الثلاثاء، 11 نوفمبر 2014

حسام الغمري يكتب : السعادة في لحس البيادة

حسام الغمري يكتب : السعادة في لحس البيادة



النخبة المصرية – الموزكفين و الفنانين والاعلاميين – هم بالفعل لعنة اللعنات ونكبة النكبات و كارثة الكوارث ، ودعنا نتخيل عزيزي لو ان الشاعر ” الكبير ” سيد حجاب قال حين عُرض عليه كتابة اوبريت لتمجيد مبارك : كيف تطلبوا مني ان امدح طاغية تآمر على شعبه بأن شرعن الفساد بجملته المشهورة ( الفساد موجود في الدنيا كلها ) ولم يكتف بذلك بل تآمر على الأمة كلها ، الم تلاحظوا انه في العام 89 طلب من السفير المصري في العراق عدم تحفيز المصريين على الذهاب الى هناك وقد كان بالعراق اكثر من مليون مصري والسفر اليها بالبطاقة الشخصية ولو افترضنا ان كل مصري كان يعول خمسه افراد من اسرته واغلبهم ريفيين وكان تعداد السكان في مصر حينها 40 مليون نسمة لعلمنا ان 12.5 % تقريبا من المصريين كانوا يقتاتون من خيرات العراق في الثمانينات ، ولم يكتفي بذلك ، بل سمح للامريكان في نفس العام باعمال توسعة قناة السويس حتى تسمح بعبور حاملات الطائرات العملاقة وكأنه كان يعلم ان فخا قد نصب للعراق في العام التالي سينتهي بتدميره ، والعجيب ان مبارك كان يرتبط مع صدام بمجلس تعاون عربي ، لا ، لن ابيع قلمي ، لن اخالف ضميري ، وسحقا لاموال استوليتم عليها بدماء الابرياء ودموع الثكالى وتدمير الأمة …

تخيل عزيزي القاري لو ان الملحن عمار الشريعي و كل المطربين رفضوا ايضا الاشتراك في هذا الاوبريت لنفس اسباب سيد حجاب المفترضه ، بالتأكيد كان مبارك سيشعر انه منبوذ من هذه الطبقة بسبب خياناته .
ثم دعونا نتساءل لو ان مثقفينا قد فعلوا ذلك حينها ، هل كانت نفس مبارك ستراوده بعد ذلك ان يورث ابنه الحكم ؟ وكما يقول المثل الدارج ملخصا هذا كله : قالوا للفرعون آيش فرعنك قال مالاقيتش حد يلمني .
ولكن فرعون هذا العصر ربما يجيب قائلا : اصلي كنت بتفرج على لميس وخيري !!
والامر له قصة قديمة بدأت كما بدأت كل الشرور مع انقلاب عبد الناصر ، وقد لا يعلم الكثيرون ان العندليب عبد الحليم حافظ قد مُنع من الغناء لستة اشهر بتعليمات من المشير عامر اكبر الداعمين لكوكب الشرق ام كلثوم التي غضبت من حليم بسبب عبارات تفوه بها على المسرح اعتبرتها اساءة لها ، حتى اضطر عبد الحليم الى نشر اعتذار رسمي لام كلثوم في كل الصحف حتى يعود الى الغناء وكانت اغانيه قد منعت من الاذاعة .
اي هوان واي قهر لارادة الرجال !!
هذه القصة وغيرها من القصص رسخت بداخل المثقف المصري حقيقة أن ميكانزمات السعادة في لحس البيادة ، فلا عجب ان تراهم الآن وبعد ذهاب غمتهم – والغمة التي اقصدها هنا هي نسمات الحرية التي هبت علينا لبعض الوقت منذ 25 يناير حتى انقلاب يوليو – يتبارون في الانبطاح امام فرعونهم الجديد ، تراهم يمجدونه مهما تلفظ من تفاهات ، مهما اصدر من عجيب القرارات ، حتى الصمت الرهيب يا مؤمن جعلوه يحمل معاني الذكاء والعبقرية أو الاتصال الصوفي مع الله جل وعلا عما يصفون إفكا .
وهؤلاء ان ذهب فرعونهم سيفقدون المهارة الوحيدة التي لديهم وهي تزيين الباطل و تزييف الحقائق وتمكين الفرعون وتمجيده ، والكذب ثم الكذب ثم الكذب وقد فقدوا ادنى درجات الحياء وهو شعبه من شعب الايمان كما قال أشرف الخلق أجمعين(صل الله عليه وسلم) .
ثم خبروني بالله عليكم ، كيف استطاع مراسل التليفزيون الرسمي ان يواجه جمهوره قائلا : حين نفيت خبر تفجير قسم الشرطة قبل نصف ساعة لم يكن قد حدث ، ولكن ها هو التفجير قد حدث الآن ( مراسل روحاني حضرتك ) .
وبعد هذا وغيره يخرج علينا المثقف الكبير متسائلا في سماحة الثعابين عن دماء شهداء الشرطة والجيش ، ويتبارى في تكرار السيناريو الامنى المعد سلفا وترديده على مسامعنا حتى يصبح الياذة الحقيقة الأكيده .
ليس ذنبي يا سادة اني لا اصدقكم ، ليس ذنبي يا سادة اني اراكم جرزان ترقص في حقل مأفون مخضب بالدماء الذكية من الشعب والشرطة والجيش والقاتل واحد ، نعم القاتل واحد لا يخجل من القول بأن دولته دولة دينية خاصة باليهود ، لا يخجل من تعريف حدود دولته التي وعد بها في كتابه حيث تقول التوراة في سفر التكوين :
فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ عَقَدَ اللهُ مِيثَاقاً مَعْ أَبْرَامَ قَائِلاً : ” سَأُعْطِي نَسْلَكَ هَذِهِ الأَرْضَ مِنْ وَادِي الْعَرِيشِ إِلَى النَّهْرِ الْكَبِيرِ، نَهْرِ الْفُرَات ” القاتل واحد وان اختلفت الوجوه .
والآن ، هل علمتم لماذا لا يخاف قاتلنا من ذكر حقيقة اهدافه ، فقط لانكم موجودون ايها المنافقين .
والآن ، هل فهمتم سبب ما يحدث في سيناء حتى العريش ام ان الوعد في سفر التكوين لا يثير غيرتكم على ارضكم التي سيرثها عباد الله الصالحين .
هل فهمتم ما يحدث في المثلث السني في الانبار ، هل فهمتم ما يحدث في سوريا وليبيا واليمن .
اقسم انكم تفهمون ، ولكنكم وجدتم السعادة فقط في لحس البيادة وهذا يناسبكم تماما ،
واختم مع أمل دنقل الشاعر الرائع الذي قال :
اتقنن الغلط
واتكفنت حقايق
في لمضة النيون
وزهوة اليفط
وسمنت القطط
وصبحت النبالة هبالة او عبط ، هبالة أو عبط
هبالة أو عبط
حسام الغمري

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق