في مواجهة الانقلاب:
زيادة الفعاليات الثورية المستقلة عن الإخوان
أحمد فهمي
كاتب وباحث مصري
في اعتقادي أن الفعاليات الثورية تبتعد تدريجيا عن نطاق الإخوان، وربما عن التحالف الوطني أيضا، وإن بسرعة أبطأ..
لا شك في أن الإخوان عصب رئيس في التظاهرات، ولا جدال في أن التحالف يكتسب قوة سياسية بمرور الأيام، وهو الذي يحدد المسارات الثورية، لكن مجموعات كثيرة تتشكل وتعمل بصورة مستقلة وموازية وداعمة، وتبتكر أساليب جديدة للاحتجاج.
وليس خافيا أن آلافا من الطلاب في أنحاء مصر يترقبون بصبر نافد بدء العام الدراسي والعودة إلى الجامعات ليتخذوا منها مراكز للتجمع والانطلاق..
الشباب قوة هائلة، وطاقة كامنة، مؤشرات كثيرة تنبئ عن تسلم الشباب لدفة الأحداث، وعن تحول الحراك في الشارع إلى حراك شبابي بالدرجة الأولى..
اختفاء القيادات من الشارع قد يؤدي إلى ظهور ائتلافات واتحادات مماثلة لما حدث في ثورة يناير، التي كانت ثورة بلا قيادة، وبالتالي كان من الصعب السيطرة عليها، لأن قرارات التثوير والتحريك والمشاركة كان لها مركزيات بديلة متعددة..
كل يوم تقريبا نقرأ عن جبهة أو ائتلاف أو حركة جديدة تتشكل لتمارس فعالياتها الثورية بنكهتها الخاصة..
التماهي التدريجي لكتلة الإخوان داخل بنية الحراك -خاصة مع اختفاء القيادات- سيكون عاملا حافزا لانضمام فئات أخرى كانت تنظر لبروز راية الإخوان عائقا عن المشاركة..
من الخطأ أن يتوقع الانقلابيون مسارات هذا الحراك انطلاقا من رؤية تقليدية تتقيد بالمنحنى النمطي: "صعود- ذروة - هبوط"، فقد تبين خلال الفترة الماضية وجود قدرة على معاودة الصعود بعد الهبوط النسبي، وبصورة تكررت أكثر من مرة، وهذا يقود إلى نتيجة أخطر، وهي: أن "الذروة الثورية" ربما لم تحدث بعد..
ما سبق يجب أن يشكل دافعا قويا لكي تسعى الأطراف الفاعلة في السلطة إلى البحث عن نقاط التقاء لأن ما يحدث أن الصراع لا ينتهي، وإنما ينتقل من مرحلة لأخرى متخذا أنماطا جديدة، دون توقعات بقرب الانتهاء..
السياسي الذكي هو من يستطيع الدمج بين الواقع والتوقعات، فيريح نفسه من عناء الانتظار حتى يتحول التوقع إلى واقع، عندها سيجد أن الحسابات قد تعقدت كثيرا،
إذن .. الواقع المشاهد حاليا أن التظاهرات متواصلة بزخم كبير، والتوقعات أنها ستستمر بالزخم نفسه- والله أعلم-، وربما بزخم أكبر..
والكلام موجه للقوى الداعمة للانقلاب..
توجد قيادات داخل جبهة الإنقاذ أكثر ما يؤرقها الذوبان التدريجي لحلم "الحزب الحاكم"، لذلك يخشون كثيرا من عودة الأحزاب الإسلامية إلى المشهد السياسي الانتخابي، من ثم يعرقلون أية مبادرات.
تظاهرات جمعة "الشباب" وما قبلها، أثبتت حقائق حول: النفس الطويل- التمدد والتجدد الجماهيري- التحرك من دون قيادات رمزية، وهذه الأخيرة جديرة بالانتباه، لأن المسيرات منذ ثورة يناير كانت تكتسب زخما بأسماء الرموز في طليعتها، الآن "الشباب" هم الرموز لأنفسهم ولغيرهم..
توجد عوامل إيجابية لصالح الاحتجاجات، منها التحسن المتوقع في درجات الحرارة، ومنها: بدء الدراسة، ومنها: تفاقم الأزمة الاقتصادية، ومنها: تفكك البنية السياسية لمشهد 3 يوليو..
الخيارات متعددة أمام مؤيدي الانقلاب: أمنية وسياسية..أما الرافضون، فليس أمامهم إلا التظاهر السلمي، سواء تمسكوا بمطالبهم أم قلصوها، وسواء قدموا مبادرات أم رفضوها..
لكن المهم هنا أن يدرك الجميع أن التظاهر بالنسبة لهم ليس "خيار العاجزين" بل هو "عزيمة الثائرين"..
لهذا لن تتوقف التظاهرات- والله أعلم.. ..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق