طفل غوانتانامو.. عمر خضر
الجزيرة أول شاشة عربية تلتقي عمر خضر طفل غوانتنامو.. سجن 13 عاما يروي قصته مع والده ومع أسرته ومع أميركا وغوانتنامو والعدالة وتعذيبه ليعترف بجرم لم يقترفه، ثم إحساسه أنه "حر" بعد أن نسي طعم الحرية.
ولد في كندا وترعرع فيها، غادرها طفلا بصحبة أسرته ليعود إليها حطام رجل. قصة عمر خضر أصغر معتقل في سجن غوانتانامو السيء الصيت في حلقة برنامج "تحت المجهر" لهذا الأسبوع، مع أرشيف نادر، تبث في يوم كندا الوطني الأول من يوليو/تموز، وبعيد الإفراج عن خضر بشهر واحد. قصة بدأت الجزيرة متابعتها منذ ثلاث سنوات.
من أب مصري وأم فلسطينية، انتقل عمر مع أسرته في هجرة عكسية نحو الشرق. كان والده أحمد سعيد خضر متحمسا لمعركة التحرير الدائرة في أفغانستان بين "معسكر الخير المسلم المجاهد ومعسكر الشر الشيوعي الملحد المحتل"، حسب ما كان يرى. لم تكن لديه رغبة في القتال، كما يبين فيديو لصحفي صوره هناك وكما تؤكد زوجته، وإنما ذهب ليدعم النازحين والمعوزين عبر ممارسة حقه في العمل الاجتماعي والإنساني.
ما حصل على أرض الواقع أن "أحمد سعيد خضر" قذف بنفسه وأسرته في أتون معركة طاحنة قضى فيها تحت النيران.
تشتت أسرته بين الشرق والغرب، ورُمِي بطفله جريحا في أسوء معتقل في العصر الحديث حيث دخله وهو لم يبلغ بعد ستة عشر عاماً يوم 28 أكتوبر/تشرين الأول 2002، ليبقى هناك عشر سنوات مقابل جرم لم يرتكبه، كل ذنبه أنه كان موجودا طفلا في الزمان والمكان الخطأ.
تابعت الجزيرة قصة خضر على مدى ثلاث سنوات من أجل الحصول على فرصة إجراء حوار شخصي معه، والتمكن من الحصول على روايته لما وقع. فقد كُتبت عدة كتب وأنجزت عدة أفلام عنه، لكن دون أن يكون لـ"عمر خضر" حق الكلام فيها. هذا أول فيلم وثائقي على أي شاشة عربية يتحدث فيها عمر خضر ويروي الحكاية.
حصل له محاميه دينيس إيدني بعد مقارعة السلطات الكندية سنوات طويلة على صفقة أكمل بموجبها مدة سجنه في كندا مسقط رأسه، وتمكن من الحصول له على إطلاق سراح بكفالة بعد سجن دام ثلاثة عشر عاماً.
يعيش عمر خضر اليوم في منزل محاميه، مع جهاز إلكتروني يجب أن يرتديه عدة ساعات في اليوم، وشروط بعدم مغادرته محيط منزل محاميه حاليا، يروي لنا وببسمة لا تغادر وجهه قصته مع والده ومع أسرته ومع أميركا وغوانتانامو والعدالة، ونزع الحرية عنه وتعذيبه ليعترف بجرم لم يقترفه، ثم إحساسه أنه "حر" بعد أن نسي طعم الحرية.
يقف عمر خضر اليوم على بداية طريق جديد بعد أن خَبِر آلاماً وظلماً تجاوز الوصف والتعامل الآدمي، يحذوه الأمل في حياة أفضل ورغبة في أن الإنسان إن فشل في الحصول على عدالة حقيقية، فنصف عدالة قد تكفي لعتق رقبته من الفناء.
تقرير الحلقة
لم يعش طفولته كغيره، لأنه اقتيد إلى معتقل غوانتانامو السيئ السمعة وهو في سن الخامسة عشر.. إنه عمر خضر الذي سجنته الولايات المتحدة الأميركية عشر سنوات لجرم لم يرتكبه، وكل ذنبه أنه كان موجودا طفلا في الزمان والمكان الخطأ.
فرغم أنه كان صغير السن ألقي عليه القبض عقب مواجهة مسلحة مع الجنود الأميركيين يوم 27 يوليو/تموز 2002، ليقتاد بعدها إلى سجن بغرام بأفغانستان وبعدها إلى غوانتانامو، وأدين بخمس تهم تدرج كجرائم من بينها قتل جندي أميركي.
ولأول مرة يدلي طفل غوانتانامو بحوار تلفزيوني خص به قناة الجزيرة، حيث يروي لحلقة 1/7/2015 من برنامج "تحت المجهر" قصة طفولته وشبابه في أفغانستان، ثم الاعتقال والتعذيب الذي تعرض له في غياهب السجون الأميركية.
تبدأ قصة عمر -كما يرويها هو- من اليوم الذي غادرت أسرته كندا، لكي يساعد والده ضحايا الحرب في أفغانستان، لكن دون الانتماء لا لحركة طالبان ولا لتنظيم القاعدة، كما تؤكد والدته مها السمنة، وكتب الله لعمر النجاة في صيف 2002 من هجوم أميركي على مجمع في خوست بأفغانستان، حيث تعرض لإصابة خطيرة كادت تودي بحياته، لكنه فقد فيها عينه اليسرى.
ويعرب رون تايلور، وهو مقاتل في القوات الأميركية الخاصة، عن دهشته لبقاء شخص على قيد الحياة بعد كل القصف بالقنابل الذي تعرض له المكان، فقد عثر الجنود الأميركيون على عمر وسط الركام وجسده ممزق، وبصدره ثقبان كبيران، وحينها طلب منهم عمر أن يقتلوه، رد أحد الجنود قائلا "ستعيش لتروي القصة كاملة".
نقل عمر بعدها إلى مركز استجواب أميركي في بغرام بأفغانستان، حيث خضع للاستجواب على مدى ثلاثة أشهر، وهناك تعرض لأنواع من التعذيب والإهانات من الأميركيين الذين كانوا يصفونه بالقاتل والسفاح وكيس القاذورات، لأنهم اعتبروه مسؤولا عن مقتل جندي أميركي.
ويقر المحقق الأميركي داميان كورسيتي بتعريض السجناء إلى مختلف أنواع التعذيب منها الضرب وغمر أجسادهم في الماء في جو قارس البرودة، ويكشف أن التحدث بلغة غربية كان معيارا لأخذ الشخص إلى معتقل غوانتانامو السيئ السمعة.
ويؤكد المتحدث أن الأميركيين كانوا يعاملون أولئك السجناء بقساوة شديدة كما لو كانوا غير بشر.
وتنقل حلقة "تحت المجهر" تصريح وزير الدفاع الأميركي دونالد رامسفيلد (2001-2006) بأن "هؤلاء من أكثر القتلة والسفاحين خطورة على وجه الأرض".
معاناة غوانتنامو
نقل عمر وهو في سن السادسة عشر إلى معتقل غوانتانامو يوم 28 أكتوبر/تشرين الأول 2002، وهناك عاش معاناة أخرى أكثر قساوة، حيث وضع في زنزانة انفرادية شديدة البرودة والظلمة، كما يروي محاميه دنيسي أدني الذي قال إنه كان "طائرا صغيرا متجمدا من البرد".
وكان المحامي قد تمكن من زيارته في المعتقل بعد أربع سنوات من المحاولة.
وتعرض عمر للاستجواب بعنف على يد الأميركيين قبل الخضوع لتحقيقات الاستخبارات الكندية، وهو ما كشفه د. ستيفن زيناكوس، وهو عميد متقاعد في الجيش الأميركي.
وتم توجيه خمس تهم لعمر بارتكاب جرائم حرب بينها القتل، وتأجلت محاكمته مرات عديدة خلال خمس سنوات.
وحصل له محاميه إيدني بعد مقارعة السلطات الكندية سنوات طويلة على صفقة أكمل بموجبها مدة سجنه في كندا مسقط رأسه والتي نقل إليها عام 2012، وتمكن من الحصول له على إطلاق سراح بكفالة بعد سجن دام ثلاثة عشر عاما.
يذكر أن عمر وُلد في تورنتو بكندا عام 1986 من أب مصري وأم فلسطينية.
صور
عمر خضر يعد أصغر معتقل يدخل غوانتانامو (الجزيرة)
طفل غوانتانامو قضى شبابه في غياهب السجون الأميركية (الجزيرة)
عمر خضر (يسار) رفقة محاميه دنيسي أدني (الجزيرة)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق