طريق القدس يمرّ عبر "صيدنايا"
على مدار عقودٍ طويلة، أكل الكثيرون وشربوا باسم المقاومة والقدس، وبالفعل كان عدوًا للاحتلال الإسرائيلي، لكنه في الآن ذاته كان عدوًا لشعبه، عملاً بمبدأ "أتبع الحسنةَ الخطيئةَ تمحُها"؛ فليس أهنأ على الاحتلال من عدو يقاتله، ثم يقتل الشعب بدلًا منه، فيخفّف عنه قلقه الدائم، وصداعه العميق، من أن تتفرّغ الشعوب لعداوته، وأن يكون هو مشكلتها الوحيدة، فبدلًا من ذلك، يقوم المحور المقاوم بقتل الشعب بدلًا من الاحتلال، ويسجنونه ويفرّغون طاقاته إلى العدم، ويسحقونه في المكبس الآلي بعد الإعدام، فينتهي إلى لا شيء، وحينها، تذوب تلك العقول المفكّرة، والقلوب الشاعرة، ولا تتأرّق "إسرائيل" من هذا الجانب، فالمحور، كفَّى ووفَّى!
ثم يخبرونك، بعد 24 ساعة من انتصار السوريين على طغاتهم وغزاتهم، لماذا لا يتحرّكون تجاه "إسرائيل"، وهم لم يجرؤوا أن يسألوا السؤال نفسه طيلة 24 سنة إلى ذلك الطاغوت المارق، بشّار الجزار، ولولاه لما وصل العدو إلى ما وصل، ولولا أبوه لما بلغ العدو الجولان واسترخى فيها ومدّد قدميه ودباباته، ثم يضحكون ويشمتون بالقصف الإسرائيلي الذي استهدف أسلحة استراتيجية في دمشق، ولا أعلم إذا كان بشّار مقاومًا، طوال تلك العقود، وتعلم "إسرائيل" ما لديه من أسلحة في المطارات، فلمَ لم تقصفها إلا حين وصل هؤلاء، ألم تكن تخاف أن يستخدمها ضدّها؟ أم إنّ المنطق ينتحر في تساؤلاتٍ معيّنة؟
ليس أهنأ على الاحتلال من عدو يقاتله، ثم يقتل الشعب بدلًا منه
كانت حجتهم طوال تلك السنوات تأمين خطوط الإمداد، ومحاربة الإرهابيين في سورية، ولا أتخيّل كيف يبدو شعبٌ به 12 مليون إرهابي مهجّر، و600 ألف إرهابي قتيل، و300 ألف إرهابي معتقل؟
هم العدد المجرّد لضحايا العدوان الأسدي الحزبي الإيراني الروسي، لا أتخيّل كيف تبدو الأسلحة في أيديهم أسياخ شاورما؟ كيف تبدو وحشيتهم متخفيّةً في كلماتٍ مثل "تكرم عينك"، كيف يتحوّلون بتلك البساطة الشديدة إلى أناس عاديين، ليسوا إرهابيين أبدًا ولا يبدو عليهم، لكن المهم أنّ المحور يملك رأيًا آخر، وهو أنهم بالفعل كذلك..
لكنهم على كلّ حال أبرياء، لم يكونوا يعلمون أنّ بشار بذلك الإجرام، ولا أنّ صيدنايا موجود أصلا، ولا أنّ هناك ممارسات فيه بتلك الطريقة... يا حرام، كما يرسلون لجانهم ومأجوريهم الذين يروّجون للرواية المريضة الكاذبة.
طريق القدس يعبر من دمشق، أيّا من كان الجالسون فيها، أيّا من كانوا أهلها منذ آلاف السنين، مع ترسيخ فرضية أنّ هؤلاء الذين يعيشون في الشام ليسوا أكثر غيرة من المحور الكريم، على القدس وأهلها، وأنّ عيونهم ليست متجهةً إلى هناك، على عكس بشّار الذي لم تكن عينه إلا على الطاولة التي أمامه، وهو يسحب "سطر الكبتاغون" ثم يحكّ أنفه، ويخرج ليلقي النكات المضحكة نفسها، عن القدس وفلسطين وأشياء من هذا القبيل، وكلها منه براء، بينما يردّد داعموه وإخوته المقرّبون في الإجرام أنّ طريق القدس يعبر من "دمشق"، وكانوا صادقين، حقيقةً، إذ عثرنا على طريق القدس في دمشق، على بعد 30 كيلومترا فقط تجاه الشمال، حيث آلاف الجثامين الحيّة والميتة بالحياة، في "مسلخ صيدنايا"، تمامًا، على طريق القدس، وطريقة فيلقه المقدّس.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق