الجمعة، 10 يوليو 2015

السيسي كرئيس للتحرير

Editor Sisi

السيسي كرئيس للتحرير


إيكونوميست
تقارير من صحيفة الإيكونوميست البريطانية
ترجمة وتحرير نون بوست
خيمت غمامة على الأخبار القادمة من شمال سيناء، منذ قام الجيش المصري بمنع وصول وسائل الإعلام إلى هناك، وذلك في خضم حربه التي يخوضها ضد الجهاديين المرتبطين بالدولة الإسلامية "داعش"، لذلك عندما بلغ العنف ذروته الجديدة في 1 يوليو، مع قيام المتشددين بشن هجمات متزامنة على مواقع متعددة للجيش، لم تكن الصحافة متواجدة لإحصاء عدد القتلى.
ونقلاً عن مصادر مجهولة، قدّرت وكالات الأنباء المحلية والأجنبية عدد الجنود القتلى بشكل أولي، جرّاء الهجمات الأخيرة، بعدد يقع ما بين 60 و 70 عسكري، وهذا الرقم هو أعلى مجموع خسائر عسكرية تُمنى بها القوات المسلحة في خضم التمرد المستمر، على الرغم من انتهاجها لتكتيكات الأرض المحروقة منذ أربعة أعوام، والتي أصبحت تشمل الآن استخدام طائرات الهليكوبتر المسلحة وطائرات الإف 16، ومن جهته، أعلن الجيش المصري أن هجوم المتشددين الأخير أسفر عن مقتل 21 مقاتلاً من جنوده فقط، وحذّر على صفحته الرسمية في الفيسبوك، بأن مصر تحارب الآن على جبهتين: على الأرض وفي حرب مغرضة وشرسة، تديرها وسائل الإعلام الأجنبية.
تستعد الآن حكومة عبد الفتاح السيسي لحملتها الثانية، الهادفة إلى إعادة طرح مشروع قانون مكافحة الإرهاب الجديد المثير للجدل للمناقشة، والذي يتضمن مادة من بين مواده الـ55، تعاقب بالحبس لمدة سنتين على الأقل، كل من تعمد نشر أخبار أو بيانات غير حقيقية عن أي عمليات إرهابية بما يخالف البيانات الرسمية الصادرة عن الجهات المعنية.
نشطاء حقوق الإنسان المصريين ونقابة الصحفيين المصرية أدانوا مشروع القانون، ووصفوه بأنه غير دستوري، ويؤدي إلى نتائج عكسية، ولكن، كما مرّ قانون التظاهر المصري المثير للجدل، والذي أدى إلى زج العشرات من النشطاء السلميين في السجون، فمن المرجح أن يتم تمرير قانون مكافحة الإرهاب الجديد؛ فتحت قيادة السيسي، المشير العسكري ووزير الدفاع المصري السابق، تمت عسكرة النظام المصري بشكل متزايد، وإبان اغتيال المدعي العام للبلاد في يونيو، وهو المسؤول الأعلى رتبة من حكومة السيسي الذي يتعرض للاغتيال على يد الإسلاميين الساخطين، لم تعد الحكومة المصرية في حالة مزاجية تسمح لها بإزعاج نفسها بأمور صغيرة مثل حرية التعبير!
السيسي، الذي يبرر حكمه الاستبدادي بوعود الاستقرار، بالكاد يلقى أي صعوبات أو انتقادات من وسائل الإعلام المصرية؛ فالشبكات التلفزيونية المصرية المدافعة عن حكم السيسي، طردت النقاد من برامجها، ومالكو وسائل الإعلام يتم الضغط عليهم بشكل مستمر من قِبل النظام المصري، وخصوصاً من المؤسسة القوية التابعة للجيش المصري، المتمثلة بإدارة الشؤون المعنوية للقوات المسلحة، وفضلاً عما تقدم، وإبان مقتل 31 جندياً من الجيش المصري في أكتوبر الماضي على يد المتشددين في سيناء، تعهد رؤساء تحرير الصحف المصرية البارزة، عقب لقائهم مع السيسي، بالحد من انتقاداتهم للدولة، ولم تكن حادثة العناوين شبه المتطابقة للصحف اليومية المصرية في أعقاب مقتل النائب العام، هي الحادثة الأولى من نوعها، وذلك على الرغم من الشكوك التي تعتري الكثير من المصريين حول دوره في القصاص الشامل من معارضي النظام، والبراءة الجماعية للشرطة وأفراد الأمن المصريين، المتهمين بارتكاب التعذيب وغيرها من الانتهاكات، حيث دعت جميع الصحف المصرية إلى الانتقام لدماء "محامي الشعب".
أما تغطية وسائل الإعلام الأجنبية للأحداث المصرية، فقد كانت أكثر انتقاداً، ولكن هذه الانتقادات لم تمضِ بدون ثمن، حيث أن ثلاثة من مراسلي قناة الجزيرة، وهي شبكة أخبار قطرية، متهمة بالتعاطف مع الإخوان المسلمين، وهي الجماعة التي لاحقها السيسي ومن ثم حظرها، يقبعون في سجون النظام المصري منذ 400 يوم، بتهمة الإضرار بالأمن القومي، كما أن مراسلاً لصحيفة البايس الإسبانية، فرّ على عجل من البلاد مؤخراً، في أعقاب التحذيرات التي وصلته من الدبلوماسيين الإسبان حول النوايا الوشيكة التي تضمرها الحكومة المصرية لاعتقاله، كما سلّمت وزارة الخارجية المصرية مبادئاً توجيهية باللغة الإنجليزية، تحث على دعوة الإرهابيين بالقتلة والمخربين والسفاحين، ولكن حذرت من ربط  أفعال هؤلاء بالدين الإسلامي.
بشكل عام يواجه الصحافيون المصريون أشد المخاطر، حيث يقبع ما لا يقل عن 18 صحفي في السجون المصرية، ومعظمهم بتهم تتعلق بالاشتباه في تعاطفهم مع جماعة الإخوان المسلمين، كما تعمل الحكومة على إسكات المعلّقين من غير الصحفيين أيضاً؛ فمثلاً تم تعليق عضوية لاعب كرة قدم مصري بارز مؤخراً، بعد أن وصف السيسي في صفحته على الفيسبوك بأنه "فاشل"، كما ألقت الشرطة القبض على عمال من المنظمات غير الحكومية المحلية، الذين كانوا يجرون مسحاً للأوضاع المعيشية في أحد الأحياء الفقيرة بالقاهرة، فضلاً عن قيام النظام بترحيل طالبة فرنسية كانت تجري بحثاً على مجموعة من الشباب، هي حركة 6 أبريل التي كان لها دور بارز في ثورة 2011، ولكنها باتت محظورة الآن.
على الفيسبوك، يصرّ متحدث عسكري مصري بأن سيناء أضحت الآن "100% تحت السيطرة"، ولكن في الوقع، إن السيطرة على الرأي العام قد لا يكون سهلاً جداً كما يحاول النظام المصري الترويج له.
المصدر: الإيكونوميست

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق