الأربعاء، 12 نوفمبر 2014

أبو كلبشة مدوّخ الألمان

أبو كلبشة مدوّخ الألمان

أحمد عمر

صديقي "أبو كلبشة"، واللقب ركبه من كثرة الاعتقالات، وصل إلى "جنة" المنفى، هرباً من جحيم الوطن، سباحةً ورمايةً (كهدف)، وعلى ظهور الحمير والقطارات والدراجات العادية والزاحفة، يقول: الألمان والسويديون يغارون على لغتهم غيرة "داعش" على دينها! غير أنهم لا يقطعون الرؤوس.
قطع الرأس، هنا، هو قطع الإعانة، والمثل يقول "قطع الأعناق ولا قطع الأرزاق".
يشكّ صديقي المقيم في حارة "باب الفرج" في برلين في أنّ التعليم جهاز استخبارات ذكي وناعم، فالأسئلة في الدروس مريبة وتحريرية: متى ولدت، وماذا عملت؟ وما هي أكلتك المفضلة؟ ومتى تموت؟ وماذا تقول لزوجتك قبل النوم؟ 
صديقي الثاني المقيم في حارة "المنشية"، في استوكولهم، يقول إنّ السويديين أكثر تطرفاً، فهم يلزمون اللاجئ، بعد المدرسة الإجبارية، بقضاء ساعات طويلة مع السويديين، فلغتهم سماعية، واللغتان تحتاجان إلى أذن واعية، وعين راعية، وكلتاهما، الأذن والعين، فُقدتا في الطريق الوعرة الشاقة، أو تحت أصوات القصف. يقول أبو كلبشة: إنّ المعلمة فراو كارتل طلبت من كل تلميذ صورة عائلية حتى يدرسوها في الصف، ويعرضوها عيص الفحس وأذن الهمس!
كان النظام يقوم بجسّ العقيدة السياسية للموظفين كل فترة، فيرغمهم، تحت طائلة الفصل والسحل، على الإقرار بمعلومات عن الأب والأم والأخت والأولاد والأعمام والجدود، أحياءً وأمواتاً، وعن اتجاهاتهم السياسية.
طبعاً هذا الكيد، حسب الإعلام الرسمي، كان من تدبير عبد الحليم خدام، فهو الذي كان يحكم سورية، وأرسى قواعد هذه المراقبة، واستمرت حتى بعد انشقاقه!
 يتابع: أشكّ في أنّ مخترعي الكرسي الألماني يتجسسون علينا. أجادله: لكنهم، يا صديقي، لا يسألون عن رأيك السياسي، هل أنت حيادي سلبي أم حيادي إيجابي؟ بعثي أم رجعي؟ مسلم أم كافر؟ إنهم لا يلزمونك بمسيرات عفوية، ولا بيوم عمل طوعي؟
يجادلني: الغربيون يغارون على أقلياتنا، حتى لو كانت هي الخصم والحكم، الغربيون جماعة إحصاء، وكمّ، وهم يكيلون بمكيالين، أحدهما مخروم. وعلاوة على هذا، يتهمون العرب بالتعصب، انظر إلى معظم بلاد الخليج العربي، وهي تتعامل بالإنكليزية، في المراسلات والمكاتبات والسياحة والسفر، أقسى تطرف يظهر من حكامنا النواعم هو التنديد والاستنكار، وقد انقرض بحمد الله وفضله.
أحد أهم إصلاحات الأسد الجونيور هي سنّ تشريعات تربوية وإعلامية، خاصة باللغتين الروسية والفارسية، وإرساء المذهب الجعفري، فهي من مطاليب الثورة على ما يبدو!
ولربما كانت هذه الدعة والنعومة إحدى أسباب ولادة المخلوق الارتوازي داعش. الألمان المتعلمون يعرفون الإنكليزية، وهي إحدى بنات الألمانية، التشابه واضح بين اللغتين.
 لكنْ، تفضل المعلمة الألمانية الشرح بالتمثيل. المعلمات يمثلن، ويلجأن إلى الرسم أحياناً، لكنهن يتطيرن من استخدام لغة وسيطة، مثل الانكليزية العالمية! اللغة عندهم عقيدة.
وفي الأفلام الأميركية، يبلغ الغضب بالبطل الأميركي مبلغاً عندما يسمع الفيتنامي، أو العربي، يتكلم بغير الانكليزية، فيقتله.
الأميركي سريع العطب، "والعجمة" عقابها القتل. - ماذا تقول لزوجتك قبل النوم؟ -هذه أسرار عاطفية، فبياناتي في سجلات جمهورية مارك "حركية". تعلمت من حكم الأقلية لبس طاقية "التقية".
عموماً: زوجتي كانت تنام مجهدة قبلي من التعب، فبفضل الحداثة الغربية، وإقرار حقوق المرأة، باتت تعمل عملين، ربة منزل و"أَمَة" دولة. ومع ذلك، أقول لها، في آخر الليل، بينما أدير الصحن من قمر نايل سات "التقي" إلى قمر هوت بيرد الماجن: "الشعب يريد إسقاط النظام". - والصورة العائلية المطلوبة؟ - قطفت صورة عائلة من حدائق الإنترنت على أنها صورة عائلتي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق