?!Could the European Union end up going the way of Arab unity
هل يلقى الاتحاد الأوربى مصير الجامعة العربية؟!
بقلم: روبرت فيسك
ترجمة: أحمد سامى
يعتبر مشروع جامعة الدول العربية هو أكثر المشاريع الميئوس منها فى منطقة الشرق الأوسط, فالأمال التى تم عقدها على اتحاد الدول العربية من المحيط الأطلنطى وحتى الخليج العربى ذهبت أدراج الرياح, تلك الأمال التى كانت تحدوا الشعوب العربية فى استغلال الثروة والسلاح المتوفران للدول العربية فى السيطرة على أكثر المناطق من حيث الأهمية الاستراتيجية على مستوى العالم – منطقة الشرق الأوسط, والموقف فى تلك المنطقة يختلف عن الدول الأوربية التى نجحت فى توحيد شتاتها حتى الآن على الأقل.
ولقد قام العديد من أصدقائى العرب بإثارة عدة أسئلة خلال الأسابيع الأخيرة حول الأزمة اليونانية, من تلك الأسئلة: هل الفساد له علاقة بما يحدث فى اليونان؟, هل هو التفاوت الطبقي بين غنى وفقير؟, أم أن اليونان قد استسلمت للأمر الواقع ووضعت تقرير مصيرها فى يد الغير.
ومن وجهة نظرى فإن السؤال الأهم هو: هل يخاطر الاتحاد الأوربى بالدخول فى مواجهة عسكرية مع روسيا من أجل ضم أوكرانيا للاتحاد الأوربى فى الوقت الذى يتنكر لليونان ويرفض مساعدتها فى محنتها وهى الدولة العضو فى الاتحاد؟.
وبالنسبة للأزمة الاقتصادية اليونانية فهناك علامة استفهام حول فشل أثينا فى التغلب على تلك الأزمة فى حين نجحت أيرلندا سلفاً فى التغلب على أزمة اقتصادية مماثلة, فأيرلندة التى ظلت تحت الاحتلال البريطانى لمدة ثمانية قرون نجحت فى نفض الغبار عن نفسها, أما اليونان التى تملك الثقافة والفن والتاريخ يصبح هكذا حالها فى الوقت الراهن.
والمشكلة اليونانية حسب تحليلى الشخصى تعود إلى الحقبة النازية التى كان يحكمها وقتها نظام موال لهتلر, ذلك النظام الذى لم يكن ليسمح بإنشاء كيان اقتصادى يونانى قابل للاستمرار, بل اقتصاد تابع للنازى بحيث يتم نهب موارد البلاد وعدم إفساح المجال أمام قيام تنمية حقيقية فى اليونان وكذا إرهاب الشعب اليونانى من قبل النازى لحمله على الخضوع والاستسلام.
أما الحكومة اليونانية فقد ادعت أن برلين مدينة لها بمائتى مليار يورو كتعويضات عن ما جرى فى الحرب العالمية الثانية, والحقيقة أن ذلك الادعاء فيه جزء كبير من الصواب حيث أرغمت البنوك اليونانية على دفع مبالغ طائلة لهتلر تحت تهديد السلاح فى الوقت الذى كانت آلة الحرب الألمانية تبذل ما فى وسعها لسحق حركات المقاومة اليونانية إبان الحرب العالمية الثانية.
وبعد انضمام اليونان للاتحاد الأوربى لم يكن من الممكن ببساطة إلقاء التاريخ فى سلة المهملات, ذلك التاريخ الذى يشهد على بشاعة ما تعرضت له اليونان وكذا إيطاليا وكرواتيا من القمع على يد "الرايخ", تلك الفرصة التى استغلتها الحكومة اليونانية فى التنصل من دفع ديونها الخارجية طالما هناك حكومة ألمانية عضو فى الاتحاد الأوربى تتمتع باقتصاد ضخم وتملك الكثير من الأموال.
والمشكلة أن الحكومة اليونانية لا تملك خطة واضحة لإيجاد حل للمعضلة الاقتصادية التى تكاد تعصف بالبلاد, بل أن تلك الحكومة تنتهج الطريق الأسهل ألا وهو التركيز على دعم دول الاتحاد الأوربى للاقتصاد اليونانى بغير خطة واضحة للحكومة اليونانية للخروج من تلك الأزمة مما جعل أثينا تُشكل عبئاً ثقيلاً على باقى دول الاتحاد خاصة ألمانيا التى لن تقم بدفع تعويضات لليونان إلى ما لا نهاية.
وإذا أضفنا إلى المشكلة اليونانية مسألة أخرى فى غاية التعقيد ألا وهى رفض بريطانيا الانضمام لمنطقة اليورو بل وتهديدها بالانسحاب من الاتحاد الأوربى سنجد أن القارة الأوربية تواجه نفس مشكلة الجامعة العربية, وهنا يثور التساؤل: هل تؤدى كل تلك التراكمات إلى أن يواجه الاتحاد الأوربى مشكلة التصدع كما هو حادث فى الجامعة العربية أم أن الدول الأوربية سوف تستطيع إيجاد حل لتلك المشكلات يقيها شر المشكلة الأكبر ألا وهى انهيار الاتحاد الأوربى بالكامل؟, فى اعتقادي أن الأيام القليلة القادمة سوف تحمل لنا الإجابة عن تلك التساؤلات.
رابط المقال:صحيفة إندبندنت
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق