3 مقترحات لتغريدة برادعاوية
وائل قنديل
متى يغرد محمد البرادعي، إن لم يفعلها هذه الأيام؟
هي أيام وأحداث تجعل الحجر يغرد، والفيل يطير، فماذا ينتظر العصفور المسافر؟
هل أتاك نبأ إسراء الطويل؟
طالبة في كلية الآداب جامعة القاهرة، عمرها 23 عاماً، واحدة من مواليد 25 يناير/ كانون ثاني 2011، ذلك الحلم الجميل، الذي ولدت معه مصر أخرى، وكان محمد البرادعي أحد صنّاعه، بل قل هو أهم من أنزلوا الحلم من السماء إلى الأرض.
إسراء واحدة من ملايين الشباب الذين صدّقوا البرادعي وآمنوا بالثورة، واعتنقوا النضال سبيلاً للتغيير إلى الأفضل، فكان ذلك كافياً لتمتد إليها الأيادي التترية، لتختطفها وتخفيها في سراديب المجهول، ثم تضطر لإظهارها، بعد تصاعد السؤال "إسراء الطويل فين"، لكنها حين ظهرت، كانت التهمة قد طبخت على مواقد الدولة البوليسية "الانتماء لجماعة إرهابية".
نجحت الأيدي الغبية الباسلة في اختطاف إسراء، مطلع الشهر الجاري، وبقيت مختفية قسرياً مدة 16 يوماً، من دون أن يجرؤ أحد من فرسان المجلس القومي لحقوق الإنسان على الرد على سؤالٍ يشتعل في المنتديات عن مصير الفتاة الصغيرة التي لا تقوى على الحركة، منذ أصابها طلق ناري، في الخامس والعشرين من يناير 2014 بواسطة الشرطة.
عرف الجميع، بالمصادفة، أن إسراء محبوسة في سجن القناطر للنساء. وهنا، سارع الخاطفون إلى "تأليف" قضية على وجه السرعة، للتغطية على إخفائها قسرياً، أكثر من أسبوعين، في أقبية الأمن الوطني.
تروي شقيقتا إسراء الأصغر وقائع صعود الجنود البواسل، مدججين بالسلاح، إلى منزل الأسرة، واقتحامهم غرفتهما، في أثناء نومهما، والاستيلاء على كل أجهزة الكمبيوتر المحمولة، فتشعر أنك أمام مشاهد لا تختلف عما رأيته في أفلام تحكي قصة ممارسات جنود الاحتلال، على مر العصور.
إسراء واحدة من مئات حالات الاختطاف والاختفاء القسري، منذ انقلاب عبد الفتاح السيسي واستيلائه على الحكم، لا تجد من رموز النضال من يهتم، على الرغم من أنه، في ظروف أخرى، كان المناضلون يتمنون وقوع حالة واحدة من هذه الحالات ليصيحوا "وكأن ثورة لم تقم .. شرعية النظام سقطت".
حسناً.. لا تنهض حكاية إسراء الطويل سبباً كافياً لكي يغرد "البوب"، أو ربما ينتظر حتى تلقى مصير خالد سعيد، لكي يبدأ التحليق في الفضاء الإلكتروني مغرداً.
ماذا، إذن، عن مجزرة أحكام الإعدام التي دفعت بان كي مون والبيت الأبيض والخارجية الألمانية للتعليق والاستهجان والتحذير من مصير قاتم ينتظر مصر؟
ألا تثير هذه الأحكام قلق البرادعي وحزنه على قيم العدل والمبادئ الإنسانية، التي طالما بشّر بها ودافع عنها، وغرّد من أجلها، في ظروف مشابهة، في أماكن أخرى؟
جيد.. هذه الأحكام طالت أشخاصاً لا يحبهم محمد البرادعي، ولا يعتبر سحقهم وإبادتهم عملاً ضد الإنسانية، فماذا عن "القضية 250" التي تتوعد بها الدولة العسكرية البوليسية كل رموز ثورة يناير، والتي كان البرادعي نجم نجومها؟
ألا يستشعر "البوب" حرجاً، وهو يرى الذين وضع يده في أيديهم للانقلاب على ثورة، كان أيقونتها، يبدأون في إجراءات نصب المشانق، وتجهيز المحارق، لابتلاع كل من دب على أرض ميادين الثورة، هاتفاً ضد حسني مبارك ودولة العسكر؟
هل سمعت وقرأت قول وكيل المخابرات الحربية الذي يعلن فيه أن "هولوكوست الثورة" على الأبواب، وأنه لن يغادر أحداً من رموزها وقادتها وأيقوناتها، وأنت في مقدمتهم؟
ألست أنت القائل، يوماً، في حوار تلفزيوني شهير بعد الانقلاب "فيه دايما واحد موجود، اسمه محمد البرادعي، يستطيع أن يسدي النصيحة".
ألست أنت من نصحت أتباعك ومريديك بابتلاع خارطة المستقبل "الأسود" وبشّرتهم بأن السيسي لن يفكر في الرئاسة، وقد أبلغك بذلك، وأنت تثق فيه؟ هل تذكر حين اشترطت مليون توقيع، لكي تنطلق الثورة؟
هذا المليون من البشر الذين سبقوك إلى ميدان التحرير، ينتظرون قرار الإبادة الجماعية الآن، حسب ما توعدت به دولة المخابرات، أليس هذا كافياً للتغريد؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق