الأحد، 24 نوفمبر 2013

"فورين بوليسي": قلة من الرجال الخيَرين في السعودية


"فورين بوليسي": قلة من الرجال الخيَرين في السعودية

خدمة العصر
كتب المحلل الأمريكي وأستاذ العلوم السياسية، مارك لينش، مقالا نشرته، اليوم، مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية عن الحملة القمعية الجديدة التي يتعرض لها الحقوقيون في السعودية، وتحدث مع المحامي المطارد "عبدالعزيز الحصان".

في يوم 11 مارس، ذهب المحامي الحصان لرؤية موكليه محمد فهد القحطاني وعبد الله الحامد، وهما من أبرز الناشطين في مجال حقوق الإنسان في المملكة، في السجن، وعلق على هذه الزيارة بتغريدة قال فيها: "خرجنا للتو من سجن الملز وقد رفضا موكليّ مقابلتنا وهما بالقيد .. وقد رفض مدير السجن فك القيود وطلب منا إحضار أمر من الأمارة"، ونفت السلطات السعودية أن المتهمين قد تم تقييدهما
 على الرغم من شهادات آخرين، ومنهم د.إبراهيم المديمي، عضو فريق الدفاع، الذي غرد على تويتر قائلا: "عدت الآن برفقة الزميل عبد العزيز الحصان من زيارة الحامد والقحطاني، فرفضا مقابلة أحد وهما مقيدا الأرجل..".

إلا أن الحكومة السعودية، كما يذكر كاتب المقال، ساءها إبراز المحامي الحصان لحالة موكليه، وفي أقل من 24 ساعة، وجد المحامي (32 عاما) نفسه، وهو أستاذ زائر في كلية القانون جامعة "إنديانا" الأمريكية، هدفا للحملة نفسها التي تعرض لها موكلاه.
وقد استدعي للاستجواب أكثر حول تغريداته على تويتر، واستُهدف من قبل وسائل الإعلام الموالية للحكومة، وتم التضييق عليه في ممارسة المحاماة من قبل وزارة العدل، متحدية الرخصة القانونية التي تحصل عليها سابقا.

وفي الوقت الذي حاول فيه الناشطون السعوديون مساندة المحامي الحصان في مواجهة المطاردة الأمنية، لم تلق قضيته أي اهتمام دولي تقريبا.
وفي هذا يقول الكاتب: إن هذا تناقض صارخ مقارنة بالاهتمام غير عادي والبناء بنضالات الناشطين في مجال حقوق الإنسان السعودية في وقت مبكر من هذا العام، عندما جرى الحديث عن القحطاني والحامد في صحيفة "واشنطن بوست"، CNN، ومجلة "فورين بوليسي".

ويستدرك قائلا: حتى هذا الاهتمام لم يكن كافيا: ففي 9 مارس، حكم على القحطاني بالسجن 10 سنوات والحامد بخمس سنوات بسبب أنشطتهم السياسية.

وما كُتب عنهم لا يعني أن الولايات المتحدة انتصرت لقضية الحامد والقحطاني. فقد أعرب المتحدث باسم وزارة الخارجية عن قلق عام في رده على سؤال، ولكن لا وزير الخارجية، جون كيري، ولا المدعي العام، ايريك هولدر، صرحا علنا بشيء معتبر بخصوص قضية مطاردة الحقوقيين خلال زياراتهم للمملكة العربية السعودية، والتي تمت في وقت قريب من إصدار الحكم.

والآن، كما يعلق الكاتب، اختفت قضايا حقوق الإنسان السعودية إلى حد كبير من جدول الأعمال الدولي، فمنذ مارس الماضي، ركزت وسائل الإعلام على السماح للمرأة السعودية بركوب الدراجات وممارسة الرياضة في المدرسة أكثر من اهتمامها بحملات التضييق على الحقوقيين.

ويمثل هذا تراجعا صارخا من بداية هذا العام، عندما بدا أن الإصلاحيين يحصلون على بعض الزخم إلى جانبهم. في ذلك الوقت، كما يورد المقال، انتهجت جمعية الحقوق المدنية والسياسية في السعودية (حسم) إستراتيجية جديدة في تحدي الحكومة في المحاكم. والتفاعل السريع والكبير للمغردين في التويتر كشف وبشكل غير مسبوق عن رأي عام مستقل في السعودية، وسلط الضوء على مجموعة واسعة من الآراء المعارضة، وقوض الجهود الرسمية للسيطرة على شروط النقاش.

كما استمرت الاحتجاجات والاشتباكات في المنطقة الشرقية ذات الأغلبية الشيعية. وحتى أكثر إزعاجا للنظام، تحركت المظاهرات في المناطق السنية مثل البريدة والرياض.
وفي شهر مارس نفسه، نشر الشيخ سلمان العودة، صاحب الشعبية الواسعة، رسالة مفتوحة للنظام، محذرا إياه من أن "الناس هنا، مثل الناس في جميع أنحاء العالم، لديهم مطالب، أشواق وحقوق، وأنهم لن يظلوا صامتين إلى الأبد عندما يحرمون من كل أو بعض حقوقهم".

ويقول الكاتب إن المحامي الحصان هو حاليا في الولايات المتحدة، حيث يخطط لموعد أكاديمي مؤقت.
خلال محادثة في واشنطن هذا الأسبوع مع كاتب المقال (مارك لينش)، أكد الحصان أن ما جرى لم يكن مجرد مسألة شخصية: "قال لي إن قضيته كانت جزءا من حملة أوسع نطاقا على ناشطي حقوق الإنسان والمحامين والمصلحين".

وأضاف: منذ الحكم على القحطاني والحامد في شهر مارس، شن النظام السعودي هجوما ضد ناشطي حقوق الإنسان والمتظاهرين السنة. وكان ناشطون ومحامون قد تعرضوا للمضايقة، مثل فوزان الحربي وعبد الكريم الخضير، وتم التحقيق معهم، واعتقلت قوات الأمن مئات المتظاهرين، واحتجزت العديد منهم لعدة أسابيع دون مقابلة المحامين. ويبدو أن الحكومة السعودية مصممة أيضا على استكشاف إمكانيات لرصد ومراقبة وسائل الإعلام الاجتماعية، وخاصة تويتر.

وبدا أن الاستجابة المحدودة تجاه موجة الاعتقالات من المجتمع الدولي والشارع السعودي، شجعت النظام على المضي في حملته، كما يرى المحامي "الحصان". وأشار إلى أن اعتقال القحطاني والحامد لم يدفعا باتجاه تعبئة ضخمة كما حصل في الكويت خلال القبض على المعارض السياسي "مسلم البراك"، والذي حظي بكثير من الاهتمام والمتابعة من وسائل الإعلام الدولية.

لكن "الحصان"، مثل العديد من الإصلاحيين السعوديين، يرى أن الشعور بتحكم النظام ليس إلا وهما. ويقول عن هذا: "حتى لو أن الثورة قد لا تحدث في وقت قريب، فإنه سيكون من الخطر الافتراض أن السعودية سوف تكون إلى الأبد "مملكة بلا مفاجآت".

ويضيف أن الغضب الآن الذي يجد متنفسا له على تويتر يجسد حجم الإحباط الحقيقي الذي تشعر به شريحة واسعة من المجتمع السعودي. ضعف المجتمع المدني قد يبدو وكأنه ميزة للنظام، لكنه يمكن أيضا أن يجعل الأمر أكثر صعوبة للتحكم في حركة احتجاج منضبطة وغير عنيفة خلال الجولات المقبلة من النضال الشعبي.

وهناك أصوات ثورية قليلة ناطقة ​​حتى الآن في المملكة العربية السعودية، كما يورد الكاتب. وأكثر ناشطي حقوق الإنسان والمجتمع المدني في السعودية يصرون على المطالبة بإصلاحات التي تعزز الشفافية، والمساءلة، وسيادة القانون، وليس تغيير النظام.

ويرى الكاتب أنه ينبغي على الرياض مد يد الحوار مع الإصلاحيين بدلا من حبسهم واستجوابهم ومضايقتهم أو دفعهم للسفر إلى الخارج. ويضيف ناصحا: ينبغي أن يكون هناك نظام سياسي مستقر قادر على إتاحة الفرصة لمشاركة الإصلاحيين دون خوف من الانتقام، وينبغي أن يرحب بالمطالب والنداءات السلمية من أجل الشفافية والمساءلة.

ويمكن للسلطات السعودية، كما يقول الكاتب، رؤية ازدياد شعبية تويتر باعتبارها ظاهرة إيجابية: مساحة مفتوحة بناء لمناقشة المشاكل في المملكة وتطوير حس المشاركة المدنية. ولكن مثل العديد من أنظمة الخليج، كما يستدرك الكاتب، فإن السعودية عازمة، على ما يبدو، على إسكات المعارضة، واللعب على الانقسامات الطائفية، والاستفادة من اللامبالاة الدولية تجاه سلوكها المحلي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق