نعوم تشومسكي.. كاتب منشق
يعدّ المفكر وعالم اللسانيات نعوم تشومسكي أحد أكثر من شغلوا الناس طوال الثلث الأخير من القرن العشرين وصولا إلى القرن الحالي، ليس في بلاده أميركا بل العالم كله.
عالم وأكاديمي لا يمكن تجاهله، غير أن المؤسسة الرسمية في الولايات المتحدة تقرر أن تفعل ذلك عبر نخبتها السياسية ووسائل إعلامها.
لكن جميع من شاركوا في حلقة "وحي القلم" التي بثت في 8/6/2015 أكدوا أن الرجل لم تستطع وسائل حصاره في التلفزيونات والإذاعات الرسمية، ولم تستطع التعميمات للصحفيين بعدم الاقتراب من اسمه مجرد اقتراب، تحقيق ذلك ومنعه من اتساع مساحة قرائه يوما بعد يوم.
مبكرا اصطدم تشومسكي مع السلطة الأميركية في حروبها في كوريا وفيتنام، ولم يكف عن ذلك حين جاء الحادي عشر من سبتمبر/أيلول 2001، فهو يقول إن هذا الحدث اشتهر وأخذ مداه فقط لأنه فعل خارجي ضد الغرب، لكن لا أحد يتذكر أن ثمة 11 سبتمبر/أيلول 1973 حين رعت أميركا الانقلاب في تشيلي.
تشومسكي سليل العائلة اليهودية حوصر من قبل الحليفين الإستراتيجيين أميركا وإسرائيل. موقفه من إمبريالية بلاده ودعمه لحقوق الشعوب جعله مستهدفا.
الناقد الرئيسي
يقول المؤلف والمذيع ديفد بارساميان إن تشومسكي مهم في بلاده لأسباب عديدة ولكن في الدرجة الأولى لأنه الناقد الرئيسي للسياسة الأميركية الخارجية لعدة عقود، ويؤكد ذلك أيضا أستاذ التاريخ العربي في جامعة كولمبيا جوزيف مسعد قائلا "تشومسكي يعد أهم من وثق الانتهاكات التي نفذتها الولايات المتحدة منذ الستينيات وحتى اليوم".
أما إسرائيل فكانت مواقفه ضدها تجر عليه نقمة مباشرة. فها هو يزور معتقل الخيام الذي أنشأته إسرائيل إبان احتلالها الجنوب اللبناني.
وها هو يحاول عبور جسر الملك حسين في الأردن بغية الوصول إلى جامعة بيرزيت لإلقاء محاضرة لكن السلطات الإسرائيلية تعيده عن الجسر، فيقرر إلقاء محاضرته للطلاب عبر الفيديو.
ينشر معظم مؤلفاته في دور نشر صغيرة، فهو محارب أو مطلوب تهميشه كلما لزم الأمر. ويتحدث تشومسكي عن أول كتاب ألفه عن القضية الفلسطينية، غير أن الناشر رفضه. صدر الكتاب بالفرنسية فعادت دار النشر الأميركية لنشر الكتاب، ويضيف أن هذا الأمر ما زال يتكرر حتى الآن.
بدأت المعركة ضده في بداية الثمانينيات. في ذلك الوقت بدا أن المؤسسة الرسمية لم تقرر عزله فقط بسبب كتبه الناقدة للسياسة الأميركية الإسرائيلية، وإنما لا بأس من خوض المعركة ضده بشكل مباشر.
صاحب كتاب "صناعة الهولوكوست" نورمان فنكلستين يرى من زاويته أن الموالين للسلطات الأميركية الذين يقولون إن أفكار تشومسكي صبيانية وبسيطة أصبحوا منسجمين مع تعقيدات السلطة، وتشومسكي يفهم هذه التعقيدات والفارق أنه لا يستسلم لها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق