( ضريبة الصمت ) ..!
د. عبد العزيز كامل
منذ وقع الانقلاب العلماني في مصر ؛ تباينت مواقف المنسوبين إلى التيارات الإسلامية تجاهه, فمنهم – وهم الأكثر - من وقفوا بشرف وجسارة ضده محتسبين الأذى في صده , ومنهم من آثروا مكاسب موهومة عاجلة على الخسارة اليقينية الآجلة , فتخندقوا مع الفساد بدعوى التطهير , ورصوا الصفوف مع الفجور بذريعة صعوبة التغيير!!
لكن فريقا ثالثا آثروا الصمت , لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء , ظنا بأنهم سينجيهم صمتهم من بطش هؤلاء بهؤلاء !.. أو ثأر هؤلاء من هؤلاء , ومعتبرين أن ضريبة الكلام بالحق أفدح من عاقبة السكوت عن الباطل !
رويدكم مهلا أيها الصامتون ... فأنتم خاسرون بصمتكم , مغامرون بسكوتكم , مغررون بسمعتكم في حاضركم ومستقبلكم , بل معرضون أنفسكم لسخط ربكم باستخراجكم سخط من يسخط الله لسخطهم ويرضى لرضاهم من خاصة المسلمين وعامتهم ...
مواقف الصمت وقت وجوب الجهر بالحق عار لانرضاه لنا ولا لكم :
- وقع الانقلاب المجافي للشريعة والمعادي للشرعية ..
فسكتم ..!
- سفك الدماء ونكل بالشرفاء ورفع فوقهم شأن السفلة والسفهاء
فصمتم ..!!
- أعلن الانقلابيون عداوتهم الظاهرة للتيارات الإسلامية , من خلال منع منابرها الإعلامية , وخنق أنشطتها الدعوية , وحظر أحزابها ذات المرجعية الإسلامية ...
فكان خفاء صوتكم كأنه إقرارا منكم ..!!!
- ومؤخرا... في ظل تلك الداهية العلمانية الداهمة ؛ تنكر الانقلابيون للأغلبية المحبة للشريعة الإسلامية والراغبة في إقامة المستطاع منها , فقاموا بوضع دستور؛ سيعدونه أبا القوانين وفوق كل التشريعات , ذي صيغة لا دينية وصبغة بلا هوية , قام على صناعته خليط من ( جماعات) انتهازية , تواطأت به على نصر انقلاب العلمانية , بجعله صكا يمنحها شرعية دستورية... ثم ملأوا الدنيا دعاية لمحاسنه وعرضا لمغانمه , داعين الناس للإجماع الإجباري عليه , وسط "الإجماع السكوتي "منكم !
لم يحمر لكم وجه - أيها الصامتون - بإنكاره , ولم يرتفع منكم صوت برفضه , ولم تتحرك فيكم شعرة بالبراءة منه أمام الناس الذين احترموا علمكم ورمزيتكم , وادخروكم ليوم يحتاجون فيه لصدعكم بالحق وإنكاركم للباطل, آمرين بالمعروف وناهين عن المنكر , ومؤدين لحق الدين ,وأمانة العلم التي أخذها الله عليكم .
نحن – أيها الصامتون – أمام استحقاق مصري مصيري ( وهو الموقف من الدستور المطروح للاستفتاء ) الذي سيكون لإقراره الأثر الكبير والخطير داخليا وإقليميا ودوليا, فهو
– بكل صراحة – خيار بين أمرين لا ثالث لهما : أن تمضي مصر في طريق اختارته غالبية شعبها بعد الثورة؛ غايته انحياز واضح للإسلام عقيدة وشريعة وسلوكا ؛أو تستكمل التيه في دروب العلمانية فكرا ومنهجا وتطبيقا ..
أخبرونا بربكم ... هل يحل الصمت عند تخيير الناس بين هذين الأمرين ..؟
وهل يجوز السكوت عن البيان وقت الحاجة , والناس تنتظر رأيكم في هذين " الخيارين " ..؟!
هل يجوز الغش في النصيحة أو الضن بها عمن أحسن الظن بكم ووكل مرجعيته الدينية إليكم ..؟!
والله وتالله وبالله ... إن ضريبة صمتكم فادحة إن سكتم عن قول الحق ... وفاضحة لو نطقتم بالباطل ..
لازلنا نحسن الظن بكم , وننتظر خروجكم عن صمتكم في هذه النازلة ,فعودوا إلى دوركم , حتى تعود ريادتكم .. وتعز راية التوحيد التي هي رايتنا ورايتكم .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق