الأحد، 16 نوفمبر 2014

رسالة الثبات على الحق من الدكتور صلاح سلطان لولده محمد في يوم مولده

رسالة الثبات على الحق

من الدكتور صلاح سلطان لولده محمد في يوم مولده

نشر فاضل سليمان، رسالة الدكتور صلاح سلطان، إلى نجله محمد سلطان، المضرب عن الطعام منذ 300 يوم، معتبرًا أنها قطعة أدبية يجب أن تدرس بالمدارس".
وكتب سليمان في تدوينة له علي صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك": "د. صلاح سلطان يخاطب ابنه ‫‏محمد سلطان المضرب عن الطعام منذ ٣٠٠ يوم في قطعة أدبية يجب أن تدرس في المدارس كي تتعلم الأجيال الشرف والكرامة وحب الدين والأوطان".

وجاءت الرسالة كالتالي:
رسالة لولدي يوم مولده.. بسم الله الرحمن الرحيم

"وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا ﴿١٥﴾(مريم)

إلى ولدي الكبير وحبيبي الأثير محمد صلاح الدين سلطان في تاريخ مولده السعيد.

السلام عليك ولدي الحبيب ورحمة الله وبركاته

أكتب لك ونحن معا في العناية المركزة بسجن الليمان وتكاد روحي تصعد لباريها في اليوم مائة مرة من فرقي وخوفي عليك أن تُشمت بنا الأعداء وتلقى الله هنا بعد قرابة ٣٠٠ يوم من الإضراب عن الطعام بكل قسوته وطوله وآلامه. أتذكر لحظة الفرحة الكبرى بولادتك في بيت وعيادة د.أم خلاد زوجة الحبيب د. سناء أبو زيد رحمهما الله رحمة واسعة، وقد شرّفت الدنيا في أشرف الأوقات عند صلاة الفجر وكنت أصلي إماما بسورة مريم وخرجت من رحم طاهر عند قوله تعالى : "فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ ۖ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا ﴿٢٧﴾(مريم).
وتعلم: " إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا ﴿٧٨﴾(الإسراء).


فلتعلم ولدي الحبيب أني - منذ ولادتك - قلبت وجهي في السماء ليلا ونهارا، في السحر، وعند الفطر، وفي الحرمين متوسلا لربي أن تكون عضدي وساعدي في تحرير الأسرى والأقصى والقدس وفلسطين، وابتليتٓ بالسجن والتعذيب لدينك أولا، ولانتمائك لأبيك ثانيا، لكن ألسنا قد بعنا النفس والمال لله، والله قد اشترى؟!!! ففوض أمرك إلى الله، واحفظ لنفسك قوتها ولو بالاكتفاء بالإضراب عن الطعام، لا الشراب فإن الله قد جعل من الماء كل شيء حي.


يابني الحبيب القريب: أليس الله بكاف عبده؟!!! فدعاؤنا على من ظلمنا أمضى من السيف في اللحم، والرصاص في الرأس، وتيقن أن ظالمينا لا يعيشون إلا في ضنك الدنيا وتتلمظ جهنم انتظارا لهم، لكنا هنا بين صيام وقيام، ودعاء ورجاء، وعلم وتعلم، وتقرب وتزلف، وذكر وشكر، ورضا وصبر، وتلاوة وتدبر، ونظر وتفكر، فهل خسرنا شيئا ونحن مع الله؟!!!
صدق ابن القيم " من وجد الله فأي شيء فقد؟ ومن فقد الله فأي شيء وجد؟ يابني الحبيب لقد فقدوا الله ووجدناه؟ " فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ ۖ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ ﴿٨١﴾(الأنعام).



ابني الحبيب: أقدر رجولتك ومروءتك، وصبرك وصلابتك، وجلدك وصدقك، ونبوغك وذكاءك، وقدراتك ومهاراتك، فارعها ونمّها وزدها حتى نخرج جميعا من بطن السجن فاتحين للبلاد، محررين للعباد من الفساد والاستبداد، والظلم والهوان، والفقر والجهل، فأمامنا جهاد طويل يحتاج لعملاق مثلك أن يسند الأمة والسلطان صلاح الدين في مواجهة الصهاينة والمتصهينين، والطغاة الظالمين لأي إنسان ولو كان بلا دين.


ولدي الكبير وحبيبي الأثير: لا تقطع لأبيك الشفوق، وأمك الرؤوم ، وإخوانك وأخواتك الأشقاء الأحباء، وأحبابك من العالم كله لا تقطع رجاءهم فيك أن تحيا قويا فتيا تقيا، اصنع لأمتك نصرا، وللإنسان عزة وكرامة كما كرمه الله.


ولدي الحبيب الذي أعشق الهواء الذي يخرج من فيك وقلبك في تلاوة القرآن والدعاء كأنك تحملني لربي بجوار العرش، ولا تنس ما اتفقت وتعاهدت عليه الأسرة من أهداف أربعة:

١- أرقي علاقة مع الله.
٢- أحسن خلق مع الناس.
٣- أفضل مستوى من العلم.
٤- أوسع مستوى من الإصلاح والتغيير.


فاذكر وصيتي وكن"وَبَرًّا بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُن جَبَّارًا عَصِيًّا﴿١٤
(مريم).
وفوض أمرك إلى الله الولي الحميد، القوي المتين، وهو وحده القائل: " إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ ﴿١٢﴾ إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ ﴿١٣﴾ وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ ﴿١٤﴾ ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ ﴿١٥﴾ فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ ﴿١٦﴾(البروج).


وغدا يشرق فجر جديد ب "وَأُخْرَىٰ تُحِبُّونَهَا ۖ نَصْرٌ مِّنَ اللَّـهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ ۗ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ ﴿١٣﴾(الصف).
وبين النصر والهزيمة صبر ساعة، "فَاصْبِرْ صَبْرًا جَمِيلًا ﴿٥﴾ إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا ﴿٦﴾ وَنَرَاهُ قَرِيبًا ﴿٧﴾(المعارج) "وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هُوَ ۖ قُلْ عَسَىٰ أَن يَكُونَ قَرِيبًا ﴿٥١﴾(الإسراء).


والسلام عليك وعلى أمك وإخوتك وأحبابك وأنصارك ورحمة الله وبركاته

والدك المحب المشفق عاشق الأقصى
صلاح الدين سلطان
٢٣/١/١٤٣٦
١٦/١١/٢٠١٤
من سجن الليمان معا بالعناية المركزة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق