الإخوان وقتل النائب العام وقتلهم خارج القانون
عصام تليمة
اتخذ الانقلاب العسكري في مصر خطوات لتبرير مزيد من العنف، وسفك الدماء، متخذا مقتل النائب العام هشام بركات ذريعة لذلك، والجميع يعلم أن الإخوان في مسألة الدماء مثل الصعايدة، إذا ما امتدت أيديهم للانتقام من أحد لم يخجلوا أو يخافوا من الإعلان بذلك، فلم نقرأ في أدبيات الإخوان يوما إنكارا لقتلهم الخازندار، أو غيره ممن قتلهم التنظيم الخاص، بل قرأنا اعترافا منهم بكل وضوح بقتله، فقط ساقوا المبررات لذلك الفعل، سواء اعتذر عنه من اعتذر، أو أصر عليه من أصر، لكننا لم نقرأ يوما إنكارهم لذلك.
وقد كان سبب قتلهم للخازندار حكمه على بعض من شارك في أعمال فدائية بأعمال قاسية، فلو كان الإخوان هم قتلة النائب العام لاعترفوا، ولديهم من المبررات أكثر من مبررات قتل الخازندار، لكن يقينا يعلم الجميع أن ليس للإخوان يد في قتله.
لكن الانقلاب في اليوم ذاته الذي تكبد فيه الجيش المصري خسائر كبيرة في الأرواح في سيناء على يد تنظيم (ولاية سيناء)، أراد أن يغطي على هذا الفشل، فلم يجد سوى (13) من المدنيين الأبرياء من جماعة الإخوان ليقتلهم داخل شقة، وهو ما يوحي بدلالات خطيرة، تجعل الإخوان تتعرض لضغوط بكل ألوانها، لتغيير موقفها المصرة عليه منذ عقود، وهو الحراك السلمي، فالضغوط التي يمارسها الانقلاب في مصر تجعل المناخ المحيط بجماعة الإخوان يدفعها على الأقل للدفاع عن النفس بكل وسيلة مشروعة ومتاحة.
ناسيا مجتمع السيسي ومن يؤيده كما انتهى إلى ذلك ديفيد هيرست في مقال له: أن مصر ليست كالموصل ولا غيرها، لو دفع هذا الحراك لممارسة حقه في رد العنف، فماذا سيكون حال مصر، والدول الإقليمية، وأولها الجارة الحليفة للسيسي: إسرائيل، لا أعتقد أنها ستكون بمأمن من هذا الشرر الذي سيتطاير ليلتهم الجميع، إذا كان حسب ما أعلن موقع اليوم السابع أن عدد المسلحين الذين قاموا بالعمليات يوم أمس، هو (120) مسلحا فقط، فما بالنا لو يأس الإخوان من صمتهم وصبرهم، وقرروا القصاص من كل معتد عليهم.
هل لدى الأجهزة الأمنية والسياسية تصور حقيقي عن حجم بحور الدماء التي ستسيل في مصر؟!! ماذا لو أن الإخوان خرج منهم مثلا خمسمئة فرد قرروا أن موتا بموت، وقتلا بقتل، واختار كل منهم ميدانا أو تجمعا للجيش أو الشرطة، وفخخ نفسه، وفجر نفسه فيه، إن كان الموت ينتظره في بيته، أو في الشارع، فليكن موتا لي ولقاتلي؟! ماذا لو هذا الكابوس المتخيل حدث، معنى ذلك أن مصر بقدرة قادر بين ليلة وضحاها تتحول إلى بحيرة من الدم، يختلط فيها البريء بالجاني، ونصبح كدول أخبار التفجيرات فيها مثل أخبار الطقس وحالة المرور اليومي في الأخبار؟!
هل ستغير الجماعة خطها، وهل ستؤتي ضغوط شبابها لإعطائها الحق في الدفاع عن النفس أكلها، فتسمح بذلك مرغمة، في ظل حكم عسكري مجنون لا يخشى إلا ممن يذله بالسلاح، ويمرغ كرامته العسكرية به؟ هل ستفكر الجماعة في تجميد التنظيم في مصر، وتترك للأفراد حق التعامل مع هذه العصابة العسكرية الحاكمة بحرب عصابات مفتوحة في الشوارع؟ هل سيجبر الشباب أصحاب القرار في الجماعة على العيش بالمبدأ العامي في مصر: يا نعيش عيشه فُل، يا نموت إحنا الكل؟
للأسف أرى أن الأجواء تدفع لذلك بقوة، إلا أن يلهم الله الجميع الرشد في الحفاظ على الوطن وكرامة المواطن، وحفظ مصر التي لو طالها العنف، فقل عليها وعلى من حولها من الدول: يا رحمن يا رحيم. إلا أن يتدخل العقلاء الحريصون على مصر بمنع هذا الجنون من الذهاب بمصر وشعبها إلى الجحيم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق