بصياغته، وتم التلاعب بالنص وتعديله وفقا للأهواء مما أوجد متناقضات صادمة. بينما القرآن لم يخضع إلى أى تعديل. ومن الثابت أن النص تم تسجيله من أيام الرسول عليه الصلاة والسلام وتم تبويبه وفقا لتوجيهاته. فأسماء من كتبوه معروفة، ومنذ البداية يحمل هذا النص المنزّل إسم القرآن، بما أنه موجود داخل متنه المنزّل.
* "القرآن (وفرنسة إسمه هى كورانْ Coran)، يمثل أربعة أخماس العهد الجديد"! أولا الأسماء لا تُفرنس وإنما تكتب كما يتم نطقها. ومقارنة حجم القرآن بالأناجيل لا يهدف إلا إلى حشر معنى التقليل من شأنه. فأى كتاب لا يقاس لا بحجمه ولا بعدد صفحاته وإنما بقيمة ما يتضمنه. و المقارنة هنا بين الأناجيل والقرآن لا يوجد أى وجه تشابه بينهما، فالقرآن منزّل من عند الله والأناجيل تم التلاعب بها حتى تبدلت عدة مرات.
* صفحة 3 : مفاهيم الإسلام : "الله خالق السماء والأرض". عبارة كاذبة مقللة من شأن هذه المفاهيم. فالقرآن يضم أكثر من 500 آية علمية أثبت العلم صحتها. والقرآن يقول : "رب العالمين" ، "وخالق السماوات والأرض" الخ ، وهو مل يشير إلى إتساع السموات والكون نفسه وأنه فى إتساع دائم : "ونحن له موسعون" (51 :47)، بينما الكتاب المقدس يقول أن الأرض مسطحة !
* "الشهادة ، إعلان الإعتقاد فى الإسلام". ودائما تطالعنا العبارات المنتقصة لأن الإعتقاد هو التعبير عن الرأى. وكان يجب كتابة كلمة "الإيمان" حيث تعنى الإنتماء الكامل بالعقل والنفس، وما يؤمن به الإنسان كلية.
* صفحة 4 : معنى رمضان : "رسالة مبلغة" ! وكلمة التبليغ هنا وتعنى توصيل شئ ما لأحد ما ، لتفادى إستخدام كلمة منزّل. لأن شهر رمضان الذى أنزل فيه القرآن وفرض الصيام، الذى هو أحد أركان الإسلام ليس مجرد "توصيل المعلومة". وإنما هو مرتبط بتنزيل القرآن.
* "نحن نعبد نفس الإله" ! عبارة تمثل أكبر فرية وأكبر خدعة يمكن القيام بها. بل أنها تمثل العقبة التى لا يمكن التحايل عليها بين الديانتين. فالمسيحية قائمة على التثليث : الآب والإبن والروح القدس ، الثلاثة متساوون لكن الآب أكبر من الإبن الذى ضحى به الآب ، ومات على الصليب بأيدى من خلقهم. فهل هذا منطقى ؟! بينما الإسلام يقوم بتصعيد مطلق لله : "قل هو الله أحد ، الله الصمد، لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفوا أحد" (سورة 112). لا ، نحن لا نعبد نفس الإله ، إلا أن الإيمان بيسوع كنبى من الأنبياء هو فرض إلهى بالنسبة للمسلمين ، وإلا لا يكتمل إيمانهم.
* "يسوع هو التنزيل النهائى من الله إلى الإنسان". عبارة قامت الكنيسة ومجامعها بفرضها كذبا لغلق الباب أمام رسالة الإسلام وأمام سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ، المكلف بتبليغ رسالة التوحيد الحق.
* صفحة 6 : "الكنيسة تضع الحوار الدينى داخل إطار رسالتها التبشيرية. فالحوار هو حوار خلاص (...) ، والكنيسة يجب عليها هى أيضا أن تبدأ حوار الخلاص مع كافة الرجال وكافة النساء". إنها جملة لا تبرر كل التحريف الوارد بالنشرة فحسب ، لكنها تدل على أن محاولة العيش معا والتفاهم المشترك من هذا المنطلق هى عملية خداع لتتم عملية التنصير فى هدوء.
*مسيحيون ومسلمون نؤمن بنفس الإله ، الإله الحى الذى خلق العالم. وهو ما يمثل دعامة قوية يمكن أن نبنى عليها قداسة أصيلة فى الطاعة والعبادة المقدمة لله". هل يمكن أن يكون المرء أكثر تزويرا ؟ لقد تكررت هذه العبارة القائلة بأننا نعبد نفس الإله ثلاث مرات بهذه النشرة مرة منها فى أحد الأطر. أن هذه الفرية القائلة بأننا نعبد نفس الإله دليل على عملية تزوير كبرى تم نسجها منذ سنين، بخلاف تلك العبارة التى تحاول إضفاء سيادة للمسيحية : "قداسة أصيلة" فى الطاعة والعبادة الموجهة لله. وكأن الإسلام ليس هو العبادة الأصيلة التى لم تتغير أو تتبدل على الأرض.
* صفحة 7 : من "تحديات الحوار : مسيحيو الشرق الأوسط" ! إن هذا الكارت المسمى مسيحيو الشرق الأوسط هى حجة كاذبة تسمح بالتدخل السياسى والدينى الغربى ـ الفاتيكانى فى الشئون الداخلية. إذ لا توجد فى العالم أقلية مسيحية أو غيرها تتمتع بنفس الوضع المميز كالأقباط فى مصر.
* صفحة 8 : فى عام 2007 : "خطاب ال 138 : كلمة سواء بيننا وبينكم" !إن هذا الخطاب الذى علقت عليه فى حينه لكشف خباياه ومحاولة التقليل من مفعوله ، هى خدعة كبرى بكل المقاييس.
* "فى نوفمبر 2008 تم تكوين مجلس بابوى وممثلين من المائة ثمانية وثلاثين من الموقعين على هذا الخطاب بإنشاء فورم كاثوليكى ـ مسلم يجتمع كل ثلاث سنوات". ومما لا شك فيه أنه تم إنشاؤة سواء للحصول على مزيد من التنازلات الجديدة ، مثلما يحدث فى كل لقاء، أو للتلفع ببعض نصوص الإسلام لإعطاء مزيد من المصداقية لمحاولات الفاتيكان المخادعة.
أما الإطارات ، أو تلك المربعات التى تحتوى على بعض الشروح المحددة ، فهى مصاغة بنفس العناية الملتوية للصفحات الثمانية. ورغم كم الأكاذيب الوارد بها سأكتفى بالإشارة إلى إثنين فقط من صفحة 4 لخطورتهما :
* 1 ) : لا يجب علينا أن ننسى أبدا أنهم يمارسون الإيمان بإبراهيم ، ويعبدون معنا الإله الواحد" (وثيقة نور الأمم رقم 16 ، وهى من نصوص مجمع الفاتيكان الثانى، ونقلها أيضا البابا فرانسيس فى خطابه الرسولى "فرحة الإنجيل" بند رقم 252 ).
وكنت فيما مضى قد تناولت هذه الوثائق فى مقال حوار وبشارةوموضوع إنتماء العرب المسلمين ، وكذلك فكرة تنصير المسلمين وفقا للنصوص العديدة لمجمع الفاتيكان الثانى. على أى حال فإن العهد القديم لا يزال موجودا وهو يتضمن سلالة سيدنا إبراهيم. ولا أقول شيئا عن عبارة "الإله الواحد" المنقولة من الإسلام وملصقة بيسوع الثالوثى !
* 2 ) : " نحن ، كلا من، نعبد نفس الإله" ، و "يمكن أن نقول حقا أننا إخوة وأخوات فى الإيمان بالإله الواحد" (البابا يوحنا بولس الثانى ، فى نيجيريا 14/2/1982) !
إن هذا القول أكثر من فاضح لعدم تحرج الكنيسة من أكاذيبها بأننا نعبد نفس الإله ! إن المسيرة التى نسجتها السلطات الكنسية القائلة بأننا مسيحيون ومسلمون نعبد نفس الإله واردة فى أرشيفها. وسواء أكان فى عقيدة الإيمان الصادرة عن مجمع نيقية سنة 235 أو حتى من خلال اللوحات الفنية الدينية التى تعبر عن كيفية تكوين المسيحية عبر القرون ، فهى تعبيرات ثالوثية تمثل الآب والإبن والروح القدس. أما حاليا فإن التزوير يقتدى التقليل من التعبير الثالوثى وإبراز يسوع وحده تعبيرا عن "الإله الوحيد"، "الإله المتفرد" لتسهيل عملية دخول المسلمين المزيفة فى المسيحية.
بينما الأمر بالنسبة للإسلام منذ بداية تنزيل الرسالة، وفى كل النص القرآنى إن الله أعلى بكثير من كافة مخلوقاته ، فهو الإله ، الواحد الأحد ، الذى لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد (سورة الإخلاص). فكيف يمكن كتابة مثل هذه الفريات لمجرد تنفيذ مخطط شيطانى ؟ !
إن القيام بعمل مثل هذه النشرة بكل ما تتضمنه من أكاذيب وفريات لن يمكنه أبدا أن يسمح بتفاهم طيب ولا بتعايش آمن معا بين المسيحيين والمسلمين، لأن ذلك إسمه تزوير وتحريف بكل المقاييس.
ألم يحن الوقت لأن تقوم الكنيسة بالعدول عن كل ذلك التزوير والتحريف الذى قامت به لمدة قرون طويلة ، وأن تعتذر للمسلمين الذين لم تكف عن محاربتهم ؟ ألم يحن أن تعتذر عن كل ذلك الشر المتغلغل ، وأن تكتفى بممارسة مسيحيتها بتواضع مع تنقية كتاباتها من كل التحريف والإضافات البشرية ؟ أن تعيش بلا تعالى أو حب للسيطرة ، أن تعيش بين كل الديانات الأخرى ، بلا أى تمييز أو وقاحة ، وتترك الناس يقومون بإختياراتهم ، بإختيار نسق حياتهم دون التحكم فيهم ؟!
والجزء الأول من هذه النشرة يتناول أصول الإسلام ، تشابهات وإختلافات بالنسبة للمسيحية.
أما الجزء الثانى فيتحدث عن الحوار الدينى بين الكاثوليك والمسلمين على المستوى المحلى والعالمى ، وينتهى ببعض المقتراحات حول ما يمكن لكل واحد أن يساهم به فى هذا الحوار، لأن الأساقفة الكاثوليك فى كندا يبغون تحبيذ الفهم والحوار.
إلا أنه فى واقع الأمر تتضمن هذه النشرة نفس الخدع ونفس الأكاذيب التى تفرضها الكنيسة منذ قرون بعيدة.
ويوضح تقديم هذه النشرة على موقع مؤتمر الأساقفة : إن إشتراك مؤتمر الأساقفة الكاثوليك فى كندا فى الحوار الدينى "قائم على بيان علاقات الكنيسة مع الديانات غير المسيحية ،وثيقة فى زماننا هذا ، الصادرة فى 28 أكتوبر 1965 ، ويستلهم منها". ومجرد قول أن النشرة إستلهمت من هذه الوثيقة التى علّقت عليها أنذاك ، هو ما يمثل أكبر وصمة لهذه النشرة بما أنها تتبع نفس عدم الأمانة وسوء النية المبيّت الوارد فى وثيقة الفاتيكان هذه.
وهذا النص الجديد المكون من ثمانية صفحات وسبع إطارات يتبع نفس التوجهات. لكن قبل أن أتناوله بالتفصيل، لا بد من الإشارة إلى أنه من المرات النادرة التى يرد فيها كتابة إسم سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام ، بصورة صحيحة كما يُنطق : Mohammad ، بدون ذلك التحريف اللغوى المهين :Mahomet ، وهو ما يعنى بلغة السجون الدارجة : أ) ، كيس صغير يحمله السجناء حول أعناقهم ليضعوا فيه مدخراتهم ؛ ب) ، بساط قذر يلقى عليه السجناء فلساتهم المتبقة أثناء لعب القمار. ولا يوجد أقبح ، بالنسبة لنبى ، من أن يلصق بمعنى إسمه كلمات : السجناء أو البساط القذر. وهى أحط ما يرد من معنى لهذين المجالين ! ألم يحن الوقت لتصويب كل ذلك التعسف وكتابة كل ما يتعلق بالإسلام بصورة سليمة ، بدأ من إسم سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام ، الذى يجيدون كتابته سليما حين يريدون شيئا ؟!
وفيما يلى بعض النماذج لعدم الأمانة الممتدة منذ قرون والتى تهدف إلى المساس بالإسلام والتقليل من إسهامات المسلمين فى حضارة العالم ، لتسهيل عملية إقتلاعه :
* صفحة 2 : "قالوا عن هذا الشكل المكعب أنه كان يضم 360 تمثالا للآلهة". ووصف الكعبة بهذه الكلمات فحسب يوحى بأن الكعبة، المركز الأساس للإسلام كان ولا يزال وثنيا. ولم يقال فى النشرة أن سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام حين دخل الكعبة أمر بهدم هذه التماثيل الوثنية وحمى بيده تمثال السيدة مريم العذراء والطفل يسوع قائلا : "ما عدا هذا ، حافظوا عليه" !
* إن الله ليس فقط : "كلمة عربية تعنى الله" ، لكنها أيضا إختصار لغوى لكلمة الإله ، أى الإله الحق الذى لا يعلو عليه إله آخر ، فى تصعيد مطلق بما أنه "ليس كمثله شئ".
* حينما كان يتأمل فى غار حراء، "تلقى محمد ما خيّل إليه أنه تنزيل إلهى" ! وهى عبارة كاذبة تشكك فى تنزيل القرآن من عند الله، إذ "خيّل إليه" ، لكنه غير صحيح.
* "أمر أتباعه برَص العبارات التى تم الحفاظ عليها منذ البداية. وهو ما أدى إلى ما هو معروف اليوم بالقرآن". جملة تحافظ على كل ما نسجه المستشرقون من فريات برعاية الفاتيكان، بالقيام بعملية إسقاط لكل ما تعرضت له نصوص الأناجيل لإنكار وحى وتنزيل القرآن. فالكتاب المقدس له أكثر من 40 مؤلف مختلف قاموا بصياغته، وتم التلاعب بالنص وتعديله وفقا للأهواء مما أوجد متناقضات صادمة. بينما القرآن لم يخضع إلى أى تعديل. ومن الثابت أن النص تم تسجيله من أيام الرسول عليه الصلاة والسلام وتم تبويبه وفقا لتوجيهاته. فأسماء من كتبوه معروفة، ومنذ البداية يحمل هذا النص المنزّل إسم القرآن، بما أنه موجود داخل متنه المنزّل.
* "القرآن (وفرنسة إسمه هى كورانْ Coran)، يمثل أربعة أخماس العهد الجديد"! أولا الأسماء لا تُفرنس وإنما تكتب كما يتم نطقها. ومقارنة حجم القرآن بالأناجيل لا يهدف إلا إلى حشر معنى التقليل من شأنه. فأى كتاب لا يقاس لا بحجمه ولا بعدد صفحاته وإنما بقيمة ما يتضمنه. و المقارنة هنا بين الأناجيل والقرآن لا يوجد أى وجه تشابه بينهما، فالقرآن منزّل من عند الله والأناجيل تم التلاعب بها حتى تبدلت عدة مرات.
* صفحة 3 : مفاهيم الإسلام : "الله خالق السماء والأرض". عبارة كاذبة مقللة من شأن هذه المفاهيم. فالقرآن يضم أكثر من 500 آية علمية أثبت العلم صحتها. والقرآن يقول : "رب العالمين" ، "وخالق السماوات والأرض" الخ ، وهو مل يشير إلى إتساع السموات والكون نفسه وأنه فى إتساع دائم : "ونحن له موسعون" (51 :47)، بينما الكتاب المقدس يقول أن الأرض مسطحة !
* "الشهادة ، إعلان الإعتقاد فى الإسلام". ودائما تطالعنا العبارات المنتقصة لأن الإعتقاد هو التعبير عن الرأى. وكان يجب كتابة كلمة "الإيمان" حيث تعنى الإنتماء الكامل بالعقل والنفس، وما يؤمن به الإنسان كلية.
* صفحة 4 : معنى رمضان : "رسالة مبلغة" ! وكلمة التبليغ هنا وتعنى توصيل شئ ما لأحد ما ، لتفادى إستخدام كلمة منزّل. لأن شهر رمضان الذى أنزل فيه القرآن وفرض الصيام، الذى هو أحد أركان الإسلام ليس مجرد "توصيل المعلومة". وإنما هو مرتبط بتنزيل القرآن.
* "نحن نعبد نفس الإله" ! عبارة تمثل أكبر فرية وأكبر خدعة يمكن القيام بها. بل أنها تمثل العقبة التى لا يمكن التحايل عليها بين الديانتين. فالمسيحية قائمة على التثليث : الآب والإبن والروح القدس ، الثلاثة متساوون لكن الآب أكبر من الإبن الذى ضحى به الآب ، ومات على الصليب بأيدى من خلقهم. فهل هذا منطقى ؟! بينما الإسلام يقوم بتصعيد مطلق لله : "قل هو الله أحد ، الله الصمد، لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفوا أحد" (سورة 112). لا ، نحن لا نعبد نفس الإله ، إلا أن الإيمان بيسوع كنبى من الأنبياء هو فرض إلهى بالنسبة للمسلمين ، وإلا لا يكتمل إيمانهم.
* "يسوع هو التنزيل النهائى من الله إلى الإنسان". عبارة قامت الكنيسة ومجامعها بفرضها كذبا لغلق الباب أمام رسالة الإسلام وأمام سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ، المكلف بتبليغ رسالة التوحيد الحق.
* صفحة 6 : "الكنيسة تضع الحوار الدينى داخل إطار رسالتها التبشيرية. فالحوار هو حوار خلاص (...) ، والكنيسة يجب عليها هى أيضا أن تبدأ حوار الخلاص مع كافة الرجال وكافة النساء". إنها جملة لا تبرر كل التحريف الوارد بالنشرة فحسب ، لكنها تدل على أن محاولة العيش معا والتفاهم المشترك من هذا المنطلق هى عملية خداع لتتم عملية التنصير فى هدوء.
*مسيحيون ومسلمون نؤمن بنفس الإله ، الإله الحى الذى خلق العالم. وهو ما يمثل دعامة قوية يمكن أن نبنى عليها قداسة أصيلة فى الطاعة والعبادة المقدمة لله". هل يمكن أن يكون المرء أكثر تزويرا ؟ لقد تكررت هذه العبارة القائلة بأننا نعبد نفس الإله ثلاث مرات بهذه النشرة مرة منها فى أحد الأطر. أن هذه الفرية القائلة بأننا نعبد نفس الإله دليل على عملية تزوير كبرى تم نسجها منذ سنين، بخلاف تلك العبارة التى تحاول إضفاء سيادة للمسيحية : "قداسة أصيلة" فى الطاعة والعبادة الموجهة لله. وكأن الإسلام ليس هو العبادة الأصيلة التى لم تتغير أو تتبدل على الأرض.
* صفحة 7 : من "تحديات الحوار : مسيحيو الشرق الأوسط" ! إن هذا الكارت المسمى مسيحيو الشرق الأوسط هى حجة كاذبة تسمح بالتدخل السياسى والدينى الغربى ـ الفاتيكانى فى الشئون الداخلية. إذ لا توجد فى العالم أقلية مسيحية أو غيرها تتمتع بنفس الوضع المميز كالأقباط فى مصر.
* صفحة 8 : فى عام 2007 : "خطاب ال 138 : كلمة سواء بيننا وبينكم" !إن هذا الخطاب الذى علقت عليه فى حينه لكشف خباياه ومحاولة التقليل من مفعوله ، هى خدعة كبرى بكل المقاييس.
* "فى نوفمبر 2008 تم تكوين مجلس بابوى وممثلين من المائة ثمانية وثلاثين من الموقعين على هذا الخطاب بإنشاء فورم كاثوليكى ـ مسلم يجتمع كل ثلاث سنوات". ومما لا شك فيه أنه تم إنشاؤة سواء للحصول على مزيد من التنازلات الجديدة ، مثلما يحدث فى كل لقاء، أو للتلفع ببعض نصوص الإسلام لإعطاء مزيد من المصداقية لمحاولات الفاتيكان المخادعة.
أما الإطارات ، أو تلك المربعات التى تحتوى على بعض الشروح المحددة ، فهى مصاغة بنفس العناية الملتوية للصفحات الثمانية. ورغم كم الأكاذيب الوارد بها سأكتفى بالإشارة إلى إثنين فقط من صفحة 4 لخطورتهما :
* 1 ) : لا يجب علينا أن ننسى أبدا أنهم يمارسون الإيمان بإبراهيم ، ويعبدون معنا الإله الواحد" (وثيقة نور الأمم رقم 16 ، وهى من نصوص مجمع الفاتيكان الثانى، ونقلها أيضا البابا فرانسيس فى خطابه الرسولى "فرحة الإنجيل" بند رقم 252 ).
وكنت فيما مضى قد تناولت هذه الوثائق فى مقال حوار وبشارةوموضوع إنتماء العرب المسلمين ، وكذلك فكرة تنصير المسلمين وفقا للنصوص العديدة لمجمع الفاتيكان الثانى. على أى حال فإن العهد القديم لا يزال موجودا وهو يتضمن سلالة سيدنا إبراهيم. ولا أقول شيئا عن عبارة "الإله الواحد" المنقولة من الإسلام وملصقة بيسوع الثالوثى !
* 2 ) : " نحن ، كلا من، نعبد نفس الإله" ، و "يمكن أن نقول حقا أننا إخوة وأخوات فى الإيمان بالإله الواحد" (البابا يوحنا بولس الثانى ، فى نيجيريا 14/2/1982) !
إن هذا القول أكثر من فاضح لعدم تحرج الكنيسة من أكاذيبها بأننا نعبد نفس الإله ! إن المسيرة التى نسجتها السلطات الكنسية القائلة بأننا مسيحيون ومسلمون نعبد نفس الإله واردة فى أرشيفها. وسواء أكان فى عقيدة الإيمان الصادرة عن مجمع نيقية سنة 235 أو حتى من خلال اللوحات الفنية الدينية التى تعبر عن كيفية تكوين المسيحية عبر القرون ، فهى تعبيرات ثالوثية تمثل الآب والإبن والروح القدس. أما حاليا فإن التزوير يقتدى التقليل من التعبير الثالوثى وإبراز يسوع وحده تعبيرا عن "الإله الوحيد"، "الإله المتفرد" لتسهيل عملية دخول المسلمين المزيفة فى المسيحية.
بينما الأمر بالنسبة للإسلام منذ بداية تنزيل الرسالة، وفى كل النص القرآنى إن الله أعلى بكثير من كافة مخلوقاته ، فهو الإله ، الواحد الأحد ، الذى لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد (سورة الإخلاص). فكيف يمكن كتابة مثل هذه الفريات لمجرد تنفيذ مخطط شيطانى ؟ !
إن القيام بعمل مثل هذه النشرة بكل ما تتضمنه من أكاذيب وفريات لن يمكنه أبدا أن يسمح بتفاهم طيب ولا بتعايش آمن معا بين المسيحيين والمسلمين، لأن ذلك إسمه تزوير وتحريف بكل المقاييس.
ألم يحن الوقت لأن تقوم الكنيسة بالعدول عن كل ذلك التزوير والتحريف الذى قامت به لمدة قرون طويلة ، وأن تعتذر للمسلمين الذين لم تكف عن محاربتهم ؟ ألم يحن أن تعتذر عن كل ذلك الشر المتغلغل ، وأن تكتفى بممارسة مسيحيتها بتواضع مع تنقية كتاباتها من كل التحريف والإضافات البشرية ؟ أن تعيش بلا تعالى أو حب للسيطرة ، أن تعيش بين كل الديانات الأخرى ، بلا أى تمييز أو وقاحة ، وتترك الناس يقومون بإختياراتهم ، بإختيار نسق حياتهم دون التحكم فيهم ؟!
أ. د. زينب عبد العزيز
26 يوليو 2015
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق