الاثنين، 29 يونيو 2015

زواج الشواذ يكشف حدود الدين في المجتمع الأميركي

زواج الشواذ يكشف حدود الدين في المجتمع الأميركي


لا تقل صدمة قطاعات لا يستهان بها في المجتمع الأميركي عن صدمة غيرهم خارج الولايات المتحدة في موقف المحكمة العليا بالولايات المتحدة التي أقرت زواج الشواذ، حيث يجمع هؤلاء على مخالفته للفطرة والصورة السوية التي خلق الله الناس عليها.
عبد الرحمن يوسف-واشنطن
كرستين وايك سيدة أميركية في الأربعينيات من العمر، وقفت أمام المحكمة العليا لأكثر من شهرين حاملة لافتة تحذر من زواج الشواذ، وتقول "إن هذا الزواج ضد الدين وسيجلب غضب الرب"، كما سبق أن وقفت في ولايتها ميشيغان قبل سنوات، للغرض نفسه محذرة تجمعا لرافضي هذا الزواج عبر مدونتها.
وحول رد فعلها بعد أن قضت المحكمة العُليا بتقنين زواج الشواذ، قالت "قلبي انكسر، فما أفهمه هو أن الرب قد سن الزواج بين رجل وامرأة، وهو أمر واضح في الطبيعة وفي الإنجيل أيضًا، فالشذوذ خطيئة ولا يجب أن تُقنن، والآن أحني رأسي شعورا بالعار لما تفعله بلدي ومن يحكمونها".
على النقيض من ذلك، قال أريل حريرا المدير بمنظمة "بيت الحرية" في أميركا والداعم لـ"حقوق الشواذ"، إن المساواة في الزواج "مسألة حقوق مدنية بالأساس والدستور الأميركي يحمي حقوق الشواذ الأميركيين في الزواج، وأن يستمتعوا بكل المزايا والحقوق الاقتصادية والقانونية التي توفرها مؤسسة الزواج، والتي قد يكون لها تأثيرات عميقة على حياة أسرهم".
"مختار عوض: قرار المحكمة العليا يعكس التناقض الذي بدأ يحل على المجتمع الأميركي منذ فترة، فالمجتمع الأميركي -مقارنة بالمجتمعات الغربية في أوروبا- معروف عنه أنه أكثر محافظة، وتأثير الدين فيه أقوى، واليمين الديني له نفوذه القوي فيه"
تناقض وانقسام
من جهته قال الباحث في مركز دراسات "التقدم الأميركي" مختار عوض، إنه يوجد انقسام حول هذه القضية داخل المجتمع الأميركي "لا يقل عن الصراع القائم حول حقوق الإجهاض، وهو صراع يعكس فكرة النفوذ بين الليبراليين واليمين المسيحي، حيث يتميز كلاهما بالقدرة على التنظيم والانتشار".
ويرى عوض أن قرار المحكمة العليا "يعكس التناقض الذي بدأ يحل على المجتمع الأميركي منذ فترة، فالمجتمع الأميركي مقارنة بالمجتمعات الغربية في أوروبا معروف عنه أنه أكثر محافظة، وتأثير الدين فيه أقوى، واليمين الديني له نفوذه القوي فيه".
وخلص عوض إلى القول إن هذا الحكم "يكشف تراجع تأثير الدين في المجتمع المعتاد ارتياد الكنائس، وهو ما تؤكده الإحصاءات، مبينا أن الأجيال الشابة تزداد فيها مسألة الإيمان بالحريات الشخصية في سقفها الأعلى، ويتساوى في ذلك الشباب المحسوب على اليمين والمحافظين أو على اليسار والمتحررين، بغض النظر عن اختلافهم في القضايا الأخرى سواء الاقتصادية أو السياسية".
وعقب صدور هذا الحكم ربط كثيرون بينه وبين تراجع تأثير الدين في المجتمع الأميركي، وترى الكاتبة كرستين أن الكنيسة "تراجعت من وقت طويل جدا، ولهذا لدينا المشكلة، لقد سمحنا بالطلاق وبالزنا والذي تم تمريره ببطء، فالكنيسة سمحت بتنازلات".
كما وقع أكثر من خمسين ألفا من رجال الدين المسيحيين بكافة طوائفهم -ومعهم رجال دين يهود في الولايات المتحدة- وثيقة ترفض الحكم، لكن هذا الأمر رفضه أريل حريرا قائلا "إن الثقافة ونظم الاعتقاد ليسا ثابتين، وكان الدين يبرر العبودية وإخضاع المرأة غير أن هذه الاعتقادات استمرت في التغير".
ويظهر تقرير عن الدين في الولايات المتحدة نشرته مؤسسة "بيو" الشهر الماضي تراجع المسيحية عن بقية الأديان، ففي عام 2007 كانت نسبة المسيحيين -طبقا لإحصاء رأي- في أميركا حوالي 78.4%، بينما في عام 2014 كانت 70.6% أي إنها سجلت تراجعا نسبته 7.8%. ومنذ عام 2007 إلى عام 2014 كانت هناك زيادة في نسبة اللادينيين بحوالي 6.7%.
كما أظهرت نتائج استطلاع رأي أجراه معهد جالوب في ديسمبر/كانون الأول 2013، أن 56% من الأميركيين يقولون إن الدين مهم في حياتهم، و22% يقولون إنه مهم نوعا ما، و22% آخرون يقولون إنه ليس مهم جدا، وجاء في استبيان أن أربعة من كل عشرة أميركيين (40%) ذهبوا لمكان عبادة.
المصدر : الجزيرة


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق