الأحد، 20 يوليو 2014

غزة تدافع عن كرامة الأمة


ينافس براد بيت وعبدالفتاح القصري!

          شريف عبد الغني

احترت في تفسير ظاهرة «الخيبة الثقيلة» التي ابتلى بها القدر الأمة مؤخرا.
أسمع الآن من يسألني: تطلع إيه الخيبة الثقيلة دي؟
نعم!! حضرتك يا قارئ مش عارف تطلع إيه، أو يطلع مين «الخيبة الثقيلة».
عموما إذا كنت لا تعرف فهذه خيبة أكبر، وإذا كنت تعرف وتتحايل بأنك لا تعرف خوفا من «الخازوق الديمقراطي»، فهذا عذر مقبول. لكن لو كنت صادقا ولا تعرف فعلا، فأنا سأعرفك والأمر لله من قبل ومن بعد.
قرأت بحثا صدر في الولايات المتحدة عن «القيادة الفاشلة»، خلص إلى أنها تجمع بين 10 خصائص هي:
1 - غياب الحماس والطاقة وغلبة الكسل والتقاعس على هذه القيادة.
2 - البحث الدائم عن أعذار لتبرير الإخفاقات والمبالغة في تحديد أهداف متواضعة، والاحتفاء بأي إنجاز تافه.
3 - لا يوجد لديها رؤية أو قدرة على تخيل الخطوات المقبلة اللازمة للنجاح (لا توجد خطة عمل).
4 - خلل في الحكم على أداء الأشخاص واستعداد دائم لتقريب المادحين.
5 - تجنب النظراء أو أصحاب الشخصيات القوية ومن لديهم رؤى مغايرة.
6 - غياب المصداقية الناتج عن رفع الشعارات أمام الآخرين ومخالفتها بعيدا عن أعينهم.
7 - رفض الأفكار الجديدة واتهام أصحابها بأنهم غير واقعيين.
8 - عدم التعلم من الأخطاء لأنهم عادة يلقون بالخطأ على الآخرين.
9 - غياب المهارات الشخصية اللازمة للقائد، مثل عدم تشجيع الآخرين وإعطائهم الإحساس بالأمان بل ربما التقليل من شأنهم وأهمية ما يقومون به من عمل.
10 - يركزون على أنفسهم ولا يسعون لمساعدة الآخرين من المحيطين بهم ومساعديهم على التطور واكتشاف مهاراتهم المستقلة.
قبل أن تمعن النظر والتأمل في النقاط العشر السابقة، أطلب أولا من أي قارئ يؤمن بالمثل الشهير»اللي ييجي من الغرب لا يسر القلب»، أن يراجع نفسه. فهذا البحث بالتأكيد يسر القلب والعين أيضا. إنه يحدد تماما موضع «الداء العربي» وأهم عائق أمام تقدم أمة كاملة تزيد عن 300 مليون نفس.
من يطبق هذه النقاط العشر على حكام من نوعية زين العابدين بن علي وحسني مبارك ومعمر القذافي وبشار الأسد وعلي عبدالله صالح، أو الذين يحاولون بشتى الطرق تجنب المصير نفسه مثل «الخيبة الثقيلة»، سنجد أنها وكأنها عباءة «كل حسب ملابسه» فصّلها أحسن ترزي بلدي عليهم. فكلهم لم يعرفوا شيئا اسمه «خطة عمل» ودائما يرفضون الأفكار الجديدة ويقربون منهم «المادحين» والمناقين، وجميعهم فاقدون للمصداقية، ودائما لا يعترفون بخطأ وإنما يعلقون فشلهم وإخفاقاتهم على عوامل خارجية قد تكون «مؤامرة إسرائيلية» أو «نكاية إمبريالية» أو «خدعة استعمارية» أو «أبله فاهيتا إخوانية»!
ولأن القيادة السياسية في تلك الدول فاشلة تماما، فقد انتقل الفشل إلى كل قيادة صغرت أو كبرت في مختلف المواقع، وأصبح كل منها صورة مصغرة من الحاكم الفاشل. والنتيجة فساد يشمل كل جوانب الحياة، حتى تحولنا في النهاية إلى دول بـ «لا أخلاق» و «لا ضمير» و «لا يحزنون»، في الوقت الذي ترسخت أقدامنا كدول عامرة بـ «فيفي» و «إلهام» و «يسرا» و «دينا». دينا رجعت كاملة لينا.. والعرب اليوم في عيد.
دولنا الفاشلة خاصة دولة «الخيبة الثقيلة»، تفتقد ما يسمى «الحاكم المستنير».
هتسألني حضرتك: إيه المقصود باستنارته؟
وأجيبك: الاستنارة لا تفهم إلا في ضوء أن الحاكم لا يعتبر نفسه أسير المجتمع الذي يحكمه، وإنما هو مصلح له مستخدما سلاح العقل وأدوات الإكراه المشروع التي تملكها الدولة. مثلا دولة «الخيبة الثقيلة» مشهورة بالفهلوة. كان المفروض أن يعمل قائدها على تغيير هذا السلوك، أو على الأقل مقاومته، لكنه انتهجه لنفسه، بل وزاد عليه الجديد من السلوكيات التافهة من أول «الفكاكة» وحتى «الهطل».
هناك على مدار التاريخ حكام بالفعل، لم يستسلموا لسلوكيات شعوبهم. فريدريك الثاني الإمبراطور الروماني، وجورج واشنطن في الولايات المتحدة، ومحمد بن طولون ومحمد علي ومحمد مرسي في مصر كانوا أقوى من المجتمعات، التي عاشوا فيها، وكانوا إضافة لها حين عملوا على تغييرها. كلهم -ما عدا مرسي- أخذوا فرصتهم وغيروا مجتمعاتهم.
فريدريك الثاني (1194-1250) مثلا أسس جامعة نابولي عام 1224م وجعل من جامعة ساليرنو أفضل مدرسة طب في أوروبا. وقد أعجب فريدريك الثاني بالثقافة العربية الإسلامية وشجع دراستها والترجمة منها. وأصبحت صقلية في عهده مركزًا هامًا لانتقال الحضارة الإسلامية إلى أوروبا. وقد أغضب اهتمامه هذا رجال الدين فاتهموه بالهرطقة أو الخروج عن الدين.
جورج واشنطن (22 فبراير 1732 - 14 ديسمبر 1799)، أول رئيس للولايات المتحدة. وضع الكثير من السياساتِ والتقاليد التي هي حتى الآن موجودة، وأسهمت في النهضة الكبرى لبلاده، حتى أن العلماء يصنفونه مع أبراهام لينكون بين أعظم الرؤساء الأميركيين.
أما محمد علي باشا (4 مارس 1769 - 2 أغسطس 1849)، باني مصر الحديثة وحاكمها ما بين 1805 – 1848، فقد كان طموحًا بمصر ومحدثًا لها ومحققًا لوحدتها الكيانية، وجاعلا المصريين بشتى طوائفهم مشاركين في تحديثها والنهوض بها. وتمكن من أن يبني من مصر دولة عصرية على النسق الأوروبي.
المفارقة أن محبي وعبيد «الخيبة الثقيلة» يقولون إنه «كوكتيل» من كل هؤلاء الحكام، وفوق ذلك فهو أجمل من براد بيت وأكثر فحولة من كلارك جيبل، وأخف ظلا من عبدالفتاح القصري.
في الحقيقة عندهم حق في الأخيرة. هو فعلا -بعين المنصف- خفيف الظل ومسخرة بين زملائه!
 shrief.abdelghany@gmail.com
@shrief_ghanyShare on facebookShare on twitteShare on gmaShare on emailShare on favoritesore Sharing Service

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق