الثلاثاء، 24 سبتمبر 2013

لماذا الحرب على الإخوان المسلمين؟ (3/3)


لماذا الحرب على الإخوان المسلمين؟ (3/3)


أحمد الزرقان

في سياق ما كتب سابقا من المهم التدقيق في مدى تسابق الحكام في خدمة اليهود، ومبالغتهم في العداء للإخوان المسلمين إرضاء لليهود، فعندما أسرت حماس الجندي اليهودي جلعاد شاليط من دبابته في عملية نوعية قلَّ نظيرها، وأُخفي مكانه داخل مدينة غزة سنة 2006، وحصلت حرب الفرقان الضخمة سنة 2008 على غزة من أجل إطلاق سراحه، ولكنها باءت بالفشل الذريع، وقد تحرك العالم كله من أجل هذا الجندي اليهودي، فيقول القائد خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لــ"حماس" إن بعض رؤساء دول غربية سابقين مثل كارتر وسفراء دول غربية ودبلوماسيين جاءوا يتوسطون من أجل إطلاق سراح (شاليط) وكان مدخلهم إنسانيا عاطفيا كما يزعمون، بأن له أم وأب وأخوة لا ينامون الليل، وهم في قلق شديد، وحزن عميق على ابنهم، فارحموا أبويه لتقرَّ أعينهم بإطلاق سلاحه، وكان الرد من قادة حماس فما بالكم بعشرة آلاف أسير فلسطيني حرم أبناؤهم من عطفهم وحنانهم، ولهم آباء وأمهات وأخوات وإخوان يعيشون أكثر مما يعيشه والدا شاليط من الحزن والهم والقلق، هذا وقد اشتغلت معظم المخابرات العربية والغربية والسلطة الفلسطينية إضافة للمخابرات الصهيونية لتحديد مكان شاليط من أجل إنقاذه..
فقد روى لي أحد الإخوة المسؤولين في غزة أن ابن الدكتور باسم نعيم وزير الصحة في حكومة غزة كان مرافقاً للرئيس اسماعيل هنية، فلما ذهب إلى مصر بمهمة اعتقلته المخابرات المصرية، وأدخل السجن ووضع في غرفة هي عبارة عن مزارع لكل أنواع الحشرات، أسراب كبيرة من القمل، والبق، والبراغيث، والقراد، والصراصير... ثم عري من جميع ملابسه، ووضعت قدماه في قيد مثبت في أرض الغرفة، وعلقت يداه في قيد في سقف الغرفة، وبقي في هذا الوضع المأساوي الإجرامي الانتقامي الذي لم أسمع له مثيلاً في تاريخ أعداء الأمة، مدة واحد وعشرين يوماً حتى أكلت هذه الحشرات لحمه، ونهشت جسده، ومصَّت دمه، وأصبح جلده ثقوبا وتساقط شعره وشعر حواجبه ورموش عينيه، وكان عندما يؤخذ إلى حلقات التحقيق يُسأل سؤالاً واحداً من قبل المخابرات المصرية (أنت ابن وزير ومرافق لرئيس الوزراء فلا بد أن يكون لديك معلومات عن الجندي الأسير جلعاد شاليط، يجب أن تخبرنا عنها ومكان تواجده وإلا ستبقى على هذه الحالة حتى تموت)
 نعم هذا ما حصل مع هذا الشاب الغزاوي البريء ولم يشفع له أبوه وزير الصحة ولا رئيس وزراء غزة كمرافق له عند النظام المصري المتصهين، وكان يقود المخابرات يومها عمر سليمان، وكانت مصر مرهونة للحفاظ على أمن اليهود أكثر من اليهود، ومن هنا نفهم لماذا قال ديفد اليعازر وزير الدفاع اليهودي السابق الذي سحل الأسرى المصريين في حرب 1967 تحت الدبابات، لماذا قال عن المجرم حسني مبارك بأنه (الكنز الاستراتيجي لأمن اسرائيل)، ومن هنا نفهم لماذا أعلنت وزيرة الخارجية الصهيونية (تسيفي ليفني) الحرب على غزة سنة 2008 من القاهرة العاصمة المصرية وبجانبها المجرم وزير خارجية مصر أحمد أبو الغيط، هذا وقد التقى المجرم الصهيوني أريئيل شارون رئيس الكيان المغتصب مع حسني مبارك، وأخذ شارون يشكو لمبارك ضربات حماس للكيان في الضفة الغربية وغزة، وأكثر من الحديث عن خطورة حماس على الكيان المغتصب، فرد عليه حسني مبارك إن "حماس" شرذمة قليلة ويمكن القضاء عليها والخلاص منها بسهولة، فرد عليه شارون قائلاً إن حماس إخوان مسلمون، والإخوان المسلمون موجودون في كل دول العالم وهم تنظيم كبير وذو إمكانات ضخمة وهم الخطر الحقيقي على دولتنا.
مما تقدم نفهم لماذا هذه الحرب المسعورة على إخوان مصر، وكيف ارتعدت فرائص يهود عندما استلم الدكتور محمد مرسي الحكم، وبدأت المؤامرة الدولية على حكم الإخوان، وكيف تعاون الغرب والعرب مع اليهود لإسقاط هذا الحكم الذي وقف في الحرب التي حصلت على غزة 14/8/2012 حرب (حجارة السجيل) مع أهل غزة وهدد أنه لن يسكت أمام هذا الاعتداء الغاشم وأخيراً أُخضع اليهود لشروط حماس التي فرضوها على اليهود.
ويقول الصحفي الأمريكي تشومسكي إن محمد مرسي كان قد وصف اليهود بأنهم أبناء القردة والخنازير
 وعندما التقى الرئيس الأمريكي أوباما في زيارته للأمم المتحدة طلبت الإدارة الأمريكية من مرسي أن يضمن كلامه لأوباما جملة تقول: (وستعمل مصر وأمريكا على إيجاد حلول لكي ينعم الشعبان الفلسطيني والاسرائيلي بالأمن الدائم والسلام الشامل) فرفض مرسي هذه الجملة التي تعني الاعتراف بدولة اليهود والسير بعجلة السلام المشينة، فيقول تشومسكي إن هذه الجملة التي لم يقلها كانت سبباً في إنهاء حكمه.
ولما حصل الانقلاب من السيسي على حكم مرسي الشرعي فقد رحبت حكومة العدو الصهيوني بهذا الانقلاب وعبرت الصحافة اليهودية عن فرحها بأن أنزلت صورة السيسي على صفحاتها الأولى وبجانبه عبارة (البطل القومي اليهودي الذي أرجع مصر لأحضاننا)..
 هذا وقد ذكرت صحيفة (فيترانس توداي) الأمريكية في تقرير لها بعنوان "السيسي يهودي ومصر الآن تحت الاحتلال الصهيوني" وفيه معلومات قيمة تثبت تورطه بعمالة الموساد).
وقد صرح رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان (إن لدينا وثائق تثبت وقوف دولة "اسرائيل" وراء الانقلاب العسكري في مصر)..
 كما ذكر المحلل والكاتب الصهيوني (دان مر) كبير المعلقين لصحيفة (اسرائيل اليوم) والذي قال بالنص (سنبكي دماً لأجيال إن سمحنا بفشل الانقلاب في مصر وعاد الإخوان إلى الحكم، ويجب أن نعمل المستحيل لضمان ذلك لأن الإخوان سيتوجهون للانتقام من "اسرائيل" في حال عادوا للحكم لإدراكهم الدور الكبير الذي قامت به تل أبيب في دعم السيسي، وإن نجاح السيسي بالنسبة لنا قصة حياة أو موت).
وهذا وزير الدفاع الصهيوني (باراك) في مقابلة مع (CCN) الأمريكية يقول: أعتقد أن العالم بأسره يجب أن يدعم السيسي لأن الرئيس محمد مرسي الذي نجح بانتخابات نزيهة نسبياً استخدم الأدوات من أجل تحويل الانتخابات الديمقراطية إلى نظام شمولي متشدد يستند إلى الشريعة الإسلامية وله تأثير كبير في المنطقة، فجاء الانقلاب من أجل استقرار أمن المنطقة.
وهذا رئيس المخابرات الصهيونية (أفيف كوخافي) يتحدث عن القوة الناعمة للإخوان المسلمين في مؤتمر هرتزليا للأمن القومي فيقول (إن أسلمة المجتمعات بدأت من الحركة الرئيسة، وهي حركة الإخوان المسلمين، والتي انتشرت في العالم وتركزت في الشرق الأوسط من تركيا إلى المغرب، وقوتهم تتصاعد ليس فقط بالإسلام السياسي بل بالرعاية الاجتماعية والتربية والتعليم والاقتصاد والتغذية، وهم يسعون لإقامة دولة الخلافة وتطبيق الشريعة على حدودنا، وما جرى في مصر هو بداية الطريق لتحقيق أهدافهم) وقد ذكر الإخوان المسلمين في كلمته اثنتى عشرة مرة خلال أربع دقائق استمعت لها.
وأخيراً هذا وفد الكونغرس الأمريكي الذي ضم السيناتور ميشيل باكمان عضو مجلس الشيوخ والنائب لومي جوهمرت والنائب ستيف كينج الذين قابلوا عبد الفتاح السيسي ووصفوه بـ(جورج واشنطن مصر) وقالوا (سندعم الوضع الجديد الذي جاء موافقاً لتطلعات الشعب الأمريكي والمصري للوقوف معا ضد "عدونا المشترك" الإرهاب الذي تمثله جماعة الإخوان المسلمين ويجب هزيمتهم للقضاء على هذا الشر).
ومن هنا نعرف حقيقة المعركة ومغزى التهمة التي وجهت لمرسي (التخابر مع حماس) وإن ما حصل في مصر هو جزء من المعركة مع يهود وأعوانهم من زعماء في العالم العربي وعلى رأسهم حكام مصر الانقلابيين وزعماء خليجيين تابعين بكل ذيلية للصهيونية، وذكر ان بندر بن سلطان قدم خمسة عشر مليار دولار لروسيا صفقة سلاح لتقف معهم في حربهم للإخوان المسلمين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق