الجمعة، 26 يونيو 2015

"الغارديان": كاميرون يغذي التطرف بتحريضه على مسلمي بريطانيا وتقديمهم "كبش فداء"

By scapegoating Muslims, Cameron fuels radicalisation

"الغارديان": كاميرون يغذي التطرف بتحريضه على مسلمي بريطانيا وتقديمهم "كبش فداء"


الترجمة/خدمة العصر

من المتوقع أن تشرع الحكومة البريطانية في اتخاذ سلسلة من الإجراءات الرقابية لمحاربة ما تسميه "أيديولوجية" التطرف المغذية لنزعات التشدد بين أقلية من الشباب المسلم، وقد تنتهي بها، كما يرى مراقبون، إلى تحميل المسؤولية للغالبية الصامتة من المسلمين البريطانيين البالغ عددهم مليوني نسمة تقريبا، حيث تمنح فيها لنفسها سلطات لإغلاق مساجد "تنشر التطرف"، وستطالب المؤسسات التعليمية والصحية رصد تصرفات العاملين المسلمين فيها بحثا عن ميول للتطرف.

ويرى نقاد للحكومة أن الإجراءات المقترحة كفيلة بتجريم الغالبية وزيادة التطرف وتهميش المسلمين بشكل عام.
وقد كتب في هذا "شيموس ميلين" في صحيفة "الغارديان" واصفا طبول العداء للإسلام في الغرب الذي صار يصم الآذان بشكل وضع المسلمين في حالة من الحصار. فكلما تزايدت صور المذابح التي يرتكبها مقاتلو "داعش" على الإنترنت وزاد تدفق الشبان المسلمين من أوروبا وأمريكا الشمالية للانضمام إليه زادت حالة العزلة والتهميش للمسلمين.

والكاتب يشير تحديدا إلى ما قاله رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون الأسبوع الماضي عندما اتهم المسلمين البريطانيين بأنهم "يتغاضون" عن الأيديولوجية التي تقف وراء وحشية "تنظيم الدولة". وتصريحات كهذه أثارت غضب سيد وارسي، رئيسة حزب المحافظين السابقة، والتي شجبت "التأكيدات المضللة" لرئيس الوزراء حول تواطؤ المجتمع المسلم.

وحذرت قائلة إن تصريحاته تؤثر في المجتمع المسلم بشكل عام، والذي يقوم بمواجهة هذه الجماعات. ولم تلق تصريحات كاميرون ترحيبا من تشارلس فار، مسؤول مكافحة الإرهاب في وزارة الداخلية المعروف بأفكاره الرجعية، وعلق أن عدد البريطانيين الذين يقاتلون مع "تنظيم الدولة" قد لا يتجاوز الـ 100 وحذر من خطورة "وصم المسلمين واعتبارهم متطرفين".

ولا شك أن تصريحات كاميرون ليست مجرد كلام في الهواء بل يقوم هو وحلفاؤه من المحافظين الجدد بتهيئة الأجواء للهجوم المقبل، ولن يكون الهدف هذه المرة الإرهاب ولكن الجماعات السلمية.

فكما يقول ميلين سيصدر تشريع في الشهر المقبل يحكم على رياض الأطفال وعيادات العيون والخدمات الصحية والجامعات وغيرها مراقبة الطلاب والمرضى لرصد أي علامة من علامات "التطرف" أو "التشدد".

ويضيف أن الصلاحيات الجديدة تعبر عن مستوى من الرقابة الأمنية المضمنة في الحياة العامة، وهو أمر غير مسبوق في وقت السلم.

ويذكر الكاتب بما فعله برنامج "برفنت/منع" لمكافحة التطرف الذي رصدت له الحكومة الملايين على المسلمين فقد أدى هذا البرنامج إلى تجسس جماعي على المدارس والتلاميذ المسلمين ممن أبلغ عنهم لمجرد أنهم عبروا عن دعمهم لحقوق الفلسطينيين أو علقوا على دور القوات البريطانية في أفغانستان.

ويتحدث "ميلين" بالضرورة عن التشريع الجديد الذي أعلنت عنه الملكة في خطاب افتتاح البرلمان، فهذا القانون سينقل عملية القمع المعادي للمسلمين إلى مرحلة متقدمة جديدة.

ويشمل القانون صدور قرارات منع للأفراد السلميين والمنظمات التي تعتبر نشاطاتها غير مقبولة، وسيتم تقييد حركة الأفراد الداعين للعنف ممن يعتبرون ضارين وستمنح الحكومة سلطات لإغلاق مساجد ومتابعة أمنية للمذيعين والمؤسسات المتهمة ببث مواد متطرفة.

ويقول "ميلين" إن المشروع الجديد "رقابة آتية ولكن باسم مختلف"، وهذا هو رأي وزير الثقافة السابق-التجارة الحالي– "ساجد جاويد" في رسالة أرسلها لرئيس الوزراء هذا العام وسربت للإعلام. ولكن كاميرون مصمم على ما يبدو للمضي قدما وشن هجوم شامل على الحريات الأساسية.

ومما يثير السخرية أن السلطات الجديدة يتم الدفاع عنها باسم حماية "القيم البريطانية"، بما في ذلك "الحريات الفردية" و"الاحترام المتبادل والتسامح".

ويشير "ميلين" إلى شعار "كلنا شارلي" بعد الهجوم على المجلة الفرنسية الساخرة التي نشرت صورا ساخرة من نبي الإسلام. وفي بريطانيا، عندما يتعلق الأمر بحرية التعبير "فكلنا لسنا شارلي" كما يقول، معلقا أن استخدام الدولة للصلاحيات ضد التطرف عادة ما توجه ضد المسلمين وليس ضد من يعادونهم من العنصريين.

ولأن السياسة توجه للطرف الخطأ فمن الواجب أنها ستفشل تماما، كما حصل مع قوانين أخرى حاولت منع أقلية تنجر للإرهاب في الداخل وتدعم حملات جهاد في الخارج.

ويرفض الكاتب مزاعم الحكومة التي تربط العنف بالأيديولوجية وليس سياساتها الخارجية وهو ما يعبر عن موقف متجذر في فكر المحافظين الجدد.

ويذكر "ميلين" بأن تحديد أسباب الإرهاب سيؤدي لتورط الحكومة الحالية وسابقتها لأن سياستها هي السبب.

ويقول إنه من ليس الصعب فهم أسباب انجذاب أقلية من الشبان للقتال في سوريا والعراق. ويتساءل لماذا لم يحدث الإرهاب في بريطانيا قبل أن تغزو القوات البريطانية والأمريكية أفغانستان والعراق؟ وكل من أعلن عن مسؤوليته عن هجوم عنف أو مؤامرة إرهابية أشار إلى أن التدخل الغربي في العالم الإسلامي كان وراء انخراطه في العمل الإرهابي.

وهناك بعد آخر في تدفق الشباب إلى «تنظيم الدولة» الذي يختلف عن تنظيم «القاعدة» من ناحية سيطرته على مناطق واسعة مستخدما إرهابا صارخا حيث دمر الحدود وأعلن عن خلافة. وقدم نفسه كمنافح عن السنة في الحرب الطائفية.

وبالنسبة لقلة من الشبان المسلمين الغربيين المهمشين فإنه يقدم لهم وهم القتال ضد الطغيان ويعطيهم حسا قويا بالهوية.

ويشير الكاتب هنا إلى عدوانية الإعلام وشراسته وإلى الإسلاموفوبيا المستشرية والمراقبة والتحرش الذي تقوم به الدولة للتجمعات المسلمة في بريطانيا.

ويذكر بأمثلة عن التضييق مثل التحقيق في العام الماضي والذي أطلق عليه اسم «حصان طروادة» حول مؤامرة لم تحدث في مدارس مدينة بيرمنغهام وطرد لطف الرحمن العمدة المسلم المنتخب لتاور هاملت- شرق لندن بقرار برره القاضي على أرضية أن العمدة «استخدم تأثيرا دينيا مفرطا».

وجاءت هذه الأحداث في وقت تضافرت فيه الأدلة عن زيادة الهجمات ضد المسلمين. مشيرا إلى أن "الإسلاموفوبيا" تتفوق الآن على أي عداء ضد دين آخر أو مجموعة عرقية.

ورغم ما تعيشه الأقلية المسلمة من حالة حصار، إلا أن الحكومة ومن يتحالف معها في الإعلام يحاولون التقليل من دور "السياسة الخارجية" وميل المسلمين نحو التشدد.

فالسياسة الخارجية تعني هنا الغزو والاحتلال للدول المسلمة والتعذيب والاختطاف على قاعدة واسعة ودعم الديكتاتوريات في كل أنحاء العالم العربي والإسلامي. وعلى العموم يرى ميلين أن «تنظيم الدولة» يظل نتاجا مباشرا للاحتلال الأمريكي والبريطاني للعراق.

ومع أن الجهاديين الغربيين في صفوفه شكلوا كارثة على سوريا والعراق، إلا أنهم لم يستهدفوا بعد بلادهم التي جاءوا منها. ويمكن أن يتغير كل هذا لأن الحكومة البريطانية التي غذت الإرهاب عبر حروبها الخارجية تقوم بتغذيتها في الداخل من خلال تقديم المسلمين فيها ككبش فداء.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق