فضيحة في معهد السلام الأمريكي
طارق الهاشمي
(نائب الرئيس العراقي)
كان من الأحرى بالنسبة للشخصيات التي استمعت باشمئزاز إلى كلمة نوري المالكي وهو يلقيها على الحضور في معهد السلام الأمريكي في واشنطن أن يغادروا القاعة استنكارا، ليس فقط تعاطفا مع الملايين من المحرومين والمضطهدين العراقيين، بل إشفاقا على سمعة معهد عرف بثقله الفكري والثقافي، الذين تجشموا عناء الصبر حتى أفرغ ما في جعبته، صرحوا فيما بعد أن المحاضرة تدعو للاشمئزاز والقرف، وقد اضطر آخرون من رجال الصحافة والإعلام أن يلغوا لقاءات صحفية معه كانت قد رتبت منذ زمن، وخرج آخرون يتندرون ويتأسفون لأنهم ضيعوا وقتا ثمينا في الاستماع إلى محاضرة ظنوها هذه المرة متميزة، لكنها في النتيجة لم تختلف عن خطاباته في الداخل العراقي تدليسا وتضليلا وكذبا.
وصلت ردة فعل الجانب الأمريكي إلى نوري المالكي الذي انزعج كثيرا واضطر بناء على هذه التطورات إلى تقليص برنامج زيارته وغادر واشنطن بعد أن ألغى لقاءات صحفية وجماهيرية أنفقت عليها سفارته في واشنطن المال الكثير.
في معرض حديثه، المالكي عرض نفسه ضحية للإرهاب!! في بلد هو العراق جميع أموره على خير!! والعراقيون سعداء!! وحكومته ديمقراطية!!
أما هو فيتعبد ليل نهار بالدستور!! خصوصا ما يتعلق بالتبادل السلمي للسلطة!! ويحترم الفصل بين السلطات ويقدس استقلال القضاء!!، وليس هناك تطهير طائفي أو قتل على الهوية وإنما جرائم عادية من وقت لآخر!!
أما نفوذ إيران فهو إشاعة!! والفساد مبالغة!!.. وأن جميع مشاكل العراق هي القاعدة وأنا بحاجة لكم ولأسلحتكم للقضاء عليها... (هكذا باختصار خاطب الأمريكان)...
تبدو المشكلة منا وفينا... نحن العراقيين...أما هو أي المالكي... فهو الحل بعينه.. كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا....
لقد كان الخطاب فضيحة بكل المقاييس، أثار سخرية المجتمع الثقافي والسياسي والإعلامي في واشنطن، لكنه بالوقت نفسه أثار الانتباه إلى عظم فاجعة العراق يقوده كذاب أشر، لقد انحطت سمعة العراق إلى الحضيض.
لا أدري لماذا تجاهل القيمون على موسوعة (جينيز) خصلة الكذب من بين آلاف الأنشطة والسلوك الإنساني التي استقطبت انتباههم وأفردوا لها الصفحات والأبواب والجوائز، لماذا لا يخصصون بابا خاصا للكذب، والأمر يستحق، ولدينا مرشح في العراق لن يباريه أحد لا في الشرق ولا في الغرب ونحن في العراق مستعدون للترشيح، بل ومطمئنون للفوز هذه المرة، مجرد اقتراح.
ونستون شيرشل رئيس وزراء بريطانيا الأسبق مر على مقبرة وتوقف عند شاهد كتب عليه (هنا يرقد السياسي المتمرس والصادق الصدوق)... ضحك حتى بدت نواجذه وعلق:
(من المفارقات أن تقترن السياسة بالأخلاق.. رغم أن الرجل غير مشهود له كثيرا بالكذب)، ترى ماذا سيكتب العراقيون على قبر نوري المالكي لو كان له قبر.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق