جرائم العهد الجديد
هناك جرائم يسمع عنها المصريون منذ أقدم العصور، كانت موجودة فى عصر الفراعنة، مثل (توزيع المنشورات)، تهمة من لا تهمة له، تهمة (باي ديفولت!) لكل من يقبض عليه!
هناك جريمة الانتماء إلى تنظيم سري لقلب نظام الحكم، تهمة أزلية وجهت لآلاف المعارضين في العهد الملكي، والجمهوري، حتى د.محمد مرسي برغم قصر فترة حكمه وجهت في عهده هذه التهمة لما يسمى البلاك بلوك.
هذه التهمة وردت في القرآن الكريم، ففي قصة سحرة فرعون، قال تعالى: {قَالَ فِرْعَوْنُ آمَنْتُمْ بِهِ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّ هَذَا لَمَكْرٌ مَكَرْتُمُوهُ فِى الْمَدِينَةِ لِتُخْرِجُوا مِنْهَا أَهْلَهَا}، لقد لجأ فرعون إلى تلفيق مؤامرة في نفس اللحظة التي آمن فيها سحرة فرعون، تنظيم سري، رئيسه هو كبير السحرة: {إنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ}، ومعنى {لِتُخْرِجُوا مِنْهَا أَهْلَهَا} هو نفس معنى تكدير السلم العام، أو قلب نظام الحكم، وبعد ذلك بدأ فرعون بإجراءاته الاستثنائية بلا تردد {لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُم مِّنْ خِلَافٍ ثُمَّ لَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ}.
هذه تهم قديمة تعوَّدنا عليها، ولكن مصر تقدم لنا اليوم العجب العجاب، تقدم لنا بعد ثورة عظيمة قامت من أجل الحرية تهمًا جديدة، لا مثيل لها في التاريخ.
التحريض على التظاهر!
أي أن حق التظاهر الذي دفع من أجله مئات المصريين أرواحهم، ودفع من أجله آلاف المصريين عيونهم وأعضاءهم، أصبح مُحرَّما مُجَرَّما.
وعدنا إلى عصور الطوارئ، ومبررات «الحرب على الإرهاب» وكأننا لا رحنا ولا جينا!
حيازة بوسترات لعلامة رابعة!
تهمة مضحكة، ويبدو أن من يرفع يده بهذه الإشارة اليوم سيكون معرضًا للاعتقال، أو ما هو أكثر.
تهمة التخابر مع حماس!
وهي موجهة لشخص من المفترض أن يكون من ضمن مهماته أن يتصل بحماس، وهو اتصال قد أثمر خيرًا لمصر ولغزة حين كانت نذر الحرب وشيكة، إنها تهمة أشبه بتوجيه تهمة التعامل مع الأجانب لدبلوماسي مهمته التعامل مع هؤلاء "الأجانب".
التعامل مع حماس ليس جريمة، وغالبية السياسيين الذين يصفقون لهذه التهمة اليوم لهم مواقف متطابقة مع موقف الرئيس المعزول، بل إن بعض هؤلاء السياسيين قد عبر الحدود المصرية إلى غزة بدون تصريح من الدولة المصرية في عام 2009، وخطب في البرلمان الفلسطيني أثناء هذه الزيارة، ولهم مئات الصور مع إسماعيل هنية وعشرات المسئولين الحمساويين في غزة، ولم توجه لأي منهم أي تهم بالتخابر "مع حماس".
بقيت مجموعة من التهم (باكيج على بعضه)، مثل الهتاف بشعارات ضارة بالأمن القومي، رسم جرافيتي مسيء، كتابة عبارات مسيئة، حيازة أدوات تصوير تهدد الأمن القومي.. وإلخ ما تفتق عنه ذهن الدولة الأمنية العتيدة المجيدة.
أهذه هي مصر التي نريدها؟ أهذه هي الحرية التي وعدنا بها؟ أهذا هو العصر الجديد الذي تصبح فيه مصر لكل المصريين؟
إذا كان الأمر كذلك فأنا أول المعارضين، وتهمتي الحقيقية حيازة عقل يرتكب كبيرة التفكير فيما يغضب الحاكم.
نصيحة لكل من يظن أن المصريين سيدخلون في زنزانة الذل أفواجًا: "اتعظ مما حدث في مصر وتونس وليبيا وسوريا خلال العامين الماضيين".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق