كيف تعامل أهل البيت مع مقتل الحسين رضي الله عنه؟
لقد نهى الله تعالى عن الحزن في عدة آيات من كتابه الكريم فقال {وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا} وقال أيضاً: {وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ} في أكثر من موضع من كتاب الله تعالى.وأخبر عن تفضله على موسى عليه السلام قائلاً: {فرَجَعناك إلى أمك كي تقرَّ عينُها ولا تَحزَن}.
وذكر وصية النبي صلى الله عليه وآله وسلم لصاحبه أبي بكر رضي الله عنه وفيها {لاَ تَحْزَنْ إن اللّهَ مَعَنَا}. بل جعل الله تعالى من جزائه العظيم لعباده المؤمنين أنه {فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ}.
والحزن شيء محبب الى الشيطان، يُسعده ويجد فيه بُغيته في قطع مسيرة المؤمن وتغيير سلوكه كما قال الله تعالى: {إنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا}.
وقد صدق د.عائض القرني حينما قال عن الحزن: (فالحزنُ ليس بمطلوبٍ، ولا مقصودٍ، ولا فيه فائدةٌ، وقدِ استعاذ منه النبيُّ صلى الله عليه وسلم فقال: (اللهمَّ إني أعوذُ بك من الهمِّ والحزنِ) فهو قرينُ الهمِّ، والفرْقُ، وان كان لما مضى أورثه الحُزْنَ، وكلاهما مضعِفٌ للقلبِ عن السيرِ، مُفتِّرٌ للعزمِ.
والحزنُ تكديرٌ للحياةِ وتنغيصٌ للعيشِ، وهو مصلٌ سامٌّ للروحِ، يورثُها الفتور والنكَّدَ والحيْرَة، ويصيبُها بوجومٍ قاتمٍ متذبِّلٍ أمام الجمالِ، فتهوي عند الحُسْنِ، وتنطفئُ عند مباهج الحياةِ، فتحتسي كأسَ الشؤم والحسرةِ والألمِ).
ولا يعني هذا ان المؤمن منزّه عن الحزن، فقد يحزن المؤمن وقد ينتابه الغم وهذا طبيعي كما قال الله تعالى عن أهل الجنة اذا دخلوها: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ} فهذا يدلُّ على أنهمْ كان يصيبُهم في الدنيا الحزنُ، كما يصيبهُم سائرُ المصائبِ التي تجري عليهم بغيرِ اختيارِهم.
فاذا حلَّ الحُزْنُ وليس للنفسِ فيه حيلةٌ، وليس لها في استجلابهِ سبيلٌ فهي مأجورةٌ على ما أصابها، لأنه نوْعٌ من المصائبِ فعلي العبدِ ان يدافعه اذا نزل بالأدعيةِ والوسائلِ الحيَّةِ الكفيلةِ بطردِه.
لقد أدرك أهل البيت رضوان الله عليهم هذه الحقيقة مبكراً، ولهذا لم ينسق الامام علي بن الحسين رضي الله عنهما وراء أهل الكوفة حينما رآهم يبكون على أبيه الامام الحسين رضي الله عنه بل قال: (هؤلاء يبكون علينا فمن قتلنا غيرهم؟!)(1).
وتعزّى هو بنفسه بعزاء الله تعالى مطبقاً وصية أبيه الحسين رضي الله عنه لأخته زينب رضي الله عنها والتي فيها: (يا أخية، اني أقسمت فأبري قسمي، لا تشقي علي جيباً، ولا تخمشي علي وجهاً، ولا تدعي علي بالويل والثبور اذا أنا هلكت)(2).
وكان الامام جعفر الصادق يقول في قول الله عز وجل {يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا} أي اصبروا على المصائب أو صابروا على المصائب(3).
وكان يقول: لولا ان الصبر خلق قبل البلاء لتفطر المؤمن كما تتفطر البيضة على الصفا(4).
ومن أقواله: (ان الصبر والبلاء يستبقان الى المؤمن، يأتيه البلاء وهو صبور، وان الجزع والبلاء يستبقان الى الكافر، فيأتيه البلاء وهو جزوع)(5).
ولهذا روى المجلسي عن الامام جعفر الصادق أنه أوصى عند احتضاره في النساء أمراً جلياً فقال: «لا يلطمن علي خدا، ولا يشققن علي جيبا، فما من امرأة تشق جيبها الا صدع لها في جهنم صدع كلما زادت زيدت»(6).
وذلك لما في هذه الأمور من منافاة للصبر على المصيبة ولكونها من أعمال الجاهلية.
وقد سُئل الامام الباقر: ما الجزع؟ فقال: أشد الجزع الصراخ بالويل والعويل ولطم الوجه والصدر وجز الشعر من النواصي، ومن أقام النواحة فقد ترك الصبر وأخذ في غير طريقه ومن صبر واسترجع وحمد الله عز وجل فقد رضي بما صنع الله ووقع أجره على الله ومن لم يفعل ذلك جرى عليه القضاء وهو ذميم وأحبط الله تعالى أجره(7).
يقول تقي الدين ابن تيمية: (وأما مقتل الحسين رضي الله عنه فلا ريب أنه قتل مظلوما شهيدا كما قتل أشباهه من المظلومين الشهداء وقتل الحسين معصية لله ورسوله ممن قتله أو أعان على قتله أو رضي بذلك وهو مصيبة أصيب بها المسلمون من أهله وغير أهله وهو في حقه شهادة له ورفع حجة وعلو منزلة فانه وأخاه سبقت لهما من الله السعادة التي لا تنال الا بنوع من البلاء ولم يكن لهما من السوابق ما لأهل بيتهما فانهما تربيا في حجر الاسلام في عز وأمان فمات هذا مسموما وهذا مقتولا لينالا بذلك منازل السعداء وعيش الشهداء.
وليس ما وقع من ذلك بأعظم من قتل الأنبياء فان الله تعالى قد أخبر ان بني اسرائيل كانوا يقتلون النبيين بغير حق وقتل الأنبياء فان الله تعالى قد أخبر ان بني اسرائيل كانوا يقتلون النبيين بغير حق وقتل النبي أعظم ذنبا ومصيبة وكذلك قتل علي رضي الله عنه أعظم ذنبا ومصيبة وكذلك قتل عثمان رضي الله عنه أعظم ذنبا ومصيبة).
اذا كان كذلك فالواجب عند المصائب الصبر والاسترجاع كما يحبه الله ورسوله، قال الله تعالى {وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون}.
وفي مسند الامام أحمد وسنن ابن ماجه عن فاطمة بنت الحسين عن أبيها الحسين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ما من مسلم يصاب بمصيبة فيذكر مصيبته وان قدمت فيحدث لها استرجاعا الا أعطاه الله من الأجر مثل أجره يوم أصيب بها)(8).
إنّ الامام الحسين رضي الله عنه مع أخيه الامام الحسن رضي الله عنه سيدا شباب أهل الجنة، وانّ غمسة واحدة في الجنة كفيلة بأن تُنسي صاحبها كل ألم شعر به في الدنيا كما في الحديث، كما ان الشهيد لما يرى ما أعدّ الله تعالى لأمثاله يوم القيامة يتمنى لو أنه رجع للدنيا فقُتل في سبيل الله تعالى مراراً وتكراراً لأجل الفضل المدّخر له في الآخرة، فعلى من نبكي؟ أنبكي موعوداً بالجنان ونحن لا ندري عن أنفسنا أنكون من أهل الجنان أم من أهل النيران؟.
حُق علينا ان ندرك ان تلك الحادثة الأليمة انتهت وأقبل أصحابها على رب العالمين وهو سبحانه من سيفصل بينهم، وأنّ اثارة النعرات لن يكون الا أداة يطلبها المستعمر ويتربص بها العدو، فمتى نفيق؟.
يقول د.عائض القرني في كتابه (لا تحزن): (القراءةُ في دفتر الماضي ضياعٌ للحاضرِ، وتمزيقٌ للجهدِ، ونسْفٌ للساعةِ الراهنةِ، ذكر اللهُ الأمم وما فعلتْ ثم قال: {تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ} انتهى الأمرُ وقُضِي، ولا طائل من تشريحِ جثة الزمانِ، واعادةِ عجلةِ التاريخ.
إن الذي يعودُ للماضي، كالذي يطحنُ الطحين وهو مطحونٌ أصلاً، وكالذي ينشرُ نشارةُ الخشبِ.
لقد أدرك أهل البيت رضوان الله عليهم هذه الحقيقة مبكراً، ولهذا لم ينسق الامام علي بن الحسين رضي الله عنهما وراء أهل الكوفة حينما رآهم يبكون على أبيه الامام الحسين رضي الله عنه بل قال: (هؤلاء يبكون علينا فمن قتلنا غيرهم؟!)(1).
وتعزّى هو بنفسه بعزاء الله تعالى مطبقاً وصية أبيه الحسين رضي الله عنه لأخته زينب رضي الله عنها والتي فيها: (يا أخية، اني أقسمت فأبري قسمي، لا تشقي علي جيباً، ولا تخمشي علي وجهاً، ولا تدعي علي بالويل والثبور اذا أنا هلكت)(2).
وكان الامام جعفر الصادق يقول في قول الله عز وجل {يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا} أي اصبروا على المصائب أو صابروا على المصائب(3).
وكان يقول: لولا ان الصبر خلق قبل البلاء لتفطر المؤمن كما تتفطر البيضة على الصفا(4).
ومن أقواله: (ان الصبر والبلاء يستبقان الى المؤمن، يأتيه البلاء وهو صبور، وان الجزع والبلاء يستبقان الى الكافر، فيأتيه البلاء وهو جزوع)(5).
ولهذا روى المجلسي عن الامام جعفر الصادق أنه أوصى عند احتضاره في النساء أمراً جلياً فقال: «لا يلطمن علي خدا، ولا يشققن علي جيبا، فما من امرأة تشق جيبها الا صدع لها في جهنم صدع كلما زادت زيدت»(6).
وذلك لما في هذه الأمور من منافاة للصبر على المصيبة ولكونها من أعمال الجاهلية.
وقد سُئل الامام الباقر: ما الجزع؟ فقال: أشد الجزع الصراخ بالويل والعويل ولطم الوجه والصدر وجز الشعر من النواصي، ومن أقام النواحة فقد ترك الصبر وأخذ في غير طريقه ومن صبر واسترجع وحمد الله عز وجل فقد رضي بما صنع الله ووقع أجره على الله ومن لم يفعل ذلك جرى عليه القضاء وهو ذميم وأحبط الله تعالى أجره(7).
يقول تقي الدين ابن تيمية: (وأما مقتل الحسين رضي الله عنه فلا ريب أنه قتل مظلوما شهيدا كما قتل أشباهه من المظلومين الشهداء وقتل الحسين معصية لله ورسوله ممن قتله أو أعان على قتله أو رضي بذلك وهو مصيبة أصيب بها المسلمون من أهله وغير أهله وهو في حقه شهادة له ورفع حجة وعلو منزلة فانه وأخاه سبقت لهما من الله السعادة التي لا تنال الا بنوع من البلاء ولم يكن لهما من السوابق ما لأهل بيتهما فانهما تربيا في حجر الاسلام في عز وأمان فمات هذا مسموما وهذا مقتولا لينالا بذلك منازل السعداء وعيش الشهداء.
وليس ما وقع من ذلك بأعظم من قتل الأنبياء فان الله تعالى قد أخبر ان بني اسرائيل كانوا يقتلون النبيين بغير حق وقتل الأنبياء فان الله تعالى قد أخبر ان بني اسرائيل كانوا يقتلون النبيين بغير حق وقتل النبي أعظم ذنبا ومصيبة وكذلك قتل علي رضي الله عنه أعظم ذنبا ومصيبة وكذلك قتل عثمان رضي الله عنه أعظم ذنبا ومصيبة).
اذا كان كذلك فالواجب عند المصائب الصبر والاسترجاع كما يحبه الله ورسوله، قال الله تعالى {وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون}.
وفي مسند الامام أحمد وسنن ابن ماجه عن فاطمة بنت الحسين عن أبيها الحسين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ما من مسلم يصاب بمصيبة فيذكر مصيبته وان قدمت فيحدث لها استرجاعا الا أعطاه الله من الأجر مثل أجره يوم أصيب بها)(8).
إنّ الامام الحسين رضي الله عنه مع أخيه الامام الحسن رضي الله عنه سيدا شباب أهل الجنة، وانّ غمسة واحدة في الجنة كفيلة بأن تُنسي صاحبها كل ألم شعر به في الدنيا كما في الحديث، كما ان الشهيد لما يرى ما أعدّ الله تعالى لأمثاله يوم القيامة يتمنى لو أنه رجع للدنيا فقُتل في سبيل الله تعالى مراراً وتكراراً لأجل الفضل المدّخر له في الآخرة، فعلى من نبكي؟ أنبكي موعوداً بالجنان ونحن لا ندري عن أنفسنا أنكون من أهل الجنان أم من أهل النيران؟.
حُق علينا ان ندرك ان تلك الحادثة الأليمة انتهت وأقبل أصحابها على رب العالمين وهو سبحانه من سيفصل بينهم، وأنّ اثارة النعرات لن يكون الا أداة يطلبها المستعمر ويتربص بها العدو، فمتى نفيق؟.
يقول د.عائض القرني في كتابه (لا تحزن): (القراءةُ في دفتر الماضي ضياعٌ للحاضرِ، وتمزيقٌ للجهدِ، ونسْفٌ للساعةِ الراهنةِ، ذكر اللهُ الأمم وما فعلتْ ثم قال: {تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ} انتهى الأمرُ وقُضِي، ولا طائل من تشريحِ جثة الزمانِ، واعادةِ عجلةِ التاريخ.
إن الذي يعودُ للماضي، كالذي يطحنُ الطحين وهو مطحونٌ أصلاً، وكالذي ينشرُ نشارةُ الخشبِ.
وقديماً قالوا لمن يبكي على الماضي: لا تخرج الأموات من قبورهم.
إن بلاءنا أننا نعْجزُ عن حاضِرنا ونشتغلُ بماضينا، نهملُ قصورنا الجميلة، ونندبُ الأطلال البالية، ولئنِ اجتمعتِ الانسُ والجنُّ على اعادةِ ما مضى لما استطاعوا، لأن هذا هو المحالُ بعينه.
إن الناس لا ينظرون الى الوراءِ ولا يلتفتون الى الخلفِ، لأنَّ الرِّيح تتجهُ الى الأمامِ والماءُ ينحدرُ الى الأمامِ، والقافلةُ تسيرُ الى الأمامِ، فلا تخالفْ سُنّة الحياة).
الهوامش:
(1) الاحتجاج للطبرسي 29/2.
(2) الارشاد 94/2.
(3) الكافي 91/2.
(4) المصدر نفسه.
(5) الكافي 223/3.
(6) بحار الأنوار للمجلسي 101/79.
(7) الكافي 223/3.
(8) منهاج السنة النبوية 550/4.
إن بلاءنا أننا نعْجزُ عن حاضِرنا ونشتغلُ بماضينا، نهملُ قصورنا الجميلة، ونندبُ الأطلال البالية، ولئنِ اجتمعتِ الانسُ والجنُّ على اعادةِ ما مضى لما استطاعوا، لأن هذا هو المحالُ بعينه.
إن الناس لا ينظرون الى الوراءِ ولا يلتفتون الى الخلفِ، لأنَّ الرِّيح تتجهُ الى الأمامِ والماءُ ينحدرُ الى الأمامِ، والقافلةُ تسيرُ الى الأمامِ، فلا تخالفْ سُنّة الحياة).
الهوامش:
(1) الاحتجاج للطبرسي 29/2.
(2) الارشاد 94/2.
(3) الكافي 91/2.
(4) المصدر نفسه.
(5) الكافي 223/3.
(6) بحار الأنوار للمجلسي 101/79.
(7) الكافي 223/3.
(8) منهاج السنة النبوية 550/4.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق