الأربعاء، 27 نوفمبر 2013

مرسي الذي لا نعرفه

مرسي الذي لا نعرفه

أحمد فهمي 
للأسف لا يعلم أغلب المصريين أيَّ رئيس أضاعوا، وأيَّ رئيس سمحوا لطغمة مبارك بالانقلاب عليه..
الأغلبية لا تعرف الدكتور محمد مرسي بالدرجة الكافية..
إنه الرئيس الذي استطاع الانقلابيون أن يلفقوا له قضايا قتل وتخابر، بينما عجزوا تماما عن تلفيق قضية فساد واحدة..
من يطلع على سيرة الرئيس مرسي السياسية، يجد عجبا..
أبرز سماته الشخصية هي الجسارة والإقدام،بمجرد عودته من أمريكا للعمل في جامعة الزقازيق، أثار أزمة عندما وقف أمام مدير الجامعة ينتقده في اجتماع لهيئة التدريس، ويقول له أنت "أستاذ" مثلنا فلا تتجاوز..

في الحملات الانتخابية كان يتقدم الحملة بسيارته عندما يخشى أنصاره من هجمات البلطجية، وفي إحدى المرات اصطدم مع ضابط أمن دولة يقوم بإرهاب الناس في لجنة انتخابية، فأسمعه د. مرسي كلاما قاسيا وأهانه أمام الناس، ونهره بشدة، وكان هدفه أن يطرد الرهبة من قلوب أنصاره من أجهزة القمع..

يصفه المقربون منه بأنه "رجل لا يخاف"..

فاز في انتخابات عام 2000م البرلمانية، وكانت سيارته حتى ذلك الحين "بيجو 504" موديل 1979م، لكنه على مشارف البرلمان اضطر لشراء سيارة جديدة، لكنها تعرضت لحادثة بعد فترة، واضطرت جماعة الإخوان إلى مساعدته في تصليحها بسبب عدم استطاعته ماليا..

كان يدفع من جيبه مبالغ صغيرة لكثير من أبناء دائرته الفقراء على سبيل المساعدة، وخرج من البرلمان دون أن تزداد ممتلكاته أو تتضخم أرصدته في البنوك..

اشترك مع مجموعة من زملائه في "اتحاد ملاك" ليمتلك بعدها شقة في الزقازيق، ولا توجد له ممتلكات أو عقارات أخرى ذات قيمة كبيرة، وعندما انتقلت أسرته إلى شقتهم الجديدة، نصحه زملاؤه في الجماعة بأن يترك شقته المستأجرة- على القانون القديم- حتى لا يتعرض للوم والانتقاد من الناس بسبب جمعه بين مسكنين في مدينة واحدة، وهو الأمر الذي يفعله آلاف المصريين بدون استنكار، لكن الدكتور مرسي ترك الشقة عن طيب خاطر..

تولى مسئولية قسم الطلاب في جماعة الإخوان المسلمين، كان خلالها منغمسا بين الطلاب متابعا لمشكلاتهم، وكان من النوع الذي يتفانى في العمل على مدار اليوم بلا كلل أو ملل، وكان معروفا باعتنائه بأدق التفصيلات في كافة المجالات، حتى أنه قدم نصحه ذات مرة للقياديات المنتميات للإخوان أن يخلو حجابهن ولباسهن من الألوان المزركشة..

تولى مسئولية القسم السياسي في نهاية التسعينيات، ولم تستفد أسرته من دخوله عالم السياسة إلا تعرضها للضغوط بصورة متزايدة، مما اضطر معه ابنه الأكبر للسفر إلى الخارج ليعمل طبيبا براتب 5-6 آلاف ريال، وعجز حتى وهو رئيس للجمهورية عن أن يعين أولاده في وظائف ينالها كثير من الناس، بل إن ابنه الأصغر حصل على مجموع متوسط في الثانوية العامة وأبوه رئيس الدولة..

كان يعمل معه أثناء نيابته في البرلمان، فريق عمل يضم تخصصات عديدة، يساعدونه في إعداد الاستجوابات والطلبات وخلافه، قدم خلال تلك الفترة استجوابات تاريخية أبرزها الاستجواب المتعلق بحادثة القطار الشهيرة، وهو الاستجواب الذي حاولت الحكومة الهروب منه بإقالة الوزير ليسقط استجوابه، لكن الدكتور مرسي كان فطنا وقدم استجوابه لرئيس الحكومة..

من المواقف التي تثبت كفاءته السياسية، أنه كلف فريق العمل في الزقازيق بإعداد استجواب في قضية هامة يحين موعد مناقشتها بعد أسبوع، ثم تركهم وغادر للقاهرة لحضور الجلسات، ليفاجئ بأن مكتب المجلس قرر تقديم موعد الاستجواب إلى اليوم التالي لكي يربكه، فما كان منه إلا أن سهر على إعداد الاستجواب بمفرده مستعينا بعد الله بخبرته الفنية، وذاكرته الحديدية، فكان من أقوى استجواباته خلال السنوات الخمس..

تميز أداؤه داخل المجلس بقدرة كبيرة على التوازن، مع جرأة المواقف، وحدة النقد، وهو ما أجبر خصومه على احترامه..

بعد أدائه المتميز كان لابد أن يسقط في الانتخابات التالية، وكان بالفعل يتوقع ذلك، لكنه أصر على المشاركة رغم اعتقال أغلب الكوادر المهمة في الجماعة قبل الانتخابات بثلاثة شهور..

دفع الحزب الوطني بأحد ضباط أمن الدولة السابقين لينافس د. مرسي في دائرته، برغم ذلك تغلب مرسي عليه بفارق أصوات يصل إلى خمس أضعاف تقريبا، لكن القاضي المشرف على اللجنة أعلن فوز ضابط أمن الدولة وهزيمة مرسي.. -



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق