قضايا وأحداث.. الثورة السورية.. أسرار الماضي وأمل المستقبل
أكاديمي وسياسي وكاتب تركي
وَلِلْحُرِّيَّةِ الْحَمْرَاءِ بَابٌ بِكُلِّ يَدٍ مُضَرَّجَةٍ يُدَقُّ
منذ أن شنّت المعارضةُ السوريةُ عمليتها العسكرية الأخيرة «ردع العدوان» في ريف حلب، شهدت الأحداث تسارعًا كبيرًا وتغيّرات على الأرض، نتج عنها تحرير عددٍ من المدن، بداية من حلب وتلّ رفعت وإدلب وحماة وحمص ودير الزور ودرعا، حتى إن المعارك وصلت إلى مشارف دمشق. وهذا التقدّم السريع كشف ضعف النظام السوري داخليًّا.
ومع ذلك، إذا فتح أي شخص، لديه القليل من العقل، عينيه، فسيرى أن أقوى دعم لبقاء الأسد حتى الآن قدمته أمريكا وإسرائيل. لقد شهد العالم أجمع كيف أن أمريكا التي زعمت أنها جاءت إلى سوريا للإطاحة بالأسد ونظامه، الذي تلطخت يداه بدماء شعبه والمتهم بجرائم ضد الإنسانية، غيّرت مسارها فجأة وأثارت سيناريو محاربة تنظيم داعش الذي صنعته بيدها. وبهذه الطريقة الحلزونية شرَّعت أمريكا لوجودها في سوريا وقدمت دعمًا لا يُقدَّر بثمنٍ للأسد من خلال تسليحها التنظيمات الإرهابيّة «بي كي كي» و»أي بي جي» تحت ذريعة قتال داعش صنيعة أمريكا نفسها. ألا يدلّ تسليم قوات الأسد المناطق التي انسحبت منها إلى هذين التنظيمين الإرهابيين اليوم بما فيه الكفاية على أنه لا يوجد فرق بين المنسحب والمتسلم؟
وحتى اليوم لم يحدث أي تغيير في موقف الأسد أو سياسته يدفع أمريكا للتخلي عنه، أم أن هناك ما لم ننتبه إليه؟ أما فيما يتعلق بإسرائيل أيضًا، فإن الأسد كان ديكتاتورًا يحبونه، ولو ضربوه من وقت لآخر.
وعندما بدأت ثورة الشعب السوري، كان سقوط النظام السوري أقرب من لمح البصر، فكان القصف الروسي لقلب الموازين بدعم بشار والتصدي للمعارضة. فقد استهدفت المدنيين السوريين بشكلٍ مباشرٍ، وقامت بمجازر جماعية وإبادة شاملة بهدف إخماد الثورة الشعبية.
والجديد اليوم هو أن المعارضة تعلمت دروسًا مصيريةً مهمةً من جميع أخطاء الماضي، وتتصرف بشكلٍ منسَّقٍ ومتماسكٍ للغاية على المستوى الداخلي، ما يجعلها مستعدةً جيدًا لهذه العملية. ولم يقتصر استعدادهم على المستوى العسكري فقط، بل إنهم في كل خطوة يتواصلون مع الشعب السوري في المناطق المحررة، ويؤكدون أنهم أبناء سوريا وأن هدفهم الوحيد هو إنقاذ الشعب من طغيان هذا النظام المُجرم.
ويبدو أثر ذلك بوضوح في الترحيب الحماسي بالثوّار من أهالي المناطق المحررة، وتعبيرهم في مشاهد حقيقية عن فرحتهم بالتحرر من الأسر. إن مشاهد إنقاذ مئات الأشخاص الذين سجنهم النظام في سجون حماة منذ عام 1982 هي في حد ذاتها علامة مهمة على مدى ارتباط عملية ردع العدوان بالشعب ومدى أصالتها. كما تؤكد المعارضة أنهم لن يؤذوا أبدًا ممتلكات أي شخص أو حياته، وأنهم ليسوا هنا للقيام بهذه الأشياء، بل لحمايتهم
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق