الأربعاء، 13 نوفمبر 2013

باسم عودة.. أعاد بسمة الفقراء فاعتقله الانقلابيون


باسم عودة.. أعاد بسمة الفقراء فاعتقله الانقلابيون 

باسم عودة انحاز للفقراء لتوفير احتياجاتهم الضرورية (الجزيرة-أرشيف)


مجدي مصطفى
تسلم أستاذ الهندسة باسم عودة في 10 يناير/ كانون الثاني الماضي وزارة التموين، ضمن تعديلات وزارية على حكومة هشام قنديل شملت عشر وزارات. ليصبح بذلك أصغر وزير يتولى أقدم وزارة، فأعلن أن الأولوية ستكون لمحدودي الدخل وخصوصا تحسين جودة الخبز "العيش" لكنه أقصي واعتقل في سياق انقلاب 30 يونيو/حزيران.
العيش.. يعني الحياة، لكنه عند المصريين يعني الخبز، انفراد في التسمية، وجد له مكانا في الدارج من القول، والمثل والقسم، لدى أهل مصر.. "أكل العيش".. و"العيش والملح" وحتى الفن والأدب حيث الرغيف "قمر الفقراء".
ولم تستثن السياسة من ذلك، فالعيش اقترن بالحرية، والعدالة الاجتماعية، والكرامة الإنسانية، في شعارات وهتافات ثورة 25 يناير التي أطاحت بالرئيس المخلوع حسني مبارك.
الإطعام من الجوع والأمان من الخوف.. حلم شعوب الأرض، تدور حولهما غالبية الأزمات الإنسانية، ويأتيان في قاعدة "هرم ماسلو" للحاجات الإنسانية الذي يتوج في قمته بـ"تحقيق الذات"، ومن يسجن في "الجوع"، ويفقد "الأمان" يصبح تحقيق الذات حلما بعيد المنال.
والقاعدة تنطبق على الأمم والدول كما تنطبق على الشعوب والأفراد، والشعوب نوعان، الأول يثور إذا جاع، والثاني يثور إذا شبع، والجوع قرين الثورات، والحروب، ومن الوزارات ما ينشأ في زمن الحرب ويختفي بعد ذلك مثل وزارة التموين.

ووزارة التموين في مصر، من أقدم الوزارات التي عرفتها في تاريخها المعاصر، أنشئت ما بين الحرب العالمية الأولى والثانية للاضطلاع بدور توزيع الاحتياجات الغذائية الأساسية، وتصنف الوزارة على أنها "إستراتيجية"، وشعارها "حماية.. تنمية.. رقابة".

وإلى وزارة التموين جاء أستاذ الهندسة باسم عودة في 10 يناير/ كانون الثاني الماضي، ضمن تعديلات وزارية على حكومة هشام قنديل شملت عشر وزارات. ليصبح عودة بذلك أصغر وزير (43 عاما) يتولى أقدم وزارة، فأعلن أن الأولوية ستكون لمحدودي الدخل، وتحسين جودة رغيف العيش، واستكمال جهود تحرير سعر القمح والدقيق، والحفاظ على سعر رغيف الخبز، والعمل علي تعميم توزيع أنابيب البوتاغاز بالكوبونات، والاستمرار في خطة توفير المحروقات.
ميراث الفساد هو القاسم المشترك بمرافق الدولة ووزاراتها لعقود طالت قبل ثورة 25 يناير، حتى راجت مقولة "الفساد هو المعلوم بالضرورة الوحيد في مصر"
الرجل والمنصب
وتعهد الرجل بعد تكليفه بـ "العمل من أجل مصلحة كل المصريين" وليس حزب الحرية والعدالة الذي ينتمي إليه، داعياً إلى ضرورة ترسيخ مبادئ الثورة وعدم تصنيف المواطنين بناءً علي انتماءاتهم.
لكن ميراث الفساد هو القاسم المشترك بمرافق الدولة ووزاراتها لعقود طالت قبل ثورة 25 يناير، حتى راجت مقولة "الفساد هو المعلوم بالضرورة الوحيد في مصر"،.. والفساد بالوزارة التي تولاها عودة عجوز، وفي تلك الوزارة العجوز، خصوصا وأنها "بيت الدعم" الذي طالما حلم مستحقوه بوصوله إليهم دون جدوى حتى جاء عودة ليعيد لهم البسمة.
قضى عودة على جزء كبير من الفساد داخل وزارته، وأقال بعض الفاسدين ولم يرق للوزير الشاب أبهة المنصب وفخامة المكتب، أو الركون لقبيلة الفساد وميراثها الطويل وقاعدتها البيروقراطية العريضة والعميقة فنزل إلى الشارع ليتابع رغيف العيش وأسطوانة البوتوغاز، وحرص على تفقد ومراقبة المخابز بنفسه لضمان إنتاج خبز بمواصفات آدمية للمصريين، ولم يتردد في إغلاق المخابز التي كانت تتاجر بدقيق المصريين بالسوق السوداء.
طاف عودة بعدد المحافظات لحل أزمة الوقود وعمل علي تعميم البطاقة الذكية لصرف المواد التموينية والخبز وأسطوانات البوتاغاز، فوفر حلولا ملموسة لتلك الهموم المعيشية المزمنة، فشهد له الأعداء قبل الأصدقاء بأنه أفضل وزير تموين في تاريخ مصر، بل ترددت التوقعات والأصوات التي ترشحه لرئاسة الوزارة بأي تعديل وزاري يقوم به الرئيس محمد مرسي في ذلك الوقت قبل الانقلاب عليه وعزله.
كان د. عودة من أوائل الكوادر الإخوانية التي شاركت بثورة 25 يناير، وأحد من تصدوا للبلطجية يوم موقعة الجمل، قبل أن يصاب إصابة بالغة برأسه، استلزمت أكثر من عشر غرز طبية لمعالجة الجرح
مسؤوليات
قبل توليه الوزارة كان عودة مسؤول ملف الطاقة والوقود برئاسة الجمهورية، وهو رئيس المكتب التنفيذي للجان الشعبية بالجيزة، ورئيس لجنة التنمية المحلية بحزب الحرية والعدالة المنبثق عن جماعة الإخوان المسلمين. وعضو الأمانة المركزية للتخطيط والتنمية بالحزب، ومنسق حملة وطن نظيف علي مستوى الجمهورية.
والدكتور باسم كمال محمد عودة الشقيق الأكبر لخمسة أشقاء ثلاثة رجال وسيدتين ولد يوم 16 مارس /آذار 1970 لأسرة من محافظة المنوفية، انتمى لجماعة الإخوان المسلمين في بدايات المرحلة الإعدادية. وسجل تفوقا مبكرا وملحوظا خلال مراحله التعليمية المختلفة.
 كما عرف بشغفه بالعمل الخدمي الطلابي خلال دراسته بكلية الهندسة جامعة القاهرة والذي لم يحل بينه وبين تفوقه الدراسي حيث كان الأول على دفعته لكي يصبح معيدا، فمدرسا مساعدا ثم أستاذا بقسم الهندسة الحيوية الطبية والمنظومات بالكلية، واستشاري الهندسة الطبية وتكنولوجيا الرعاية الصحية.
كان عودة من أوائل الكوادر الإخوانية التي شاركت في ثورة 25 يناير، وأحد من تصدوا للبلطجية يوم موقعة الجمل، قبل أن يصاب إصابة بالغة في رأسه، استلزمت أكثر من عشر غرز طبية لمعالجة الجرح.
وبعد ثورة 25 يناير مباشرة ابتكر عودة وطور فكرة اللجان الشعبية التي قامت خلال الثورة من جميع أطياف الشعب لحماية المنازل والشوارع والمساجد والكنائس والمصالح الحكومية، ودعا لاستمرار هذه الروح التي تجمع طوائف الشعب تحت راية واحدة وهي "خدمة أهالينا وشعبنا كلا في منطقته".
وشارك عودة في إنشاء أول لجنة شعبية بمنطقة فيصل بالجيزة، تولت مسؤولية أول حملة نظافة، شارك فيها محافظ الجيزة د. علي عبد الرحمن ورئيس هيئة النظافة، وشهدت استجابة وتفاعلا من أهالي المنطقة للمشاركة في نظافة المنطقة وتشجير بعض المناطق.
حضور
بعد انقلاب الجيش سجل عودة حضورا لافتا في اعتصام ميدان رابعة العدوية قبل فضه بالقوة، وطالما قال د. عودة هناك إن د. محمد مرسي كان رئيسًا ناجحًا بدليل عزله بعد عام بينما تركوا مبارك ثلاثين عامًا رغم فشله.
وفي مقارنة بين العهدين يقول "الدَّين العام في عهد مبارك وصل لنسبة 130% من الناتج المحلي، ولم يتهمه أحد بالفشل، بينما انخفضت النسبة لـ89% في عهد مرسي".
ظل اسم عودة وصوره حاضرين ومصاحبين لمرسي وصوره خصوصا في مظاهرات الفقراء الاحتجاجية على أزمة أسطوانات الغاز التي عادت وبشدة، فيما يعرف بـ"مظاهرات الأنابيب".
وفي يوم الثلاثاء 12 نوفمبر/تشرين ثاني 2013 أعلنت قوات الأمن أنها قامت بإلقاء القبض على د. عودة في مصنع للصابون بمنطقة وادي النطرون بمحافظة البحيرة تنفيذا لقرار النيابة العامة بضبطه وإحضاره لاتهامه بالتحريض على العنف.

وفي تدوينة عبر صفحته الشخصية على موقع "فيسبوك" قال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة د. سيف عبد الفتاح "وهل اعتقلوك أيها الشريف إلا لأنك وزير الشعب الذي لم يتواطأ مع الفاسدين".
المصدر:الجزيرة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق