الثلاثاء، 26 نوفمبر 2024

حصن أم خنجر

 حصن أم خنجر

أحمد مولانا

باحث و كاتب




الزعم بأن سياسات السعودية تمثل حصنا لأهل السنة، مقولة يروجها البعض حاليا مما يتطلب فحصها بناء على وقائع وحقائق.

إن من حرض على غزو العراق في عام 2003 هي السعودية، ومن قاد جهود وأد ثورات الربيع العربي، وبالأخص في مصر واليمن، هي السعودية رفقة الإمارات. وقد كان لانقلاب 2013 بمصر تداعيات سلبية على مصر نفسها وغزة وليبيا والسودان والشام، وكان قاطرة موجة الثورات المضادة التي أمعنت قتلا وتشريدا.

سأورد مقاطع وخلاصات من كتاب “خطة الهجوم” الذي نشره بوب ودوارد عن حرب العراق من واقع لقاءاته مع بوش ورامسفيلد وباول وآخرين من صناع القرار الأمريكيين:

-التقى السفير السعودي لدى واشنطن آنذاك بندر بن سلطان بالرئيس بوش الابن أربع مرات خلال الشهور الخمسة السابقة لبدء الغزو للضغط عليه لشن الحرب، وعدم الاستجابة لمساعي الوساطة الهادفة لتجنب التصعيد، والتحذير من مغبة بقاء صدام حسين في سدة الحكم.

-قال بندر لبوش نصا “نأمل أن تضطلع المملكة العربية السعودية بدور رئيسي في صياغة النظام الذي سيبرز ليس في العراق فقط بل في المنطقة بعد سقوط صدام حسين”. وأكد بندر على رغبة ولي العهد “عبد الله بن عبد العزيز” في بقاء الموقف السعودي سرا، فقال لبوش وتشيني في لقاء جمعهم بنوفمبر 2002 “بودنا أن يبقى كل شيء بيننا حميميا وسريا إلى حين”

-وفي نفس الشهر التقى بوش ببندر مجددا، وصارحه بوش بوجود تخوفات لدى أركان إدارته من حدوث رد فعل شعبي إسلامي وعربي واسع ضد الغزو يؤثر سلبا على المصالح الأمريكية، فأجابه بندر “لن يذرف الناس أي دمعة على صدام حسين، وتذكر ما قيل لأبيك قبل حرب 1991 من أن العالم العربي سيهب من المحيط إلى الخليج، وهو ما لم يحدث آنذاك، ولن يحدث أيضا هذه المرة”.

-وقبل الحرب بأسبوع في 14 مارس 2003 قابل بندر الرئيس الأميركي للمرة الثالثة للتأكيد على أهمية القضاء على صدام حسين. ثم التقاه مجددا للمرة الرابعة قبل الحرب بيومين، ليتلقى وعدا من بوش بأن تكون السعودية أول دولة أجنبية تعرف موعد بدء الحرب، وهو ما حدث بالفعل قبل ساعات من بدء القصف الجوي الأميركي للعراق.

-وفي العلن، أعلن ولي العهد آنذاك الأمير “عبد الله بن عبد العزيز” قبيل الغزو الأميركي للعراق تفضيله استعمال الوسائل الدبلوماسية في التعامل مع النظام العراقي دون اللجوء لشن حرب تترك تداعيات سلبية على المنطقة.

والملفت أن بندر بن سلطان هو نفسه الذي تولى الإشراف إقليميا على ملف الثورة السورية بحسب شهادة رئيس وزراء قطر حمد بن جاسم في برنامج الصندوق الأسود مع موقع صحيفة القبس الكويتية.

إن هذه المقاطع غيض من فيض، يتذكرها المرء حين يجد أشخاصا يتباكون على العراق ويثنون على السعودية حصن أهل السنة وبوصلتهم بزعمهم،

بينما ما أضاع العراق ودول أخرى، وما لعب أحد دورا في طعن أهل السنة وتمزيق بلادهم وإفشال ثوراتهم مثلما فعل هؤلاء، فهم الذين فتحوا العراق للإيرانيين بفعلتهم الشنعاء، واستجلبوا الأمريكيين للمنطقة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق