الأحد، 28 يونيو 2015

بروتوكولات حكماء العرب -4-


بروتوكولات حكماء العرب -4-

شرسٌ .. ووحش..!!..

دكتور محمد عباس 

و أنا أنسخ " بروتوكولات حكماء العرب " لكم يا ناس رعبت رعبت رعبت.. ارتعبت ارتعبت..

ارتعبت حين رحت أقرأ ما فيها..

أقرأ فأفهم فأعلم وأعرف فتلزمني الحجة أمامكم وأمام المرسل المجهول وأمام الأمة وأمام التاريخ وأمام الله يوم القيامة فيهولني عظم الأمر الذي وقعت فيه.. حتى لأهتف ليت أمي لم تلدني..

قرأت ففهمت فعلمت لكنني لم أعمل بما علمت.. اللهم إلا إذا كان نشر هذا المخطوط عليكم عملا يوضع في ميزاني يوم القيامة.. لكن هل يوضع لي أم علىّ .. لكم وددت أن أترك هذه الدنيا لا لي ولا علىّ..

قرأت ففهمت فعلمت فعانيت من الرعب ألوانا حرت في أسمائها..

رعبت، فزعت، خفت، دهشت، ذهلت مما قرأت..

و رعبت، فزعت، خفت، دهشت، صعقت مما رأيت ..

ورعبت، فزعت، خفت، دهشت، حزنت مما سمعت..

رعبت، فزعت، خفت، دهشت، ذهلت، صعقت، حزنت مما عرفت، فهمت، أدركت ..

أدركت أن الموت أهون مما نحن فيه..

ذلك محزن..

لكن الكارثة أنني أدركت أيضا أنه أهون – أكثر بكثير - مما سيليه..

لأننا ما دمنا سنحاسب على الجبن والخنوع والسكوت على الظلم ومداراة الفاجر الكافر فما أرخص الشجاعة والأمر بالمعروف!!.. بل ما أهون الموت..

ولست أدرى والله أيها أشد على قلوبكم.. ما أنسخه لكم.. أم ما تنشره صحفكم..

في صحفكم يا ناس قرأت أن مباحث أمن الوطن في بلادي وفى بلاد غير بلادي- إبان سعيها الدؤوب لمعرفة من نسخ المخطوط ومن سربه ومن نشره- راحت تداهم بيوت إخواني.. لم تجد في بيوت معظمهم إلا القرآن.. فاعتبروه من المضبوطات الممنوعات .. وعدّوه قرينة ودليلا على الخروج على النظام.. تستوجب العقاب والصوارم..

حرت كيف أسمى ذلك..

انتظرت مرارا أن تصدر نيابة أمن الوطن قرارا بضبط وإحضار ضابط مباحث أمن الوطن الذي اعتبر القرآن حرزا فحرزه..

لكن النيابة لم تفعل هذا أبدا..

اعتبرت هي الأخرى القرآن حرزا فحرزته..

سألت نفسي- حين كنت أتسلل إلى بيوت إخواني المقبوض عليهم، غير المغضوب عليهم، من الله لا من السلطان، ولا الضالين- هل يقبضون عليهم حقا من أجل ما يدّعون وما يلفقون أم أنهم علموا أن نسخا من " بروتوكولات حكماء العرب " قد وصلت إليهم فراحوا يبحثون بينهم عن المرسل المجهول..

سألت نفسي..هل هؤلاء الذين يروعون الناس من الوطن..من الأمة .. من جنسنا وجلدتنا؟ ..

وسألت نفسي.. إن كانوا من أهلينا.. فلماذا ألسنتهم أمر من الصبر وقلوبهم قلوب ذئاب؟..

حددت البصر فيهم.. بحثت عن قرني الشيطان وحافريه.. ثم بحثت عن قناع يخفى ذلك.. كلّ البصر فلم أرَ.. كيف لم أرَ؟!.. هل كلّت البصيرة أيضا.. سألت نفسي.. لو أنهم داهموا واحدا من المقبوض عليهم، غير المغضوب عليهم ، ولا الضالين، لو أنه داهموه إذ يقرأ القرآن .. تتنزل عليه الملائكة .. تحيطه .. لو أنهم رأوا المعجزة.. فهل تهتدي قلوبهم أم يحاولون ضبط الملائكة .. لتحريزهم هم الآخرين..

أقول لكم يا ناس غير كاذب.. أن واحدا من إخواني هناك.. اشتد به العذاب فصرخ مستجيرا : يا رب.. فسخر منه الجلاد الذئب.. نطق بالكفر.. وأي كفر.. والله يا ناس إن ما قاله الجلاد يتأبى على بياني.. يخشى لساني أن ينطقه فيحرقه.. ويخشى بناني أن ينسخه فيصعقه.. قال الجلاد الذئب : لو نزل إليك الله فسوف أحبسه معك.. وسوف أفعل به ما أفعله بك..

آه..

آه تذوب فيها كل الحروف تحت وطأة ما هو أشد من النار و أعظم..

"ألف" ينطلق منها الشرر و "هاء" ينطلق منها الشرر فيندمج الشرر بالشرر بأقوى من الاندماج النووي فينطلق منه ما هو أشد من النار النووية فيذيب ما بينهما وما بعدهما من حروف.. فلا تبقى من كل الأبجديات إلا ألف وهاء.. فتصبح كل الكلمات آه آه آه آه ..

آهٍ.. آهٍ.. آهٍ..آه..

آه .. ويا له من ذنب لو وزع على الأمة كلها لوسعها..

عندما انتشرت الفضيحة أنكر أصحاب الجلاد الذئب أنه قال ما قال.. لكن لسان الحال أصدق من المقال.. وهاهم أولئك يعدّون القرآن ممنوعا يحرز.. فكيف ينكرون ما ينكرون..

ماذا يخرسكم يا ناس..

تخرسون وتدعون..

تدعون وتظنون أن يستجاب لكم دعاء..

ما أخرسكم؟؟؟..

ما أخرسكم!!!..

كنت أعود من زيارة إخواني المقبوض عليهم غير المغضوب عليهم حسيرا..

أعود..

أعود محنىّ القامة منكسر الهامة..

ماذا يمكن أن يفعل الذئاب لو أدركوا أنني الشخص الذي يبحثون عنه .. وأنني أنا الذي أنسخ المخطوط..

أوصد جنبات نفسي على سرى..

أحاذر أن أحمل القرآن في يدي.. ما داموا قد اعتبروه من الممنوعات.. قلت لنفسي مادام وجوده في بيتك أو يدك قرينة ضدك فلا تحفظه فيهما.. احفظه في قلبك.. حفظه في القلب أثقل كثيرا وأصعب كثيرا .. لكن ماذا أفعل.. وأنا مرعوب ممن قلوبهم قلوب ذئاب..

مرعوب ..

مرعوب ورعيب..

رَعَبَه يَرْعَبُه رُعْباً ورُعُباً؛ فهو مَرْعُوبٌ ورَعِـيبٌ..

عانيت من الرعب ألوانا وألوانا.. كانت ثمة أنواع من الرعب أعرف أسماءها.. لكن أنواعا أخرى حرت كيف أسميها..

رعبت رعبت رعبت رعبت..

حتى حسبت أنه لا يوجد من ألوان الترعاب أكثر مما عرفت..

فزعت..

عندما رأيت القرآن من المضبوطات المحرزات فزعت..

لزمت خاصة بيتي..

لا..

لست مثل صاحبي الذي كان يدعو:

لك الحمد منك الرزايا عطاء..

ومنك المصيبات بعض الكرم..

لا.. لست مثله..

كان يعتبر الابتلاء اصطفاء.. ودليلا على الرضا..

لا .. لأنني يا ناس أعتبر الابتلاء فتنة.. ثم أنني مرعوب أن يدهموا بيتي ذات يوم يفتشون عن القرآن.. فحين لا يجدوه في يدي ولا في بيتي.. فإذ ذاك يشقون قلبي فيخرجوه منه..

مَرْعُوبٌ ورَعيبٌ، ورَعَّبَهُ تَرْعِيباً وتَرْعاباً، فَرَعَبَ..

كيف أعيش إن أخذوا القرآن من قلبي.. وحرزوه..

كيف أعيش إن نجحوا في فتنتي..

إن طلبوا منى أن أكون عينا لهم فأيما بيت نزلت الملائكة فيه أرشدتهم إليه..

يا ناس .. الابتلاء للضعفاء مثلي فتنة لا اصطفاء..

وأنا رأيت الفتن مقبلة كقطع الليل..

فرعبت..

لزمت خاصة بيتي..

أسدلت الستائر على نوافذي خيفة أن يهبط على قلبي الذي حفظت فيه القرآن ملاك فيرى العسس نوره فيدهموني.. فيحرزوا الملاك كما حرزوا القرآن ثم يحرزوني فتؤمن النيابة على ما فعل العسس فتحيلني إلى قاض من القاضيين اللذيْن هما في النار فيحكم لهم وعلىّ..

لزمت خاصة بيتي..

وفى ذلك الوقت بالتحديد بدأت نشر المخطوط..

وبدأت المطاردة والحصار..

نضبت يا ناس ألوان الرعب التي حرت في أسمائها..

وأتت صنوف ما لهن أسامي..

ورعبت، فزعت، خفت، دهشت، ذهلت، صعقت، حزنت، أرِقت..

من حينها تطاردني الأحلام والكوابيس والهواجس والرؤى..

تنفجر الشكوك وتتناثر جنبات النفس أشلاء وأتوه ما بين جهد المُقلّ وعجز المخلّ..

أقرأ.. فيشملني عجز وتلفني حيرة..

أين لي عقل يفهم ما خلف الأشياء..

أين لي أذن لا تسمع إلا صدقا وعين لا تقرأ إلا حقا ولسان لا ينطق إلا صوابا وبصيرة لا يخدعها سراب..

آه .. لو أستطيع أن أمد يدي فأمسك اليقين..

لو أستطيع أن أعثر على ورق ينبئني حين أنسخ الكلمات عليه: هذا الكلام صادق وذاك الكلام كذاب..

لو أستطيع أن أعثر على مداد يخبرني حين أخط الحروف به من أين أتت تيك الحروف.. من عند المرسل المجهول أم دسها علىّ أعوان السلطان – لينكلوا بي –..

من أين أتت .. من لدن الرحمن أم من عبدة الشيطان..

رعبت..

رعبت، فزعت، خفت، دهشت، ذهلت، صعقت، حزنت، حزنت، حزنت ..

دعكم من الرعب الذي هز كياني وزلزل أوصالي إذ رحت أقرأ في المخطوط ذلك الحرص على ألا يعرف ما فيه إلا ملك أو رئيس.. وأن من يكشف أي حرف فيه محكوم بالموت عليه..

ها أنذا ..

ها أنذا واحد من الرعاع وقد عرفت.. ونسخت .. وكتبت .. ونشرت..

ترى .. ماذا سيفعلون بي وقد أذعت سرهم وهتكت سترهم وكشفت أمرهم..

أنا واحد من الرعاع والدهماء يرعبني أن ألقى - صدفة - في الشارع أحقر ذئب من عسسهم حتى ولو لم أرتكب ذنبا.. ترى ماذا يفعلون بي وقد ارتكبت الذنب الأكبر.. لا ضد واحد ولا ضد اثنين.. بل ضد ثلث حكومات دول العالم.. أنا الذي يذوب قلبي من الرعب حين ألقى بالمصادفة واحدا من ذئابهم ماذا أفعل حين يطاردني ملايين وملايين.. ملايين تنفجر في الواقع كالكابوس.. تلعق حواجز الرعب التي وضعتها بيني وبينها حتى تذيبها.. كيأجوج ومأجوج.. تطاردني .. تحاصرني..

أين المفر؟!..

لكنني أصارحكم يا ناس أن هذا ليس عذابي الأكبر.. ولا خوفي الأهم.. ولا خطبي الأطم..

فعذابي الأكبر أنني قرأت فعرفت..

قرأت .. قرأت.. قرأت.. عرفت.. عرفت .. عرفت ..

آه يا ناس لو أنكم قرأتم ما قرأت وعرفتم ما عرفت..

ها أنذا أحاول أن أنسخ لكم ما أقدر على نسخه..

لم أخدعكم .. فكيف يخدع الكاتب أهله..

لم أكذبكم .. فكيف يكذب الإنسان قومه..

ولقد صارحتكم من البداية.. أنني إذ أنسخ لكم من المخطوط.. أبدل بعض الكلمات .. ولا أسمى الأشخاص بأسمائهم.. كما أن المرسل المجهول.. لم يصرح لي بأن أقول لكم كيف اتصل بي.. ودعوني أصارحكم.. أنه بعد انتشار ما نسخت بينكم.. وبعد أن بدأ العسس يطاردون إخواني بالشبهات.. فيقبضون عليهم.. ويلفقون لهم التهم.. ويعذبونهم عذابا شديدا حتى يعترفوا..لا بما ارتكبوه .. ولا حتى بما ادعوا عليهم أنهم ارتكبوه .. بل يأمل الذئاب والكلاب.. أن يكون بين المقبوض عليهم واحد ممن ينشرون المخطوط بين الناس.. أو واحد ممن يعرفون المرسل المجهول.. الذي عاود الاتصال بي.. بطريقته الفذة الغريبة.. والتي لم يصرح لي أن أبوح بها لكم.. بل إنه لم يصرح حتى بأن أخبركم بفحوى الحوار الذي دار ما بينه وبيني.. لكنه كان يشجعني.. ويبشرني وإخواني .. لا بالفوز والنصر .. بل باستشهاد وشيك.. ورحت أسأل .. وأسأل.. وأسأل.. وحين ألححت في السؤال و ألحفت في المقال وتطاولت في المطالب.. قطع الاتصال غاضبا.. كنت أسأله : ما يدريني أنك مدسوس علىّ.. فغضب .. أشار إلى قلبي وقال : سَلْهُ.. فناشدته ورجوته وتوسلت إليه: طمئن قلبي أكثر .. فقطع الاتصال ..

كنت أريد أن أسأله.. والرعب ينهشني.. إن كان ما ورد في هذا المخطوط صحيحا فأنى لنا أن نواجهه.. عشنا أعمارا بعد أعمار .. وأجيالا وراء أجيال .. وحقبا خلف حقب.. نحسب أن ملوكنا ورؤساءنا وأمراءنا منا.. منا لا علينا..ولا وكلاء أعدائنا لدينا ..منّا.. إلا أن الشيطان قد استخفهم فأطاعوه .. ورحنا ندعو لهم بالهداية.. مهما بلغ غيهم وظلمهم وجورهم وفسقهم كنا ندعو لهم جميعا عقب كل صلاة بالهداية.. ومكثنا ننتظر الإجابة..كنا نحسب أن خطاياهم هي الخطايا العشوائية إثر عدم اتصال بالعلم.. إثر جهل.. إثر قساوة في القلب.. أو عتامة في الروح.. أو غلبة في الشهوات.. أو عدم فهم للدين .. بل كنا نحسب أنهم أنفسهم .. يتمنون التوبة وينتوونها لكنهم كل مرة يؤجلونها ليوم آخر.. غير مدركين أنهم حين يمسون لا يعرفون هل يصبحون وحين يصبحون لا يعرفون هل يمسون.. كنا نظن ذلك.. وكنت معكم يا ناس أظن ذلك.. حتى جاءني ذلك المخطوط المروع الرهيب.. الذي كشف لي الأمر وما كشف الغمة.. لأدرك أن المصيبة ليست خبط عشواء بل هي علم وفكر وفلسفة وخطط وكفر بالله وإيمان بالشيطان يتوارث عبر القرون.. ليس عشرة قرون كما حسبت ذات يوم .. ولا حتى مائة قرن .. أكثر أكثر أكثر أكثر.. ليست اجتهادا فرديا لكل ولى أمر منبت الصلة بما قبله وما بعده.. لا.. ليس ذاك.. بل مؤسسة أخطبوطية عملاقة وعلم شيطاني ممنوع علينا ومحاضرات يلقيها من لا نعرف هي التي أنسخها هذه الأيام لكم.. فكيف نواجه ذلك الهول كله.. كيف نواجهه وما لنا من حيلة.. نحن البسطاء الضعفاء العزل .. كيف نواجههم وهم جبابرة الأرض .. كيف نثنيهم عن الباطل وهم لم يقعوا فيه صدفة بل قصدوا إليه قصدا.. كيف نواجههم.. وكيف ننتصر.. فبرغم كل ذلنا وضعفنا وهواننا ليس أمامنا اختيار آخر.. لأنهم لو واصلوا الانتصار علينا لكسبوا الدنيا وخسرنا نحن الدنيا والآخرة..

لكن .. كيف نواجههم..

كيف يواجه المقلاع صاروخا..

كيف يواجه السهم قاذفة قنابلٍ شبح..

كيف يواجه القارب الخشبي البالغ الصغر حاملة طائرات ضخمة..

وكيف يواجه القلب العاري خنجرا يغمد فيه .. لا تحميه يد فاليد مكبلة..

رعبت رعبت رعبت..

فزعت وخفت..

سألت سألت سألت ..

لن أخدعكم..

لا أخدعكم..

فإنني لا أملك أية إجابة.. ولا أي حل.. لكنني أطمع أن يضئ لي المرسل المجهول الذي لا أكف عن التفكير فيه طريقي.. أطمع أن يعاود الاتصال..

فلقد فكرت بعد أن هدني العجز .. أن ذلك المرسل المجهول قد يساعدني بقدراته الفذة على الإجابة.. ولمَ لا.. وقد استطاع بطريقة لم يخبرني بها أبدا.. أن يخترق حصونهم.. ويقتحم قلاعهم.. فيسجل ما يقولون.. ويحصى ما يدبرون.. خاصة أنهم كما فهمنا في البروتوكول الثالث حريصون على عدم كتابة هذه البروتوكولات أو نسخها أو تسجيلها بأية طريقة .. لم يخبرني المرسل المجهول بشيء.. لكنني استنبطت أنهم ما داموا حريصين على سرية بروتوكولاتهم هذا الحرص كله.. فلا يمكن أن يكونوا هم الذين نسخوها.. فلا ريب إذن أن المرسل المجهول هو الذي سجلها عليهم.. ولتفهموا يا ناس إذن معي أن الخط الذي كتبت به البروتوكولات خط المرسل المجهول لا خط الملوك.. و أن اختلاف الخطوط الذي أنبأتكم به في البروتوكول الأول قد يعنى أن له أعوانا.. ثم أن نسخ هذه البروتوكولات .. ونشرها بينكم.. قد يكون الخطوة الأولى في المواجهة.. وهى مواجهة ليس لنا رغم كل ضعفنا وبؤسنا وهواننا على الناس.. ليس لنا أبدا أن نخسرها.. قد يكون المخطوط هو الخطوة الأولى في المواجهة.. لذلك أنسخه لكم.. لكنني أوصيكم.. لا تحتفظوا بالأوراق التي أنسخ لكم فيها هذا المخطوط في بيوتكم.. ولا في أيديكم.. فربما .. بل من المؤكد .. أن عسس أمن الوطن .. ونيابة أمن الوطن.. وقضاة أمن الوطن.. سيعدونها من المحظورات لو ضبطوها في بيوتكم.. وسيستعملونها كقرائن ضدكم.. يذهبون بها إلى نيابة أمن الوطن.. فلا تأمر بضبطهم وإحضارهم .. بل بضبطكم وإحضاركم.. إلى قضاة النار.. من أجل ذلك لا تحفظوها في أيدكم ولا في بيوتكم.. احفظوها في قلوبكم.. وخشية أن يحصوكم عددا ليمزقوكم بددا .. ومخافة أن يستحر القتل فيكم.. إن لم يكن بالإعدام على المشانق.. فبالسم الذي يدسونه لكم في شرابكم وطعامكم ..أو بالقهر.. تموتون في بيوتكم.. وقد يضيع المخطوط بموتكم.. فليحرص كل منكم.. ألا يموت إلا وقد بلّغ بما علم .. ورِّثوا كلمات المخطوط لأبنائكم.. وسربوها لمن تثقون فيه..

لقد أطلت عليكم.. أستميح عذركم.. ولندلف إلى بقية البروتوكول الثالث..


بقية البروتوكول الثالث



يا جلالة الملك.. يا فخامة الرئيس .. يا سمو كل سام .. ويا معالي كل عال..

لا يسعني إلا أن أشكركم.. وأن أشيد بكم.. معترفا بأن التقدم الذي أحرزتموه في العقود القليلة الماضية.. يفوق أعظم أحلامي.. وما هو ببعيد ذلك اليوم .. الذي يحتل فيه أحدكم مكاني.. وكم من تلميذ بز معلمه.. ثم أن أكثر ما بهرني فيكم.. غلبة الحسم عليكم.. وهو أمر تتفوقون فيه على آبائكم وأجدادكم.. من الملوك والرؤساء والأمراء والسلاطين.. والذين كان يعتريهم في بعض الأحيان ضعف يجعلهم يميلون إلى الرعاع أو إلى شيخ لم يستأنس.. أشهد لكم.. أنكم فهمتم لغتنا – لغة الملوك – أسرع كثيرا مما كانوا يفهمون.. وأنني لم أر فيكم ما كان يعتريهم من ضعف وتردد ولوم للنفس وتأنيب ضمير.. أشهد أنني ما رأيت واحدا منكم فريسة لعذاب ضمير.. وتلك لعمري آية نضج أقرظكم عليها.. لذا وجب التنويه..

والآن أعود إلى ما كنا فيه.. كنا نتساءل عن الرجل الثاني في الدولة.. عن نائبك يا رئيس وولى عهدك يا ملك.. قلنا أن وجوده خطر.. ثم أردفنا أن غيابه أشد خطورة.. وقلنا أن اختيار من يتسمون بالوداعة الغبية والجهل الجميل خطأ كبير.. وتساءلنا ساخرين:

-هل نختاره شرسا أو حشا..

والإجابة أن هذا هو عين الصواب..!!

نعم يا جلالة يا فخامة يا سمو يا معالي.. نعم .. أن تختاره شرسا . . أو وحشا . . أن يخافه الجميع .. المواطنون والمعارضة والحكومة . . أن يروا فيه الشيطان نفسه بينما تكون أنت ملاكهم الحارس .. أن تكون سلطاته بلا حدود إلا حدودك.. أن يصبح بالنسبة للآخرين خطرا ماحقا لا ملاذ منه إلا اللجوء إليك.. أن يكون مكروها من الجميع . . بل أن يكون سفاحا إذا أمكن . . فذلك، وذلك فقط هو الذي يدفع الجميع .. رجال السلطة والرعاع والمعارضة إلى أن يحافظوا عليك و يتمنوا استمرار حكمك خوفا من أن تذهب أنت فيجئ هو. . . . يجب أن يكون السواد الخالص والشر الكامل الذي يبدو بجانبه كل لون أبيضا وكل شر خيرا. . يجب أن تترك له دائما القرارات التي يستاء لها الرعاع . . أن يكون عصاك التي تؤدب بها من تريد . . دعهم جميعا يأتون إليك متوسلين برحمتك من قسوته . . . وبرضاك من غضبه . . وبجنتك من جحيمه ، وليكن قرارك عندئذ ما تمليه مصلحتك. . تستطيع أن تصمت إذا كنت تريد لبطشه أن يستمر. . وساعتها سيكون على الصحف والتليفزيون وجميع وسائل الإعلام أن تفسر صمتك للناس . . فجلالته وفخامته وسموه ومعاليه .. وسط مشاغله العليا بمصالح الوطن القومية والمصيرية لا يستطيع أن يتابع كل كبيرة وصغيرة وعليهم أن يثبتوا أن النائب أخطأ حتى تتدخل. . . . ثم أنهم لن يستطيعوا أبد إثبات ما يريدون إثباته إلا إذا أذاعته إذاعاتك ونشرته صحفك.. ولما كانوا لن يستطيعوا أبدا إثبات ذلك- إلا بإرادتك - فسوف تكون الكرة دائما في ملعبك تقذفها حين تشاء .. وعندما تتدخل صحافة المعارضة بالتشهير فإننا نستطيع استغلال حصار المعلومات الذي نفرضه عليها لنسرب إليها معلومات خاطئة لنطلق كلاب صيدنا – أقصد كتابنا بالطبع- عليها.. نأمرهم أن يسفهوها ويحقروها.. وبذلك نجعل الرأي العام نفسه يرفض أن يتنازل لقراءة هذه الصحف الحقيرة..

إن الإذاعة والتلفزيون والكتلة الرئيسية للصحافة في أيدينا .. ولن يستطيع أحد أن يثبت فيها إلا ما تريده أنت أن يثبت . . . إنك سنعرف ما تريد أن تعرفه . . أما مالا تريد أن تعرفه فلن يستطيع أحد إثبات أنك عرفته . هذا من ناحية .. أما الناحية الأخرى فهي أنك ستتدخل أحيانا كي تقلم أظافر نائبك أو ولىّ عهدك عندما يكف عن نفاقك أو يعتدي على رجالك.. سوف تقمعه وتلغى أوامره وتصدر عكسها .. وستقوم الصحف والإذاعة والتليفزيون ساعتها بإبراز مدى ديمقراطيتك وحرصك على الوطن والأمة .. ذلك الحرص الذي يأبى أن تسكت عن ظلم اتصل بعلمك . . وأنك لم تدع أي مسئول في البلاد مهما كان حجمه فوق المساءلة.

إنك بهذا تكون قد وضعت النائب في مصيدة . . إنه سيتحمل كل أوزار الحكم .. ولن ينال من ثماره إلا ما تتعطف أنت به عليه .. وسيكون الحكم على صفاتك دائما ليس حكما مطلقا إنما حكم يقارنك به .. فكلما كان هو أسوأ كنت أنت أفضل . .. ثم إنك إن أبقيت عليه فهذا هو حقك الدستوري الذي لا يماريك أحد فيه . . أما إن قررت عزلة فان قرارك لن ينازعك أحد عليه .. ثم أنه سيصادف هوى جماعيا من الحكومة والمعارضة والشعب . .

لا..

لا.. أعترض ..

توقفوا على الفور..

لا يليق بكم ذلك.. دعوه للرعاع..

كيف يليق بكم أن تصفقوا يا جلالة الجلالات وفخامة الفخامات وسمو السموات.. التصفيق عادة الرعاع والدهماء من شعوبكم وخدمكم..

لكنني في نفس الوقت .. أنبهكم..أن ما تصفقون الآن إعجابا به هو ذاته ما كان يمكن أن ترفضوه وتستهجنوه قبل أن أفصّل الأمر لكم.. تعلّموا إذن ألا يكون لكم رأى مسبق في أي شيء.. وتعلموا أيضا أننا مهما بلغ اقتناعنا برأي أو فكرة.. فإننا نعلم أن هذا الرأي أو هذه الفكرة مرتبطة بظروف موضوعية .. وملابسات واقعية..فإن تغيرت الملابسات أو اختلفت الظروف وجب أن نراجع أنفسنا ونغير اقتناعاتنا.. هذه نقطة هامة جدا.. لا تنسوها أبدا.. ليس في أفكارنا مطلق ولا ثابت.. المطلق والثابت يوجدان مع الله فقط.. ونحن لا نعرفه.. قررنا ألا نعرفه.. سوف تظل هذه الفكرة المحورية تسيطر علينا طيلة البروتوكولات.. لذلك أكتفي بمسها الآن مسا سريعا.. الله دائم سرمدي أبدى خالد.. ومعنى اعترافنا بوجوده أن القيم ثابتة.. لا تسرق.. لا تزن .. لا تقتل.. لا تكذب.. لا تسكر.. ولو اعترفنا بذلك مرة واحدة فإننا لا نستطيع النكوص أو التغير لأنه هو لا يتغير.. فماذا نفعل إذن إذا وجدنا أن مصلحتنا في السرقة ومتعتنا في الزنا وانتصارنا في القتل و خداع عدونا المزدوج في الكذب وعزاءنا ونشوتنا في الخمر.. ثم.. من غير الله قال أن العفة فضيلة والزنا رذيلة؟.. من غير الله قال أن الناس سواسية وأن قتل واحد فقط كقتل الناس جميعا.. أريدكم أن تتصوروا معي لو أن أي واحد منكم حكم من خلال منظومة القوانين الإلهية .. هل يمكن أن يستمر حكمه يوما واحدا؟.. إن اعترافنا بوجود الله يعنى اعترافنا بديمومة الصفات والمعاني.. وهذا لا يتنافى فقط مع حكمنا بل مع وجودنا ذاته.. سوف نعود لهذه النقطة مرات ومرات.. لكنني لم أذكرها الآن سدى.. ذكرتها لحاجتي إليها.. وفى موضوع الرجل الثاني بالذات.. قلت لكم أن أفضل اختيار هو أن يكون وحشا شرسا.. لكن فلنفترض أن الرعاع والدهماء أعلنوا الثورة .. نعم .. في البداية يجب أن نواجههم بمنتهى القسوة والعنف.. اسحقوهم بالدبابات والطائرات.. وتذكروا أن فائدة الجيوش القصوى ونتائجها المبهرة تقبع في مواجهة الشعوب وليس في مواجهة جيش آخر.. ففي مواجهة جيش آخر توجد دائما احتمالات الهزيمة.. والهزيمة أيا كانت أسبابها فنتيجتها واحدة وهى زلزلة العروش تحت أقدامكم.. أما في مواجهة الشعوب فالنتيجة شبه مؤكدة.. عشرة آلاف قتيل.. مائة ألف قتيل.. مليون قتيل.. ثم ينسحب الرعاع كجرذان مذعورة يلعقون جراحهم وأحذيتكم في نفس الوقت.. لكن لنفترض أن الأمور لم تسر كما نهوى.. أن الجرذان لم تنسحب بعد مليون قتيل.. بل إنهم استولوا على السلاح من الجيش وبادلوكم القتل بالقتل.. في هذه اللحظة تنبهوا جيدا فهي لحظة التحول الكارثة التي يبدأ فيها تفتت الجيش وانقسامه وانضمام بعض وحداته إلى الرعاع.. لا تنسوا أبدا أنه ينتمي إلى الرعاع مهما حاولتم إيهام أفراده بغير ذلك.. لا تنسوا أبدا أن الجيش هو الحامي الذي يرفعكم على أعناق شعوبكم وهو الغول القادر على قطع أعناقكم.. لا أريد من أي واحد منكم أن يسألني ماذا يفعل إذا تأزمت الأمور إلى هذا الحد.. فالملك أو الرئيس.. الذي يستحق حقا لقب ملك أو رئيس لا يمكن أن يسمح بأن تتدهور الأمور إلى نقطة اللاعودة هذه.. قبلها عليه أن يتصرف .. أن يعزل نائبه الوحش الشرس.. أن يحمله المسئولية كلها.. أن ينطلق كتاب صحفكم كالكلاب المسعورة يمزقون لحمه.. أن يحال إلى المحاكمة على أن يوضع سيناريو المحاكمة كاملا للقضاة..و هذه أيضا نقطة هامة جدا.. فلو أن القضاة تصرفوا كقضاة فسوف تسوء الأمور أكثر.. سوف تثبت مسئوليتكم المباشرة عما حدث.. أنتم لا تحتاجون لقاض حقيقي بل لمن يمثل دور القاضي.. خطورة القاضي الحقيقي عليكم كخطورة رجل الدين الحقيقي الذي لم يروض ولم يستأنس.. يجب أن تكون المحاكمة حافلة بما يشين الرجل الثاني.. ويجب أن يثبت أنه تصرف على عكس ما كان الملك أو الرئيس يأمره به..وفى هذه اللحظة.. على الملك أو الرئيس اختيار رجل ثان آخر كنائب أو ولى للعهد.. وهنا يتحتم ألا يكون وحشا أو شرسا.. على العكس .. هذه هي لحظة الذروة في خداع الرعاع.. عليكم أن تختاروا الغبي الجميل الذي لا يكف عن الابتسام.. وعلى أجهزة إعلامكم أن تنطلق مبشرة الأمة أن الأمور قد عادت إلى مسارها الصحيح وأن النائب الجديد سيخلص الأمة كلها من كل همومها ويداوى كل جراحها.. لكننا بهذا نكون قد رجعنا إلى المربع الأول الذي بدأنا منه ليكون الرجل الثاني مصدر خطر لا يوصف.. لن أطيل عليكم هذه المرة.. لقد قلت لكم في بداية هذا اليوم أنني شديد الإعجاب بكم.. وسوف يدفعني هذا إلى الإيجاز والاكتفاء بالإشارة.. فمن لا تكفيه الإشارة لن تغنيه العبارة.. لذلك سوف أقدم لكم الحل على الفور.. وهو حل سبقتموني أنتم إليه.. إذ يجب حينذاك تدبير فضيحة أخلاقية للرجل الثاني.. مجتمعاتكم ما زالت متخلفة وأسيرة للأساطير لذلك تعتبر أن الخطيئة الأخلاقية أم الخطايا.. الأمر سهل.. فجميعكم متورطون في العلاقات النسائية ما دمتم قادرين عليها .. لن يقتضى الأمر تدبيرا طويلا ولا صعبا.. إنكم ستكشفون ما يحدث فعلا.. فإن كان لا يحدث لسبب أو لآخر.. كأن يكون عنينا.. فإن عليكم أن تؤلفوا الحكاية كلها.. هل تذكرون نائب الرئيس الذي وجد مقتولا وفى أحضانه غانية مقتولة.. حين اتخذ الرجل الأول سمت الوقار الحزين المتحفظ العازف عن الخوض في الأعراض لكنه غير قادر في الوقت نفسه أن يدارى حزنه من المستوى الأخلاقي الوضيع الذي تردى إليه نائبه.. وتكفل كلاب الصيد -كتابكم - بالباقي .. فما عزف الرجل الأول عن الخوض فيه خاضوا هم فيه بمنتهى العنف والفجور.. حتى أن أي واحد من الرعاع سوف يجد حرجا عميقا إذا ما فتح الموضوع أمامه فالتفاصيل لا تكاد تصدق كما لا يمكن الخوض فيها أمام أي تجمع محترم محافظ.. بهذه الطريقة لن يجد النائب الداعر الخسيس من يدافع عنه.. هل تكتفون بهذا المثل أم أذكر لكم المثل الآخر الذي سبقتموني إليه أيضا .. حين حاز ولى العهد على شعبية غير طبيعية .. وفجأة انفجرت الفضيحة وأبدع كلاب صيدكم – كتابكم – في نهش الفريسة .. فمجلة سمت الغانية: حسناء الوادي.. وصحيفة أطلقت عليها صاروخ الجبل.. ومطبوعة أطلقت عليها فاتنة الوطن.. انفجرت الفضيحة بتفاصيلها المخزية.. وتكفلت جميع أجهزة الدولة في الخفاء بنشر الشائعة والتأكيد عليها .. وواجه الملك الأمر بوقار حزين.. وتصاعدت الأمور حتى اضطر ولى العهد إلى تقديم استقالته صاغرا لا يبكيه أحد ولا يدافع عنه أحد..

يا جلالة الجلالات ويا فخامة الفخامات ويا سمو السموات..

إن ما ذكرته لكم اليوم ليس إلا أمثلة قليلة أحيلها إلى عبقرياتكم لتسفر في التطبيق عن إبداعات لا بداية لها ولا نهاية.. ولقد آن الأوان للدخول في بروتوكول آخر.. فإلى الجلسة القادمة..





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق