التعذيب بالوكالة.. الصفقة السرية اللبنانية الدانماركية
في الفيلم الذي أعده فريق تحقيق الجزيرة وبث يوم 26/6/2015 يروي ثلاث حكايات لثلاثة أشخاص يحملون الجنسية الدانماركية، اعتقلوا في بيروت وعذبوا ومنعوا لفترات من السفر، ولكن الأخطر من ذلك شهاداتهم التي تفيد بأن المخابرات الدانماركية كانت على علم، بل هي من أوعز بالاعتقال.
علي إبراهيم من أصل لبناني، وأبو عبد الله لاجئ فلسطيني في لبنان، وحسن جبار من أصل عراقي، كانوا تلقوا عرضا للعمل لصالح المخابرات الدانماركية بين الجالية المسلمة، لكنهم رفضوا.
يقول علي الأب لستة أطفال إنه أبلغ المخابرات الدانماركية أن مضايقته ستدفعه لمغادرة البلد، فقالت له "أينما تذهب لدينا أصدقاء".
وعند اعتقاله في لبنان أبلغ الجهاز الأمني أنه يريد مقابلة السفير الدانماركي، فقيل له بسخرية إن الدانماركيين هم "من طلبوا منا اعتقالك".
منذ 2005 بدأت حرب الترغيب والترهيب الاستخبارية الدانماركية تجاه المستهدفين من الجالية المسلمة، وذلك عقب الغضبة التي أشعلتها الرسوم الكاريكاتيرية المسيئة للرسول الكريم.
لولا جوازك الدانماركي
العراقي حسن جبار فسر تسليم المستهدفين إلى بلاد عربية بـ"أنهم يعرفون أن أحقر شيء لدينا هو الإنسان". وذكر أن المحقق أبلغه أنه لولا "جوازك الدانماركي لسلخناك سلخا".
أما الفلسطيني أبو عبد الله الذي طلب عدم الكشف عن صورته فقد قرر في 2010 زيارة أهل زوجته في لبنان، فاعتقل 21 يوما بين الاستنطاق والتعذيب، وكما حصل مع علي أفرج عنه وحين حاول السفر بجوازه الدانماركي مُنع.
أهوال يصعب تخيلها يسردها علي محمد عن طُرق التعذيب والإهانة التي عاينها ويعرف عنها ومن ذلك في شهر رمضان ربطُ الصائم عند ساعة الإفطار والتبول في فمه، أو وضع المعتقل في كيس النوم مقيدا مع قط وجرذ داخل الكيس، أو الاغتصاب من قبل محققين في شعبة المعلومات ووزارة الدفاع.
وزير الداخلية ما بين عامي 2008 و2011 زياد بارود أنكر وجود أوامر بالتعذيب، مضيفا "لو كنت أعلم لكنت شريكا"، مؤكدا أن التجاوزات لم تكن بمستوى قرار سياسي أو بمستوى قيادات أمنية.
عقب عرض الفيلم، تحدث مدير المؤسسة اللبنانية للديمقراطية وحقوق الإنسان نبيل الحلبي فقال إن التنسيق الأمني والسجون السرية لصالح الولايات المتحدة وأوروبا ليست أمرا جديدا، بل كشفت العديد من هذه السجون في أوروبا الشرقية والدول العربية.
جريمة لا خطأ
ومضى الحلبي يقول إن التعذيب جريمة وليس خطأ كما يصفه السياسيون، وبالتالي ينبغي مقاضاة السلطات التي عذبت، لا محاسبة شكلية كما حدث في سابقة تعذيب جرى بعدها ترقية الضابط الذي كان يعطي أوامره بضرب أحد الموقوفين.
أما الكاتب والمحلل السياسي يونس عودة فقال إن التعذيب أمر مدان ومرفوض على المستوى الرسمي. لكن مثل هذه الأحداث تدفع إلى رفع الصوت عاليا لتشريعات تعاقب وتربط المحاسبة مباشرة بالسلطة التي تحقق وتعذب.
من ناحيته قال المدير التنفيذي لمنظمة جوستيتيا جاكوب ميشينغاما إن أقوال الشهود في الفيلم رغم خطورتها فإنها لم تكن موثقة بما يكفي لتربط تعذيبهم بالمخابرات الدانماركية.
وأشار إلى أكثر من سبيل للوصول إلى الحقائق ومن ذلك وسائل الإعلام "فلدينا في الدانمارك إعلام حر".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق