فى حال اقتلاع مرسى أو قتله
فراج اسماعيل
ليس تأييدًا لمرسي أو جماعة الإخوان أن يدعو العقلاء إلى احترام صندوق الاقتراع ودورة الديمقراطية والكف عن التهييج الخبيث باسم إعادة الأمر للشعب في انتخابات رئاسية مبكرة. خطوة كهذه إن تمت ستكون انقلابًا على الديمقراطية وليست جزءًا منها.
الهدف في حقيقته إتاحة فرصة الملحق للراسبين في الانتخابات الرئاسية السابقة، فهم لا يطيقون الانتظار ثلاث سنوات أخرى، بعضهم لا يساعده سنه الكبير مثل السيد عمرو موسى، وبعضهم الآخر تلبسته روح عبده مشتاق مثل السيد حمدين صباحي.
الثالث هو أكثر الطامعين فقد كان أحمد شفيق قاب قوسين أو أدنى من المنصب بفعل تحالف رجال الأعمال وفلول النظام السابق، وباسمه يقوم صديقه سعد الدين إبراهيم الذي يلتقيه بين الحين والآخر بتوجيه رسائل ذات مغزى ينسبها إلى واشنطن لتحريض المتظاهرين يوم 30 يونيه على البقاء بين خمسة وسبعة أيام في الشارع.
خلال وقت لم يتجاوز 24 ساعة وجه سعد الدين إبراهيم رسالتين، الأولى عبر القناة المتحدثة باسم شفيق واسمها "القاهرة والناس" والثانية عبر جريدة "المصريون". في تصريحه لـ"المصريون" قال إنه تلقى وعدًا أمريكيًا برفع الدعم عن جماعة الإخوان المسلمين وتأييدها لسقوط شرعية الرئيس محمد مرسي حال استمرار التظاهرات ضد الإخوان ما بين 5 و7 أيام.
لاحظ مدلول كلمة "وعد". ربما تذكر بوعد بلفور الشهير، فسعد حصل على الدعم الأمريكي لزرع نظام جديد في الكيان المصري بديلًا عن النظام الشرعي المنتخب، وأكيد أن رئاسة مصر حينها ستؤول لصديقه أحمد شفيق الذي يعمل إبراهيم جنبًا إلى جنب معه ويبدو أنه قرّر أخيرًا اللجوء للدولة العظمى باعتبارها صاحبة الأمر والنهي في مصر كما يظن.
لم أتوقع من سعد الدين إبراهيم الوقوع في تلك الرسائل الخاطئة حتى لو كان صحيحًا تلقيه لوعد أمريكي. يبدو أن طاقته هرمت بفعل عوامل الشيخوخة، فمثل هذه التصريحات لا تقل سوءًا عن دخول نظام جديد إلى العراق على ظهر الدبابة الأمريكية، مع الفارق طبعًا بين نظام قاتل وديكتاتوري وسفاح ممثلًا في نظام صدام حسين وبين نظام ديمقراطي منتخب وهو النظام الحالي في مصر.
عداد القتل اليومي بالتفجيرات والهجمات المسلحة لم يتوقف في العراق سواء مع وجود الاحتلال الأمريكي أو بعد خروجه، لدرجة أن واشنطن تحسبها بأنها الهزيمة الكبرى الثانية لها بعد حرب فيتنام.
أزعم أن سعد الدين إبراهيم يعي جيدًا كأستاذ للاجتماع السياسي أن الوعد الأمريكي المزعوم لو أتى ثماره فلن تكون مصر هي مصر الحالية أو السابقة، ولذلك أظنه يمارس حربًا دعائية فجة خشية أن يتمخض 30 يونيه عن فأرٍ ميت.
واشنطن لم تدركها أعراض الشيخوخة وليست بالساذجة حتى تبلغه تلك الرسائل التي يطلقها في سماء الإعلام. اقتلاع شرعية مرسي أو قتله بواسطة العنف والفوضى المستندين إلى الوعد الأمريكي سيدفع بالتيارات المتشددة إلى قلب المعركة بقوة. ستنقلب المظاهرات إلى تفجيرات واغتيالات ولن يسلم سعد الدين إبراهيم شخصيًا من الخطر.
جهاز الأمن المرهق من احتجاجات لم تتوقف منذ 25 يناير 2011 لن يكون في مقدوره مواجهة حروب شوارع واقتحام البيوت وتفجيرات في المراكز التجارية والحيوية ومحطات القطارات والمترو ومراكز الاتصالات.
القوات المسلحة لا تملك خبرة التصدي لحرب عصابات تجري داخل المدن والأرياف، هذا إذا كان سعد إبراهيم والمروجون للقضاء على حكم مرسي في ذلك اليوم يظنون أن ارتفاع وتيرة العنف سيجبرها على النزول إلى الشوارع والقيام بانقلاب عسكري.
أرسل لي خبير سياسي مقيم في الولايات المتحدة ما يكذب كلام إبراهيم، فالإدارة الأمريكية تعرف من خلال معلوماتها الاستخباراتية والدبلوماسية أن مصر ستستيقظ على خطر مدمر في حال اقتلاع شرعية مرسي أو قتله يوم 30 يونيه لا قدر الله. قال إن واشنطن ليست مستعدة لدعم خيار آخر غير خيار العملية الديمقراطية في موعدها الطبيعي عام 2016، وتدري أن التهييج الحالي يشعله متصارعون على الحكم لا يهتمون بالنتائج الكارثية المتوقعة.
أرجو أن يكف إبراهيم عن رسائله التحريضية فمصر ليست بحاجة إلى "بلفور" أعني "الوعد" الذي يزعم أنه تلقاه من مسئولين أمريكيين.
farrag.ismail@yahoo.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق