عن المبادرة المصرية ورد المقاومة
ياسر الزعاترة
حين كانت الحرب الصهيونية على قطاع غزة في بدايتها، ولم يكن واضحا ما يمكن أن تترتب عليه، لم تصدر من القاهرة أية ردود فعل رسمية، بل تجاهل السيسي الموقف تماما، ولكن المشهد ما لبث أن اختلف بعد تطورات مهمة؛ أولها وهو الأهم، ظهور حماس والمقاومة بمظهر الصمود والبطولة والاستبسال، مقابل عدمية خيارات العدو الذي لم يجد ردا على عجزه عن ضرب منصات الصواريخ أو الوصول إلى قادة المقاومة الكبار، سوى قصف منازلهم وضرب البنية التحتية، بل ضرب منازل فيها مواطنوها كما حصل مع بيت البطش، مدير شرطة غزة.
أما التطور الثاني فيتمثل في ارتفاع أصوات في مصر تطالب بموقف مختلف، منها عشرات المسيرات والوقفات التي تندد بالموقف الرسمي.
ويبقى التطور الثالث ممثلا في انطلاق جهود تركية قطرية من أجل التوصل إلى تهدئة جديدة.
هنا شعر النظام المصري بالخطر، خطر فقدان الدور من جهة، وخطر منح حماس نصرا يساهم في تقوية الإخوان في الداخل المصري من جهة أخرى، فيما لا يُستبعد أن الإسرائيليين قد طلبوا التدخل المصري، بدليل إعلان المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر أنه لن يقبل غير الوساطة المصرية؛ حتى قبل أن تعلن المبادرة، ما يعني وجود تنسيق مسبق في هذا الشأن.
لا خلاف على أن هدف التحرك الجديد هو تنفيس الانتصار الذي حققته حماس بصمود المقاومة، وعطاء المجاهدين، وهو هدف يشارك فيه النظام المصري مع أنظمة أخرى داعمة له (مع عباس أيضا).
من حيث الأساس يبدو من العبث إعلان مبادرة دون التشاور مع طرفها الأهم، فيما يبدو أنه عملية إذلال لا تخطئها العين.
هنا شعر النظام المصري بالخطر، خطر فقدان الدور من جهة، وخطر منح حماس نصرا يساهم في تقوية الإخوان في الداخل المصري من جهة أخرى، فيما لا يُستبعد أن الإسرائيليين قد طلبوا التدخل المصري، بدليل إعلان المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر أنه لن يقبل غير الوساطة المصرية؛ حتى قبل أن تعلن المبادرة، ما يعني وجود تنسيق مسبق في هذا الشأن.
لا خلاف على أن هدف التحرك الجديد هو تنفيس الانتصار الذي حققته حماس بصمود المقاومة، وعطاء المجاهدين، وهو هدف يشارك فيه النظام المصري مع أنظمة أخرى داعمة له (مع عباس أيضا).
من حيث الأساس يبدو من العبث إعلان مبادرة دون التشاور مع طرفها الأهم، فيما يبدو أنه عملية إذلال لا تخطئها العين.
أما الأسوأ فهو التشاور في كل بنودها وحيثياتها مع عدو ذلك الطرف (نتنياهو)، وخصمه السيسي (عباس) في آن، وهو ما كشفته «هآرتس» الإسرائيلية بكل وضوح.
في بنود المبادرة، نعثر على لغة بائسة، فهي تتحدث عن وقف الأعمال العدائية الإسرائيلية، وفي الوقت ذاته تصف أعمال المقاومة بذات المسمى «أي الأعمال العدائية»، وحين تطالب بوقف إطلاق النار، فهي توقفه من الطرف الإسرائيلي «برا وبحرا وجوا»، بينما تطالب بوقفه من الطرف الفلسطيني «برا وبحرا وجوا ومن تحت الأرض»، ولا أعتقد أن البند الأخير قد خطر على بال القيادة المصرية، ربما لأن نتنياهو يدرك أن هناك ما يمكن أن يخرج من تحت الأرض، أي من الأنفاق.
بعد ذلك، تتحدث المبادرة عن «فتح المعابر وتسهيل حركة عبور الأشخاص والبضائع عبر المعابر الحدودية»، لكنها تربط ذلك في بند ينطوي على إشكال كبير بـ»استقرار الأوضاع الأمنية على الأرض». وبعد ذلك تبدأ بحسب نص المبادرة «مباحثات تثبيت وقف إطلاق النار، واستكمال إجراءات بناء الثقة بين الطرفين (طبقا لتفاهمات 2012)».
هنا ينهض سؤال بالغ الأهمية يتعلق بتفاهمات 2012، وماذا جرى لها، وما هو الموقف من إدارة الصهاينة الظهر لها، خاصة الحدود والمعابر، ثم ماذا عن تعهدات سابقة تمت برعاية مصرية، وفي مقدمتها ما يخص معتقلي صفقة شاليط الذين أعيد اعتقالهم؟! ولا يقل أهمية عن ذلك إدراك حماس لحقيقة أن في مصر الآن نظام يعاديها، وليس نظاما تثق به.
غير أن الأهم من ذلك كله هو مصير الجزء الأهم في فصول الحصار، والذي يتمثل في معبر رفح الذي يشكل أعنف أنواع الحصار على الفلسطينيين؛ هو الذي لم يفتح إلا لفترات محدودة جدا خلال عام مضى. هل سيُفتح، أم سيترك تحت رحمة السياسة التي لا تبدو في وارد التغير ما لم تخرج حماس من مشهد الوضع في غزة لحساب عباس وحكومته؟!
المفاجئ أنه كما صمدت حماس في ميدان القتال، فقد صمدت أيضا في ميدان السياسة، وردت على هذه الهجمة المحبوكة والمنسقة، والتي يحضر فيها العرب والأميركان والغرب، وعباس طبعا، خاصة حين أدركت أن الجزء التالي من الخطة يتمثل كما كشفت ذلك دوائر أوروبية هو نزع سلاح المقاومة، ما يعني خيانة للشعب الفلسطيني وقضيته ودماء أبنائه.
ما ينبغي أن يقال ابتداء هو أن ما جرى كان بمثابة جولة رائعة من جولات النضال والبطولة في التاريخ الفلسطيني، ولا ينبغي أن يقلل أحد منه، بصرف النظر عن التفاصيل اللاحقة المتعلقة بشروط التهدئة. ويكفي أن يبحث نتنياهو عن وقف إطلاق النار، لكي يُؤخذ ذلك عنوانا على وضع كيانه، مقابل الصمود الأسطوري والبطولي للناس والمقاومة في غزة.
في ضوء ذلك يتوقع أن تصرَّ حماس على تعديل المبادرة (بحوار مباشر معها) بما ينطوي على تثبيت التفاهمات قبل وقف إطلاق النار، مع التزام من القاهرة أيضا بفتح معبر رفح، وتعهد بالالتزام بكل اتفاق يشرفون عليه، ومن ضمن ذلك إطلاق أسرى صفقة شاليط الذين أعيد اعتقالهم.
بعد ذلك، تتحدث المبادرة عن «فتح المعابر وتسهيل حركة عبور الأشخاص والبضائع عبر المعابر الحدودية»، لكنها تربط ذلك في بند ينطوي على إشكال كبير بـ»استقرار الأوضاع الأمنية على الأرض». وبعد ذلك تبدأ بحسب نص المبادرة «مباحثات تثبيت وقف إطلاق النار، واستكمال إجراءات بناء الثقة بين الطرفين (طبقا لتفاهمات 2012)».
هنا ينهض سؤال بالغ الأهمية يتعلق بتفاهمات 2012، وماذا جرى لها، وما هو الموقف من إدارة الصهاينة الظهر لها، خاصة الحدود والمعابر، ثم ماذا عن تعهدات سابقة تمت برعاية مصرية، وفي مقدمتها ما يخص معتقلي صفقة شاليط الذين أعيد اعتقالهم؟! ولا يقل أهمية عن ذلك إدراك حماس لحقيقة أن في مصر الآن نظام يعاديها، وليس نظاما تثق به.
غير أن الأهم من ذلك كله هو مصير الجزء الأهم في فصول الحصار، والذي يتمثل في معبر رفح الذي يشكل أعنف أنواع الحصار على الفلسطينيين؛ هو الذي لم يفتح إلا لفترات محدودة جدا خلال عام مضى. هل سيُفتح، أم سيترك تحت رحمة السياسة التي لا تبدو في وارد التغير ما لم تخرج حماس من مشهد الوضع في غزة لحساب عباس وحكومته؟!
المفاجئ أنه كما صمدت حماس في ميدان القتال، فقد صمدت أيضا في ميدان السياسة، وردت على هذه الهجمة المحبوكة والمنسقة، والتي يحضر فيها العرب والأميركان والغرب، وعباس طبعا، خاصة حين أدركت أن الجزء التالي من الخطة يتمثل كما كشفت ذلك دوائر أوروبية هو نزع سلاح المقاومة، ما يعني خيانة للشعب الفلسطيني وقضيته ودماء أبنائه.
ما ينبغي أن يقال ابتداء هو أن ما جرى كان بمثابة جولة رائعة من جولات النضال والبطولة في التاريخ الفلسطيني، ولا ينبغي أن يقلل أحد منه، بصرف النظر عن التفاصيل اللاحقة المتعلقة بشروط التهدئة. ويكفي أن يبحث نتنياهو عن وقف إطلاق النار، لكي يُؤخذ ذلك عنوانا على وضع كيانه، مقابل الصمود الأسطوري والبطولي للناس والمقاومة في غزة.
في ضوء ذلك يتوقع أن تصرَّ حماس على تعديل المبادرة (بحوار مباشر معها) بما ينطوي على تثبيت التفاهمات قبل وقف إطلاق النار، مع التزام من القاهرة أيضا بفتح معبر رفح، وتعهد بالالتزام بكل اتفاق يشرفون عليه، ومن ضمن ذلك إطلاق أسرى صفقة شاليط الذين أعيد اعتقالهم.
ولا شك أن إدخال دول أخرى في الوساطة سيكون أفضل دون شك، من باب ضمان التنفيذ.
لقد قدمت المقاومة في غزة أعمالا بطولية رفعت رأس الأمة عاليا، لكن مَنْ يطاردون الشعوب وحريتها وتحررها، ومن يطاردون القوى الإسلامية التي تتصدر المشهد، لا يريدون ذلك، ما سيعزز فضيحتهم أمام الرأي العام في الأمة، ويقنع الجماهير بأن استكمال ربيعها ليس نافلة، من دون أن يقلل ذلك من التركيز على فلسطين، كقضية مركزية لجميع أبناء الأمة.
• @yzaatreh
لقد قدمت المقاومة في غزة أعمالا بطولية رفعت رأس الأمة عاليا، لكن مَنْ يطاردون الشعوب وحريتها وتحررها، ومن يطاردون القوى الإسلامية التي تتصدر المشهد، لا يريدون ذلك، ما سيعزز فضيحتهم أمام الرأي العام في الأمة، ويقنع الجماهير بأن استكمال ربيعها ليس نافلة، من دون أن يقلل ذلك من التركيز على فلسطين، كقضية مركزية لجميع أبناء الأمة.
• @yzaatreh
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق