عندما قال السفير التركي لعبدالناصر: أنت لست جنتلمان!
"التاريخ يعيد نفسه" عبارة استدعاها نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي في تغريداتهم وتعليقاتهم حول قرار السلطات المصرية السبت طرد السفير التركي في القاهرة.
اشتعلت هذه المواقع بصورة لصفحة من أرشيف جريدة الأهرام المصرية تروي خبرا لقرار مماثل اتخذته الحكومة المصرية ضد البعثة الديبلوماسية التركية قبل 60 عاما.
ففي الرابع من يناير/كانون الثاني 1954، أصدرت الحكومة المصرية قرارا نص على رفع الحصانة الديبلوماسية عن فؤاد طوغاي سفير تركيا في القاهرة، واعتباره شخصا عاديا مع طرده من مصر وإبلاغ هذا القرار للحكومة التركية.
نشرت جريدة الأهرام في عدد 5 يناير/كانون الثاني 1954 الخبر، على صدر صفحتها الأولى تحت عنوان بالبنط العريض "طرد سفير تركيا من مصر، لحملاته المستمرة على سياسة قادة الثورة وتوجيهه ألفاظا نابية لجمال عبد الناصر ".
وتمضي الأهرام في سرد حيثيات قرار مجلس الوزراء آنذاك "في مساء 2 يناير بمناسبة افتتاح وزارة الإرشاد لموسم دار الأوبرا، دخل البكباشي جمال عبد الناصر فصافح سفير الهند، ثم أبصر السيد طوغاي في أحد أركان الغرفة فحياه بكلمة هالو ولكن السيد طوغاي بدلا من أن يرد التحية وجه إلى البكباشي جمال بصوت عال عبارات أقل ما توصف به أنها لا يمكن أن تصدر من شخص مسؤول فضلا عن ممثل دبلوماسي مفروض فيه الكياسة التامة في الحديث وأول واجباته التزام الحدود".
وتابع خبر الأهرام سرد الوقائع "قال السيد طوغاي للبكباشي جمال عبد الناصر : إن تصرفاتكم ليست تصرفات جنتلمان ولن تكون هناك أية صداقة بيننا وبينكم".
"ولم يشأ البكباشي جمال أن يرد عليه بل اكتفى بأن أدار ظهره في هدوء وأخذ يواصل حديثه مع سفير الهند ووزير السويد المفوض".
وكان عبدالناصر نائبا لرئيس مجلس الوزراء المصري في تلك الفترة.
وبعد أن ذاع الخبر، نشرت الأهرام أن مواطنا مصريا بعث برقية إلى "السفير الطريد يطلب فيها مبارزته ردا على الألفاظ النابية التي وجهت إلى مصر ورجال الحكومة فيها". ونسبت الصحيفة إلى طوغاي وصفه مصر بـ"البلد القذر" في حفلة رسمية تجاهل دعوة أي من ممثلي الحكومة المصرية لحضورها.
وفي العدد ذاته من الأهرام، كتب الصحافي الشهير أحمد الصاوي محمد على الصفحة الأولى مقالا دعا فيه إلى المقارنة بين الحالين في تركيا ومصر، وانتهى إلى وصف الديبلوماسية التركية بـ"الكسيحة العرجاء، الديبلوماسية التي تجهل الديبلوماسية".
وكتب محمد "إن نظرة واحدة على شوارع إستانبول وأنقرة حيث البؤس والفقر المدقع لتدلك على الفرق الشاسع بين ما بلغته مصر في سنوات قليلة، وما لا تزال ترزح تحته تركيا من أثر التعصب والجمود والفاقة".
بعد مرور 60 عاما عن هذه الواقعة، تعود نفس السحابة تقريبا لتغطي سماء العلاقات الديبلوماسية بين البلدين، هذه المرة الاحتجاج المصري ليس ضد السفير التركي بل ضد رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان الذي اتهمه بيان وزارة الخارجية المصرية بالتدخل في شؤون بلادها و"دعم تنظيمات تعمل على زعزعة الاستقرار في مصر والقيام بتغليب المصالح التركية على المصالح بين البلدين".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق