الورقةالمصرية:
ما هو أبعد من الغطاء السياسي لجرائم نتنياهو ..
نزع سلاح المقاومة
الترجمة:خدمة العصر
كشفت مصادر إعلامية إسرائيلية أن المصريين نسقوا المبادرة مع تل أبيب وأبلغوا الإسرائيليين، مسبقا، أن حركة حماس لن توافق على الاقتراح وعلى وقف إطلاق النار، ومن هنا فإنهم ينوون عرض اقتراحهم على جامعة الدول العربية، لاستصدار بيان يتبناه، وهو ما اعترفت به القناة العاشرة بالقول إن "الخارجية المصرية أصدرت بيانها، المتضمن اقتراح وقف إطلاق النار، مع علمها المسبق بأن حماس سترفضه".
وأما عن الوفد الإسرائيلي للمفاوضات، فيضم رئيس الشاباك يورام كوهين، ورئيس الدائرة السياسية والأمنية في وزارة الدفاع اللواء عاموس غلعاد، المعروف بعلاقاته الجيدة مع الجانب المصري، إضافة إلى مستشار رئيس الحكومة الإسرائيلية، يتسحاق ملوخو.
وقد تلقفت إسرائيل المبادرة المصرية التي رأت فيها طوق نجاتها من مأزق الخيارات في مواجهة إصرار المقاومة وكذا تلبية لمطالبها الأساسية، وذهبت حتى النهاية في توظيفها السياسي والدعائي، من أجل تبرير قرارها بتوسيع دائرة العدوان ضد قطاع غزة.
إذ بعد ساعات من موافقة المجلس الوزاري المصغر على الاقتراح المصري لوقف النار، توعّد بنيامين نتنياهو قطاع غزة بمرحلة جديدة من العدوان، مهددا حماس بأنها ستدفع ثمن رفضها لاتفاق التهدئة.
وفي سياق تسويق العدوان الإسرائيلي كما لو أنه "دفاع عن النفس"، مستخدما المظلة السياسية التي وفرتها المبادرة المصرية، صرح نتنياهو قائلا: "حماس لم تُبق أمامنا من خيار سوى توسيع الحرب ضدها".
ويرى مراقبون أن التحرك المصري بعد سبعة أيام كاملة من الصمت المريب جاء لإنقاذ المأزق الصهيوني الميداني والسياسي، بعد أن اتضح أن إسرائيل صارت تحت النار الفلسطينية مباشرة، وكان تدخلها أيضا منعا لأي منازعة لها في تفردها بأوراق التأثير في القرار الفلسطيني، واستباقا لأي محاولة للتدخل بطريقة أفضل من أطراف إقليمية أخرى.
ليس ذلك فحسب، بل إن مصر تفاهمت مع الإسرائيليين على بنود الورقة قبل أن تعرضها على "أشقائها العرب في غزة"، كما يرى محللون، وهو ما يعني أن مخابرات الجنرال التهامي أرادت من وراء ذلك إذلال المقاومة وتركيعها وإلزامها بالأمر الواقع.
فما حملته الورقة المصرية يقطر كرها وعداء وانتقاما من المقاومة ورغبة في التخلص من سلاحها وتضليلا للرأي العام، حيث تنص المبادرة على أربعة بنود، هي:
1ــ "توقف إسرائيل جميع الأعمال العدائية على قطاع غزة برا وبحراً وجواً، مع التأكيد على عدم تنفيذ أي عمليات اجتياح بري لقطاع غزة أو استهداف المدنيين".
2ــ "توقف الفصائل الفلسطينية كافة في قطاع غزة جميع الأعمال العدائية من قطاع غزة اتجاه إسرائيل جواً، وبحراً، وبراً، (وتحت الأرض) مع تأكيد إيقاف إطلاق الصواريخ بمختلف أنواعها والهجمات على الحدود أو استهداف المدنيين".
3ــ "فتح المعابر وتسهيل حركة عبور الأشخاص والبضائع عبر المعابر الحدودية على ضوء استقرار الأوضاع الأمنية على الأرض".
4ــ "أما باقي القضايا، بما في ذلك موضوع الأمن، فسيجري بحثها مع الطرفين".
وأول ما يلفت في هذه الورقة "التآمرية" على المقاومة، أنها تسوَي في البندين الأول والثاني بين المعتدي والمعتدى عليه، وأسوأ من ذلك، في رأي محليين، فإنها تقف على مسافة أقرب من الإسرائيليين حين تكتفي بمطالبتهم بالتوقف عن الأعمال العدائية في (البر والبحر والجو)، فيما تضيف شرطا رابعا يخص ضبط السلوك الفلسطيني (تحت الأرض). بر غزة مقابل البر الإسرائيلي، وبحر غزة مقابل بحر الإسرائيلي، وجو غزة مقابل جو إسرائيل... ويأتي الشرط الزائد (تحت الأرض) ليضيف عبئا آخر على الفلسطينيين الذين تغلق مصر في وجوههم المعبر الوحيد للعلاج والحياة في رفح.
أما في البند الثالث، فيمكن رؤية حجم الحرص المصري الرسمي على استمرار أوضاع غزة على ما هي عليه قبل الحرب، ففتح المعابر وتسهيل حركة عبور الأشخاص والبضائع، إنما يجري بعد استقرار الأوضاع الأمنية على الأرض، ومن يقرر متى تستقر الأوضاع الأمنية على الأرض؟
فهل على الفلسطينيين أن يقبلوا الحصار وإغلاق العالم أمامهم حتى تستقر الأوضاع الأمنية؟ كما تساءل أحد الكتاب.
وبما أن مصر ضامن للتنفيذ، فلا شك في أنها ستواصل معاقبة الفلسطينيين بغلق المعبر حتى "يتحسن سلوكهم الأمني" مع الإسرائيليين، مع التذكير بأن الضامن المصري لم يقف مرة واحدة ليشجب خروق إسرائيل لاتفاقات التهدئة السابقة التي صاغها المصريون وضمنوها!
وفي هذا كتب أحد المحللين: "ليس من الضروري أن تكون هذه النقطة الثالثة من صياغة المصريين، رغم أنهم من قدموها، إذ لا شك في أن إسرائيل لو صاغت مبادرة، لوقف النار، ما صاغتها أفضل من هذه، فكيف يمكن للأوضاع في غزة أن تهدأ مع الاحتلال؟".
أما النقطة الرابعة التي تنص على بحث باقي القضايا مع الطرفين، فهي تضليل مكشوف، إذ لم يحدث أن جرى بحث شيء تم تأجيله في أي اتفاق قبل ذلك.
وقطعا لم يكن نتنياهو كاذبا حين أعلن أن سبب ترحيبه واستجابته للمبادرة المصرية هو وعود القاهرة بدراسة اقتراح نزع السلاح من غزة، وهذا ما تعمل عصابة السيسي على إنجازه بالنيابة عن تحالف الانقلابيين، والورقة مقدمة لهذا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق