الأربعاء، 13 نوفمبر 2013

رسالة إلى " نور الدين"

رسالة إلى " نور الدين"

عبد الرحمن العشماوي




اغرس على كف نور الدين ريحانا واجعل له في رياض الحب بستانا


واجعل له في حنايا القلب مزرعة خضراء تنبت زيتوناً ورمانا


واقرأ على مسمع الأيَّام سيرته فربما وجدت في الناس آذانا


وربما فتحت أبواب همتنا وربما هدمت للوهم جدرانا


وربما أغلقت أبواب حيرتنا وعلمتنا سمواً في قضايانا


يا شاعر الأمل المرجو في زمن ما زال يطعمنا هماً وأحزانا


ما زال يلبسنا ثوب الأسى ونرى فيه المصائب والأحداث ألوانا


اركض بشعرك في ميدان غفوتنا فإننا قد مللنا من دعاوانا


اركض به في ربوع الشام إن بها روضاً قشيباً وأزهاراً وأغصانا


وَزُرْ به حلب الشهباء منطلقاً على حصان الأماني البيض يقظانا


هناك سوف ترى التاريخ مبتسماً وسوف تبصر روض المجد فينانا


هناك سوف ترى لوني وسوف ترى وجهي, وتسمع أصداءً وألحانا


وسوف تبصر " نور الدين " ممتشقاً سيفاً يصد به جوراً وطغيانا


يا حامل السيف, لا ظلماً ولا بطراً فلست تطعمه اهلاً وجيرانا


ولا ضربت به رأس البريء ولا روَّعتَ ليلى ولا جندلت " عثمانا"


سألت عنك ثرى الأمجاد في حلبٍ فراح يخبرني عن بعض ما كانا


عن البصيرة لم تجعلك متكئا على الأعادي ولم تجعلك حيرانا


عن العقيدة والإيمان عشت بها شهماً وزدت بها عـزاً وسلطانا


عن الجهاد الذي لقنت من كفروا به دروساً وما أهملت ميدانا


عن منبرٍ لم تزل تبني قواعده وأنت تهفو إلى تحرير أقـصانا


وأنت تسعى إلى تطهير ساحته ممن يدنسها ظلماً وعدوانا


بنيته ما أعرت الساخرين بما صنعت سمعاً ولا أشغلت وجدانا


سألت عنك ثـرى الأمجاد في حلب فزادني عنك تفصيلاً وتبيانا


أفادني أنك استصغرت من فسقوا ولم تُقـِم لهمو في النفس ميزانا


تُحيي مساءك بالطاعات مبتهلاً إلى الهك تقديساً وإيمانا


الناس في غفوة كبرى وانت على أريكة الحزن تجري الدمع هتانا


تبكي وما كنت خَوَّاراً ولا وجلاً من العدو فكم جندلت فرسانا


لكنها غيرة الحـر التي زرعت في قلبك الحـر آلامـاً وأشجانا


ما كنت ذا خلق فظ تعيش به فظاً ولا كنت سبَّاباً ولعَّانا


كّبرت لله تكبيراً اثرت به مرابع الشام آكاماً ووديانا


يا رافع السيف في وجه العدو . أقم هنا قليلاً ووجِّه طرفك الآنا


انظر تَجِد أن سيف الظلم منصلت على الرقاب وأن الوهم قد رَانا


وأن أمتنا يا ويحها اختلفت وأصبحت لانشقاق الصف عنوانا


وأنها كتبت عهد الخضوع إلى أعدائها وارتضت ذلاً وإذعانا


وأنها قدَّمت في ظلِّ رهبتها كرامة النفس للأعداء قربانا


تعال وانظر إلى قومي فسوف ترى حرباً ضروساً وتشريداً وخذلانا


وسوف تبصر أخلاق البسوس وقد ضمت محاجرها عبساً وذبيانا


وسوف تبصر جزراً لا أمتدادَ له فلم تلامس أكـف البحر شطآنا


وسوف تبصر في الأرض التي ازدحمت بالناس موجاً رمادياً وبركانا


وسوف تبصر ألقاباً وأوسمة خدَّاعةً وترى لهواً وعصيانا


وسوف تبصر أحزاباً مفرقةً لكل حزب ترى نهجاً وعنوانا


فبعض قومي يرى الإسلام صفقته به يتاجر تضليلاً وإدهانا


وبعض قومي يرى الإسلام ممسحةً بها يمسِّح أخطاءً وأدرانا


وبعض قومي يرى في شرع خالقنا رجعية أفقدتنا طعم دنيانا


وبعض قومي يظن الدين تسلية ويحسب الرمل والأحجار مرجانا


ضعنا وربك بين القوم واحترقت أوراقنا وغرقنا في رزايانا


كنا على شفة التاريخ أغنية فكم تغنَّى بنا زهواً وغنانا


واليوم يصرف عنا وجهه أسفاً مما جنيناه حتى كاد ينسانا


يا فارس الشام – لا تسأل- فأمتنا قد أهملت بعدك الأقصى ولبنانا


وضيعت بعدكم سيناء كاملة وضيعت يا رفيع القدر جولانا


واشعلت في الكويت النار تحرقنا بها وتهتك في عنف صبايانا


قد جمّع القوم يا " محمود" أسلحةً واستنفرونا زرافاتٍ ووحدانا


ما أرسلونا إلى كابول ننقذها ولا دعونا إلى تحرير أقصانا


بل وجَّهونا إلى تمزيق أمتنا وصيَّروا جيلنا المأمول قطعانا


المسرحيات ما زالت تفاجئنا صبحاً مساء وإسراراً وإعلانا


والمخرجون وراء الباب قد وقفوا يرتَّبون على هـونٍ قضايانا


يحركون الدُّمَـى والليل ملتحف بنفسه والرؤى السوداءُ تغشانا


أما وسائل إعلام البلاد فقد أهدت إلى قومنا زوراً وبهتانا


كانت تغطي بدعواها فضائحنا حتى إذا بان وجه الشمس عـَرَّانا


كانت تُطِيلُ حديثاً عن بصيرتنا وتحسب الناس كلَّ الناس عميانا


حتى إذا جرَّت الأحداث مَئزرها في أرضنا كشفت أخفى خفايانا


سلني عن الأمة الغراء كيف غدت تلقي عباءتها تيهاً ونكرانا


سفينة – يا سليم القلب – ما وجدت في لجة البحر والأمواج رُبَّانا


قلنا: " الجهادُ " فقال القوم: يعجزنا قلنا: ألم تبصروا يا قوم أفغانا ؟


ألم ترو ( حجراً ) في ( القدس)يحمله طفل يمزق كوهيناً وكاهانا؟


أما رأيتم حماساً في توثُّبها تصب في كف إسرائيل قطرانا


أما رأيتم أرتيريا التي انتفضت وقلبُها يزدهي عَزماً وإيمانا


أما أطلعتم على بدر وقصتها أما قرأتم – برب البيت – قرأنا ؟!


أما رأيتم لواءَ الحقِّ ترفعُه يدُ ابن تيميَّةٍ في وجهِ قازانا


لولا " الجهاد" لما هزت كتائبنا فـُرساً ولا جلَّلَت بالذلِّ إيِوانا


ولا رددنا جيوش الروم صاغرة ولا كسرنا بسيف الحق صُلبانا


والله ماردَّنا خلف الصفوف سوى خلافنا وانحراف في سجايانا


هو " الجهاد" فإن هانت عزائمنا فما يَضيع الفتى إلاَّ إذا هــانا


إني لأسأل والمأساة تلفحني بنارها وسؤالي صار ثـــعــــبـــانا


إذا غسلنا من الإ يمان أيدينا فكيف نطمع أن الله يرعــــانــــــا؟


هـنا سكتُّ وقد أحسست أن يـداً تمتد نحوي وأن الصخر قد لانا


فاهتز قلبي وقد وافى إلى أُذني صوت أتاني قويَّ اللفظ رنَّانا


بُنيَّ لا تبتـئس فالكون يملكه ربٌ إذا قال : " كن " في أمرنا كانا


أقول والأرض حُبلى بالخطوب وقد تلقي لكم حملها المشؤوم غربانا


لا تفتحوا لانشقاق الصف نافذة فربما أدخلت جمراً ونيرانا


إسلامكم منهج للخير مكتملٌ ومن يـُجَـزِّئُه يزدادُ خسرانا

عبدالرحمن بن صالح العشماوي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق