الاثنين، 14 يوليو 2014

غزة و«مسر الحضن» وبُخل المصريين!


غزة و«مسر الحضن» وبُخل المصريين!

شريف عبدالغني

 الدنيا في مصر هذه الأيام مقلوبة ومنقلبة.لا تأخذكم الظنون وتعتقدون أن السبب هو ذبح غزة، فقد قضي الأمر وأصدرت «مصر العروبة والفكاكة والكفتة» حكمها الحاسم الباتر بأن «غزة إرهابية» وأنها الفرع الإخواني في فلسطين، لذلك وجب على الشعب الدعاء بعد الإفطار للرجل الشهم الطيب «نتنياهو» أن يسدد الله خطاه و»يطهر» هذا القطاع من «الشرذمة الحمساوية قادر يا كريم».أما سبب «الانقلاب» في مصر، فهو أمر آخر. وبداية أوضح أن كلمة «انقلاب» مقصود بها تغير لهجة وطباع الناس وحدتهم في الكلام، وليس المقصود بها «الانقلاب» إياه. مصر أساسا ليست بلد انقلابات، مصر بلد ثورات، ويشهد على ذلك برلنتي عبدالحميد زمان وإلهام شاهين الآن!
هل انتهى شهر العسل بين «شعب علي الحجار» ونظام حكمه، والذي نزل ليفوضه بمواجهة العنف والإرهاب المحتمل، ثم رقص أمام اللجان كي يأتي به ليركب الشعب ويدلدل رجليه؟
المؤشرات تحمل الكثير من الدلالات.لو قابلت -دون ترتيب- أي مواطن عشوائي في منطقة عشوائية، فستجده يسب ويلعن في البلد والعيشة واللي عايشينها، ويحلف طلاق تلاتة إن حكومتنا حكومة ولا مؤاخذة «............» رفعت الأسعار على الغلابة عشان عاوزة تنضف الدولة منهم. 
إذا كلمته بالمنطق: لكن يا مواطن اصبر واتحمل شوية عشان خاطر «مسر».. «مسر الوطن».. «مسر الحضن».. «مصر المأوى».. «مسر المستقر».. «مسر الهرم».. «مسر فيفي عبده». وقتها ستجده لن يعمل حسابا لحرمانية الشهر الفضيل، ويطلق من أنفه أصواتا قبيحة تدل على الامتعاض والتأفف وفق ثقافة أولاد البلد، قبل أن يقول لحضرتك: غور من وشي الساعة دي.. أحسن ورحمة «مسر الحضن» أخدك حضن وتحرش، ومش مهم اتسجن 6 شهور، بدل ما اقطع طريق واخد إعدام!
طبعا بعد كلامه ستأخذها من قصيرها وتمشي.. العمر مش بعزقة.. صحيح التحرش أصبح أمرا عاديا في «مسر الحضن» بسبب أن الشعب فرحان وبـ «يهيص شوية» كما قالت الست المذيعة، لكن الصحيح أيضا أن التحرش قد يصل لمرحلة أخرى من ذلك «التهييص» الذي حدث لـ «الفتيات الإرهابيات» في المدرعات وفنادق «الـ5 نجوم» التي يسميها الأوغاد من أعداء الوطن «سجونا ومعتقلات».
إذن لنذهب إلى منطقة أخرى غير تلك العشوائيات بمواطنيها العشوائيين الناقمين على «مسر الحضن». أينما وليّت وجهك في المحروسة ستجد الشكوى لدرجة أنه سعادتك لو قابلت السيدة حرمك المصون -صدفة- في الشارع، خارجة من بيت أبوها ورايحه بيت الجيران، ستجدها أيضا ممتعضة وناقمة على الحياة معك.تقول لها: وأنا ذنبي إيه في اللي بيحصل.. يعني أنا.. ولا كنت أنا.. ولا يمكن أنا اللي زودت الأسعار وخليت الحياة نار؟
تجيبك: اتصرَّف.. اعمل زي الناس.. شوف لك «بيادة» بوسها.. ولا واحد ما يعرفش الألف من كوز الدرة وقول عليه إنه حكيم عصره وعنتر زمانه وحسين فهمي أوانه.
ثم تضيف: أنا كان مالي والجوازة المهببة دي.. ما كنت اتجوزت أي تاجر خردة أو «مواطن شريف» كان الحال بقى أحسن.. وكانت «مسر الحضن» خدتنا في حضنها وضللت علينا وشالتنا في نني عينيها.
المؤسف أن وسائل الإعلام العالمية، من أول «سي.أن.أن» الله يلعنها حتى «بي.بي.سي» ربنا يولع فيها بجاز، لا تعرف حقيقة ما يدور في مصر. وتنقل كلام ذلك المواطن العشوائي، وتلك الزوجة المفترية على أنه أمر مسلّم به، أو حقيقة دامغة لا يأتيها الباطل من فوقها أو تحتها. لم تتحرَّ تلك الوسائل المعادية الإخوانية الإرهابية الدقة، لم ترسل مندوبيها المأجورين الممولين من خيرت الشاطر، إلى أساتذة علم نفس ليدرسوا نفسية المصريين وشخصيتهم وتفكيرهم، لو فعلوا هذا لربما عرفوا الحقيقة وأدركوا أن ما يقوله العشوائي والمفترية ليس إلا وسائل تمويه وفق قاعدة «داري على شمعتك تقيد».
نعم يا سادة.. وصلنا إلى مربط الفرس.المصريون شعب غريب.. عجيب.. بحوره غريقة.. حتى تعرف معالم ومكامن جغرافيته وشخصيته فإنك تحتاج إلى كريستوفر كولومبوس ليكتشفها.
هل هناك مواطن في الدنيا كلها يقول لك صفة وهو يقصد عكسها تماما.
ذات مرة قابلت اثنين بلدياتي من القرية، مررنا سويا على قصر فخيم، وجدت أحدهما فجأة يقول منبهرا إنه دخل هذا القصر وأنه «خراب من جوه.. خرااااب». قلت: «خراب ازاي.. وانت منبهر كده». فتدخل ثالثنا وأفصح عن المعنى: «خراب.. يعني عمار.. روعة.. مدهش.. تحفة»!
إذن نحن شعب عصيّ على الفهم، ولأني فهمت نفسية شعبنا فقد توصلت إلى أن الهدف من الشكوى عمَّال على بطّال من غلاء الأسعار، هو بخل المصريين وخوفهم من الحسد!!
نعم نحن شعب بخيل طماع، نترك أموالنا في بلدنا «مسر الحضن» ولا نصرف منها ونهاجر إلى مشارق الأرض ومغاربها، للتكويش على الثروات. نجعل اللي يسوى واللي ما يسواش يتحكم فينا من أجل حفنة دراهم، البحر يحب الزيادة.. اترك أرصدتك هنا واهجر أهلك وناسك واذهب إلى أي بلد تانية و «حوّش» كام ورقة دولارات من النوع الأخضر كل شهر، الدولار الأخضر ينفع في اليوم الأغبر.المصريون من بخلهم يتركون الأحياء الراقية ويسكنون العشوائيات، المواطن منهم يلفظ الحياة الرغدة في «المهندسين» ويذهب إلى حي «بولاق» الفقير الملاصق حتى يبعد «العين» عن نفسه، تجد الرجل وزوجته وتوابعهما من العيال يرفضون الذهاب كل فترة إلى الفنادق والراحة في «سويت» و «البلبطة» في حمام السباحة، ويفضلون من شدة حرصهم على المال التكدس في شقق وغرف ضيقة. البعض يتطرف ويسكن المقابر، حتى يوهم الناس أنه فقير، وفي الصيف يتخلون عن السواحل الخلابة حيث الماء والخضرة ووجه لميس الحديدي الحسن غصب عنهم، ويجلسون على شط الترعة.
أيها العالم اللي مش فاهم حقيقة «مسر الحضن».. أيها الإعلام الكاذب الضال المضلل.. أيتها الـ»CNN» العميلة..
 أيتها الـ»BBC» المأجورة.. «مسر الحضن» ليست فقيرة.. الأسعار فيها رخيصة والفلوس على قفا من يشيل «مسر الحضن» غنية.. والحياة فيها لونها بمبي.. واللي مش مصدق يجي جنبي!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق