السبت، 2 أبريل 2016

د. ناجي صبري آخر وزير خارجية للعراق قبل الاحتلال يكشف لـ "الشرق" أسرار الحصار والاحتلال (1)

د. ناجي صبري آخر وزير خارجية للعراق قبل الاحتلال يكشف لـ "الشرق" أسرار الحصار والاحتلال (1)





أدار اللقاء: جابر الحرمي


* 25 سنة من تاريخ العراق شكلت كابوساً على الشعب ما بين الحصار والاحتلال



* احتلال الكويت خطأ استراتيجي جسيم ارتكبته القيادة العراقية وتلقفته الإدارة الأمريكية



* 661 أشمل وأقسى قرار عقوبات يفرضه مجلس الأمن في التاريخ باعتراف الولايات المتحدة



* مليون و720 ألف ضحية فقدها العراق من الحصار حتى الاحتلال بواقع 5 آلاف متوفى شهرياً



* القضاء على جيش العراق رابع أقوى جيوش العالم كان مهمة أمريكا بعد الحرب الباردة



* المجمع الصناعي العسكري الأمريكي خطط للتدمير الشامل لقدرات الدولة العراقية



* تنسيق أمريكي - إيراني سبق حرب 1991 وانكشفت نوايا طهران بالاستيلاء على الطائرات



* إيداع الطائرات الحربية لدى إيران خطأ استراتيجي آخر وقعت فيه القيادة العراقية بـ"حُسن نية "



* واشنطن وجدت في أزمة العراق والكويت فرصتها الذهبية لتحقيق حلمها بخلق عدو خارجي



* حملة شاملة هدفت لعزل العراق عن محيطه العربي والإسلامي ومنع أي حل إقليمي أو دولي للأزمة مع الكويت



* تدمير شامل طال 8230 منشأة حكومية وصناعية ومدارس وجامعات ومراكز للطاقة و20 ألف وحدة سكنية في حرب 91



* حرب استنزاف ثلاثية شنتها أمريكا وبريطانيا وفرنسا ضد العراق منذ 91 حتى الغزو سنة 2003



* "الثورة الشعبانية " كانت حملة تخريبية لحرس الثورة الإيرانية تصدى لها الجيش العراقي وأسر منهم 186 ضابطاً



* إيران هي من ضربت حلبجة بغاز السيانيد والطالباني اعتبره أسعد يوم في حياته



* أكذوبة اضطهاد الشيعة خير من يرد عليها أبناء المذهب الجعفري المترحمون على أيام صدام



* إمام بأحد مساجد النجف يؤكد أن "الأنبياء الوهميين" منعونا من النظر لصدام بموضوعية



* لأول مرة في التاريخ نسمع أن بلداً نفطياً لا يسد ثمن نفطه ثمن استخراجه



* مرجعيات دينية تناهض الهيمنة الإيرانية وترفض منطق الفتنة وتقف ضد الطائفية والأحزاب الشيعية
أدار اللقاء: جابر الحرمي
أعده للنشر: طـه حسين — عبد الحميد قطب



لم يكن سقوط بغداد واحتلالها في 9/4/2003 يوما عاديا للأمة العربية، فهي أول عاصمة عربية يتم احتلالها مجددا في القرن الواحد والعشرين .



وما يحدث اليوم في الواقع العربي من تداعيات اقليمية، ومشاريع متعددة تتنافس للاستحواذ على حصص من ارضنا العربية ـ في غياب اي مشروع عربي ـ وتفكك للمنظومة العربية .. ما هي الا نتاج التحول الذي حدث بسقوط بغداد.



لكن هذا السقوط أو الاحتلال لم يأت فجأة، إنما نتيجة خطأ تاريخي واستراتيجي ارتكبته القيادة العراقية في 2/8/1990 باقدامها على جريمة غزو دولة الكويت الشقيقة، واستباحة سيادتها، والذي مثل ضربة لمنظومة العمل العربي، وأوجد فرصة سانحة لتدخل قوى اجنبية بالمنطقة ، ومن ثم تدمير دولة بحجم العراق ، ليسهل فيما بعد احتلالها ، وهو ما حصل بعد سنوات من الحصار ، فكان أن سقطت بغداد في ابرايل 2003 .



هناك الكثير الذي قيل وكتب عن الغزو العراقي الغاشم لدولة الكويت الشقيقة، وهناك الكثير ايضا الذي قيل وكتب عن فترة الحصار، التي امتدت منذ 1991 الى يوم سقوط بغداد في 2003، ولكن من المؤكد ان من عاصر وعايش مرحلة غزو الكويت وسقوط بغداد، مرورا بفترة الحصار وتداعياتها وما تعرض له العراق من قصف متجدد، وهجمات تدميرية لأكثر من خمس مرات ..، لديه ما يقوله.



الدكتور ناجي صبري الحديثي، آخر وزير خارجية للعراق في عهد الرئيس صدام حسين هو شاهد على مرحلة مفصلية عاشها العراق.



لم يأت د. ناجي صبري الحديثي فجأة إلى وزارة الخارجية، أو ينزل اليها بـ " الباراشوت "، بل شغل العديد من المناصب الاعلامية والثقافية والسياسية، فقبل ان يتولى منصب وزير الخارجية في 2001، كان وزير الدولة للشؤون الخارجية، وقبلها كان مديرا للإعلام الخارجي ووكيلا لوزارة الثقافة والإعلام ومستشارا في ديوان رئاسة الجمهورية وسفيرا في وزارة الخارجية، وبالتالي كان حاضرا في المشهد العراقي بكل تفاصيله الدقيقة.




د. ناجي صبري متحدثا خلال الحلقة الأولى

"الشرق" استضافت د. ناجي صبري الحديثي عبر سلسلة من الحوارات الوثائقية لأصعب مرحلة يعيشها العراق في تاريخه والتي تمتد لنحو 22 عاما، 12 عاما فترة الحصار وهي الممتدة من 1991 الى 2003، ثم مرحلة الاحتلال من 2003 الى 2013.
حوارات وثقت لأول مرة عبر شخصية عراقية مسؤولة ، قرار غزو دولة الكويت وما تلا ذلك .. وفترة الحصار وتداعياتها .. وقرارات مجلس الامن .. ولجان التفتيش والادوار التي لعبتها .. ووكالة الطاقة الذرية ودورها في غزو العراق .. والمحيط العربي وعلاقاته مع العراق .. وكيف بدأت اطلالة العراق على محيطه الخليجي..
ومن هي الدولة التي كانت المحطة الاولى للانفتاح على الخليج والعالم العربي .. وابرز المحطات في الاجتماعات الوزارية العربية .. واجتماعات مجلس الامن .. ثم قرار الغزو الذي اتخذته اميركا وتبعتها بريطانيا دون غطاء اممي .. وصولا الى سقوط بغداد ..واختفاء الجيش العراقي .. ثم بدء المقاومة وكيف تشكلت .. وفي كل هذه المراحل ماذا كان موقف الرئيس صدام حسين .. وهل هرب بسقوط بغداد ام لعب ادوارا في مقاومة الاحتلال الاميركي ..
فصول متعددة نتناولها في سلسلة حلقات تنشرها "الشرق" على لسان د.ناجي صبري الحديثي آخر وزير خارجية للعراق في عهد صدام حسين ...
وفيما يلي نص حوار الحلقة الأولى..


** في البداية نرحب بك معالي الدكتور ونشكر لك استقطاع وقت مهم لتسليط الضوء على المشهد العراقي بعد 13 عاما على الاحتلال الأمريكي وقبلها 12 سنة أخرى من الحصار، هي 25 سنة من تاريخ العراق من المعاناة. دعنا نبدأ من 1990 وما قبلها.. كيف كانت الصورة حول العراق؟ وما الذي دفع العراق الى ارتكاب خطأ احتلال الكويت وخلفيات المشهد آنذاك؟



- أولا نبدأ من المشهد الكلي، من البيئة الدولية عام 1989 التي بدأت تشهد تحولا خطيرا، من النظام ثنائي القطبية الذي نشأ بعد الحرب العالمية الثانية، وتزعمته الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي وذلك بعد انهيار الامبراطورية الشيوعية السوفيتية في ذلك العام وتفكك محورها الاتحاد السوفيتي نفسه في العامين التاليين.



تـُوج هذا التحول في اليومين الثاني والثالث من كانون الاول/ ديسمبر عام 89 باتفاق الطرفين الرئيس السوفيتي جورباتشوف والرئيس جورج بوش الأب على إنهاء الحرب الباردة. وكان لهذا التحول آثار وانعكاسات خطيرة على العراق.



فالمؤسسة العسكرية الأميركية تحالفت مع المؤسسة الصناعية فيما عرف بالمجمع الصناعي العسكري الذي بلغ مكانة هائلة ونفوذا كبيرا في الولايات المتحدة في فترة الحرب الباردة الى الحد الذي جعل الرئيس دوايت ايزنهاور يخصه بالاسم محذرا في خطاب الوداع عند انتهاء فترة رئاسته يوم 17 كانون الثاني/ يناير عام 1961 من مخاطر تغوله وطغيانه على الحريات المدنية في أميركا، رغم انه نفسه دخل البيت الأبيض من نافذة المؤسسة العسكرية بعد قيادته جيوش أميركا والحلفاء في أوروبا في الحرب العالمية الثانية.



وطوال الحرب الباردة كان النظام السياسي الأميركي يعبىء الموارد ويخصص الأموال اللازمة للصناعة العسكرية لتطوير الأسلحة ويحشد الجهود لمواجهة الاتحاد السوفيتي، الخصم الأول للولايات المتحدة ولـ (العالم الحر). وبعد انتهاء الحرب الباردة وجدت المؤسسة العسكرية الأميركية بلا خصم تواجهه وتعبئ الموارد وتشغّل لمواجهته ماكينتها العسكرية لإنتاج المزيد من الأسلحة المتطورة.



وكما قال كولن باول الذي عينه الرئيس الأميركي جورج هـربرت بوش (الأب) عام 1989 رئيسا للأركان "فجأة وجدنا أنفسنا في حالة انعدام وزن" بعد غياب الخصم السوفيتي. لذلك كانت تبحث عن عدو خارجي للولايات المتحدة تعبىء لواجهته الموارد وتواصل من أجل مواجهته والتفوق عليه صب المليارات في ماكينة الصناعة العسكرية.



أما الانعكاس الثاني فيكمن في الحرص الشديد للادارة وعموم الأوساط المتنفذة في الولايات المتحدة على استثمار الفرصة التاريخية لانتهاء نظام القطبية الثنائية بانتهاء الحرب الباردة، من أجل فرض نظام أحادي القطبية بزعامة الولايات المتحدة وحرمان القوى الكبرى الأخرى مثل القوى الأوروبية الغربية الكبرى والصين من التفكير بنظام متعدد الأقطاب.



فوجدت الولايات المتحدة في أزمة العراق والكويت ضالتها وفرصتها الذهبية لتحقيق حلمها بخلق عدو خارجي تعبىء له الموارد والجهود وتحشد البلاد لمواجهته من جهة، ولتزعم النظام الدولي الجديد بقوة السلاح من جهة أخرى. في عام 1989 لاحت بوادر أزمة بين البلدين الشقيقين الجارين العراق والكويت وتطورت في النصف الأول من عام 1990 حيث اشتكى العراق في أثناء مؤتمر القمة العربي الذي انعقد في بغداد في شهر آيار / مايو عام 1990 من إجراءات اتخذتها حكومة الكويت الشقيقة وأضرت بمصالحه الوطنية. وجرت محاولات عربية صادقة لتسوية الأزمة قامت بها المملكة العربية السعودية استمرت حتى نهاية شهر يوليو/ تموز.



وليس ثمة مجال هنا للخوض في تفاصيل المواقف التي أصبحت من الماضي. ثم تصرف العراق في رد فعل خاطىء بقرار الغزو أو التدخل العسكري يوم 2 آب /أغسطس 1990. فاستثمرت الولايات المتحدة هذه الفرصة لتحقيق حلمها في جانبيه أو هدفيه: العثور على الخصم المنشود، وفرض زعامتها على النظام العالمي بقوة السلاح الذي ستستخدمه ضده في حرب أقرب للحروب العالمية. وثمة هدف ثالث، لاستثمار هذه الفرصة، لا يقل أهمية وخطورة، أتاحته هوية هذا الخصم العربية الاسلامية ومواقفه القومية المعروفة وغير المهادنة في التعامل مع اسرائيل ..



هذه المواقف التي كانت موضع استياء شديد من كثير من الأوساط المتنفذة في الولايات المتحدة، رغم العلاقات الطبيعية أو الاعتيادية على المستوى السياسي بين البلدين، والطيبة والمتينة على المستوى التجاري في عقد الثمانينيات الذي سبق الأزمة. وفي مقدمة هذه الأوساط تلك المتصلة اتصالا وثيقا باسرائيل التي كانت تحلم بتدمير العراق أو انهاكه وانهاء دوره ومكانته المؤثرة في المنطقة مدفوعة بخصومة تاريخية تعود لآلاف السنين.



وهذا الخطأ الذي وقعت فيه القيادة العراقية كان خطأ استراتيجيا جسيما تلقفته الادارة الامريكية في هذا المفصل التاريخي المهم وللأسباب التي أوضحناها. ففي خلال بضع ساعات فجر الثاني من اغسطس / آب عام 1990 اجتمع مجلس الأمن وأصدر القرار 660 الذي الذي أدان الاجراء العراقي في فقرته الأولى وطلب منه الانسحاب غير المشروط في الفقرة الثانية.



وبهذا القرار قفز مجلس الأمن مباشرة الى الفصل السابع، خلافا لما ينص عليه الميثاق من ضرورة التدرج بالاجراءات عند وقوع أي نزاع يقرر المجلس أنه مما يهدد الأمن والسلم الدولي ومن حرص على اتباع كل السبل المتاحة لحل الخلاف بالطرق السلمية.



* لماذا لم ينسحب الرئيس صدام في اليوم التالي ويفوت الفرصة وينهي الغزو؟



- العراق أعلن يوم 3 / 8 امتثاله للقرار وحدد يوم 5/ 8 موعدا لسحب قواته من الكويت، وبالفعل بدأ في اليوم الخامس بسحب قواته من أراضي دولة الكويت، بشهادة السفير الامريكي جوزيف ويلسون. لكن الولايات المتحدة وزعت في اليوم التالي للغزو مباشرة أي يوم 3/ 8 مشروع قرار لفرض العقوبات والحصار على العراق.



ونتيجة لذلك تصرف مجلس الأمن خلافا لما ينص عليه الميثاق في فصله الأول من حرص على حل الخلاف بالطرق السلمية. فلم ينتظر المجلس رد العراق ولم يشجعه بعد إعلانه اعتزامه الانسحاب من الكويت على تنفيذ قراره هذا.



بل اتجه في اليوم الرابع لاندلاع الأزمة أي يوم 6 آب/اغسطس لإصدار القرار 661 الذي اعتبرته امريكا نفسها (على لسان المتحدث باسم وزارة خارجيتها جيمي روبن) أشمل وأقسى قرار عقوبات في التاريخ، والذي منع العراق من تصدير أي سلعة أو استيراد توريد أي سلعة ومنع دول العالم من أي تعامل مالي أو تجاري مع العراق. وكان بحق حصار شامل لا سابق له في التاريخ على الدولة العراقية.

حملة كونية

** لكن الغزو العراقي للكويت تبعه تدمير القوى العراقية خلال انسحابها من الكويت وفرض الحصار وبداية انهيار الدولة والجيش.. ألم يكن له من الأفضل الانسحاب مبكرا؟



- لا يمكن أن تعيد عقارب الساعة للوراء أو تغير مسار الأحداث الآن. هذا ما جرى. قد كان الغزو خطأ استراتيجيا كما ذكرت، والولايات المتحدة استثمرته الى أقصى الحدود لشن حملة حربية كونية على العراق استمرت من ذلك الشهر حتى نهاية عام 2011 وقامت على عدة مسارات: مسار سياسي — دبلوماسي بدأت بقرار مجلس الأمن 660 يوم 2/8 وتضمن تسخير مجلس الأمن مطية لسياستها وحملتها الحربية ضد العراق، وعزل العراق عن محيطه العربي والاسلامي، ومنع أي حل اقليمي أو دولي للأزمة.



والمسار الثاني مسار اقتصادي بدأ بقرار 661 أي قرار الحصار وتضمن الكثير والاجراءات التي فرضتها على العراق بموجب القرار 687 في 3/ نيسان/ابريل 1991 وتداعياته الخطيرة المتمثلة بالتعويضات وأعمال التفتيش وغيرها.



والمسار الثالث مسار عسكري بدأ بالاجراءات العسكرية التي بدأتها الولايات المتحدة وحليفتها بريطانيا يوم 7 / 8/ 1990 باستخدام البحرية الامريكية والبريطانية والاسرائيلية للاعتداء على السفن العراقية ومضايقتها في الخليج العربي، ومن ثم بفرض الحصار الجوي بقرار مجلس الأمن 665 في 25 اغسطس / آب وبعده بشهر بقرار 670 لفرض الحصار البحري وصولا الى قرار شن الحرب على العراق رقم 678 في 29/ 11/ 1990.



وكانت حربا تدميرية شاملة لكل جوانب الحياة والتقدم في العراق، حيث بلغ عدد المنشآت الحكومية التي دمرت تدميرا كاملا 8230 منشأة مثل المدارس والمعاهد والكليات والمصانع ومراكز توليد الطاقة الكهربائية وتصفية وإسالة الماء ومراكز تصفية النفط والاتصالات والبث الاذاعي والتلفزيوني في كل أنحاء العراق. كما بلغ عدد المنشآت التي تضررت ضررا جزئيا، أكثر من 2000، اضافة الى ما يزيد على 20 ألف وحدة سكنية وتجارية أهلية.



وبعد توقف هذه الحرب في نهاية شهر شباط/فبراير 1991، اطلقت الولايات المتحدة وحليفاتاها بريطانيا وفرنسا منذ اليوم الأول من آذار/ مارس حرب استنزاف دامت حتى يوم الغزو عام 2003. وقد انسحبت فرنسا منها عام 1996.



فكانت الطائرات الحربية الأميركية والبريطانية تنتهك حرمة الأجواء العراقية يوميا فتنتقي ما تشتهي من الأهداف العسكرية لتدميرها وفي كثير من الأحيان كان طيارو هذه الطائرات يتسلون باسقاط مشاعل نارية من محارق طائراتهم على مزارع العراقيين وخصوصا أيام الحصاد حيث تكون مئات الهكتارات من مزارع القمح والحبوب الأخرى سهلة الحرق بعود ثقاب.



واستمرت هذه الحالة حتى الغزو عام 2003 وتخللتها ستة اعتداءات كبرى بالقذائف الجوية والصواريخ بعيد المدى بدأت في آذار/ مارس 1990 وكان آخرها على بغداد بداية عام 2000. وكانت الحلقة الأخيرة في المسار العسكري حرب الغزو والاحتلال في 19 / 3/ 2003 وما تلاها من اعمال عسكرية في العراق حتى الانسحاب المذل الذي نفذته القوات الغازية يوم 31/ 12/ 2011 تحت جنح الظلام هربا من المقاومة الوطنية العراقية الباسلة.



د. ناجي صبري، وزير الخارجية العراقي الأسبق

** إذن كانت مرحلة جديدة في تاريخ العراق بعد هذا التدمير؟
- الأمم المتحدة أرسلت بعثة في 10 آذار/ مارس 1991 برئاسة الدبلوماسي الفنلندي مارت أهتساري (الحائز على جائزة نوبل والذي تولى رئاسة فنلندا عام 1994) وصفت الحالة في العراق بعد جولة وتقص لمدة 7 أيام بأنها أشبه بأحداث يوم القيامة وأن المجتمع العراقي الذي كان يعتمد على المكننة بشكل كبير أعيد بعد هذه الحرب الى ما قبل الثورة الصناعية. وكان حجم التدمير ونوعية المؤسسات التي دمرت تدللان على قصد ورغبة مسبقة في تدمير دولة العراق.
** ما حقيقة ما قيل ان السفيرة الامريكية أبرل غلاسبي التقت الرئيس العراقي قبل الغزو وأبلغته أن أمريكا لن تتدخل في حال وقوع أي اشكال بين العراق والكويت؟ هل ورطت أمريكا العراق؟
- محضر اللقاء نشر، وقالت فيه السفيرة إن أمريكا لا شأن لها في التدخل في الخلافات العربية — العربية. وقيل إن القيادة العراقية فسرت ذلك بأن الولايات المتحدة لن تتدخل إذا تحرك العراق باتجاه الكويت.
لم أكن في موقع قرار في ذلك الوقت يمكنني من معرفة ما جرى، كنت مديرا عاما في وزارة الثقافة والاعلام ورئيس تحرير للصحيفة الرسمية الناطقة باللغة الانجليزية آنذاك. لكن السيد طارق عزيز نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية آنذاك الذي حضر اللقاء، نفى فيما بعد أن تكون القيادة قد فهمت كلام السفيرة على أنه ضوء أخضر للتدخل.
تدخلات إيرانية
** بعد مارس 1991 وقعت احتجاجات سميت (الثورة الشعبانية) فما حقيقة هذا المشهد؟
- ماحدث أن الآلاف من حرس الثورة الايرانية تسللوا عبر الحدود الى داخل المحافظات العراقية في جنوب العراق، في وقت لم تكن للعراق أي قوات على الحدود، وكان متعذرا على وحدات الجيش العراقي والقوات الأمنية القليلة التي نجت من الضربات الشديدية للقوات الأميركية والحليفة التحرك لتأمين المدن والحدود حيث دمرت كل طرق المواصلات والجسور في جنوب العراق.
فكان من السهل على إيران أن تدفع بالآلاف من قواتها الى داخل العراق. وبدأ هؤلاء يضربون وحدات الجيش العراقي المنسحبة من الكويت ويضرمون النار في المنشآت العراقية خصوصا التي تعنى بالأحوال الشخصية والهويات الثبوتية للمواطنين من دوائر الجنسية أو الأحوال الشخصية أو حتى دوائر المرور وبدأوا بحرق المستشفيات والمدارس وصوامع الغلال ومراكز الشرطة والمقرات الادارية وغيرها.
كانوا يزعمون انه "تحرك داخلي وانتفاضة" وغير ذلك من التوصيفات المسيسة المضللة المقصودة. وبعد أن توليت وزارة الخارجية في 2001 علمت ان لدينا في السجون العراقية 186 ضابطا من حرس الثورة الايرانية ممن قادوا الارهابيين الايرانيين الذين تسللوا الى داخل العراق مباشرة بعد وقف إطلاق النارفي أول آذار/ مارس عام 1991، وقاموا بأعمال التخريب والارهاب في مدن جنوب العراق وجنوب العاصمة.
وقد استطاعت القوات العراقية القبض عليهم، بعد أن تمكن الآخرون من الفرار قبل وصول القوات العراقية. طبعا لم يكن لدى العراق أي أسرى حرب ايرانيين من حرب الثماني سنين في الثمانينيات، باستثناء أسير واحد هو النقيب الطيار اليشكري الذي أسقطت طائرته داخل الاراضي العراقية قبل عشرة أيام من يوم 22 أيلول/ سبتمبر عام 1980 وهو اليوم الذي رد فيه العراق ردا حاسما على سلسلة متصلة من الأعمال الحربية والاعتداءات الجوية والبحرية والبرية الايرانية بدأت يوم 4 أيلول / سبتمبر 1990.
وكانت ايران تعتبر يوم 22 /9/ 1990 في دعايتها تاريخ بدء الحرب بين البلدين وتحمل العراق مسؤولية بدئها. فالعراق أسقط هذه الطائرة الحربية الايرانية لدى قيامها بقصف أهداف عراقية داخل الأراضي العراقية أبقاه في الأسر دليلا حيا على من بدأ الحرب والعدوان. وقد أطلق العراق هذا الطيار الأسير عام 1997 في صفقة تبادل مع أسرى عراقيين لدى إيران.
خطأ استراتيجي آخر
** في المشهد الإقليمي لايمكن تجاوز سنوات الحرب العراقية — الإيرانية وتوابعها، صحيح أن امريكا كانت تبحث عن عدو، فكيف تناغمت رغبات طهران في تصفية الحسابات مع العراق مع رغبة الولايات المتحدة في القضاء على قدرات العراق؟
- القيادة العراقية تصرفت بـ "حُسن نية" مع القيادة الايرانية، وأطلقت يوم 12 /8 /1990 سراح كل الاسرى الايرانيين باستثناء الطيار اليشكري، وأودعت الطائرات الحربية العراقية 144طائرة أمانة لدى ايران. وكانت ايران في المباحثات مع العراق في تلك الفترة التي سبقت حرب 1991 تشجعه على عدم التشدد وعدم الانسحاب من الكويت.
** لكن ألا يعد ذلك خطأ استراتيجيا آخر بعد غزو الكويت؟
- نعم، تستطيع أن تقول هذا خطأ، فما أعقب حرب 1991 مباشرة من غزو هذه القطعان من حرس الثورة الايرانية لأراضي العراق في الجنوب وقيامهم بأعمال الارهاب والتخريب والقتل، يكشف ان الموقف الايراني كان مخادعا. وزادت ايران على ذلك حينما سطت على الطائرات العراقية المودعة لديها على سبيل الأمانة.
** موقف غريب ان يتم وضع اهم قطاع من السلاح في دولة كانت تحاربكم 8 سنوات؟
- نعم، سطت ايران على الطائرات العراقية وهي مودعة لديها وفق اتفاق مع الجهات الايرانية وكانت هناك زيارة لنائب رئيس الدولة الى ايران وتم الاتفاق على ان تودع الطائرات الحربية العراقية في ايران، وبعد الحرب ارسلت آلافا من الحرس الثوري لاجتياح الاراضي العراقية وسطت على الطائرات ونقضت الاتفاق.
وقد كشف احد اقطاب المعارضة للحكم الوطني (السيد جواد الخالصي) في برنامج تلفزيوني بثته قناة الرافدين بعد الاحتلال بعنوان "في سبيل الشيطان"، أن السيد محمد باقر الحكيم الذي كان قائد مايسمى بالمجلس الاعلى للثورة الاسلامية اجتمع مع قيادات المجلس الاعلى في ايران في أواخر عام 1990 وأبلغهم بان "الولايات المتحدة ستقدم على عمل كبير وخطير في المنطقة ونحن يجب ألا نعارض او ننتقد هذا العمل، بل نؤيده..
وان هذا ليس رأيي فقط وانما رأي الجمهورية الاسلامية ورأي الشرع" وكان يشير الى الحرب التدميرية التي كانت الولايات المتحدة وحليفاتها تعد لشنها على العراق بداية عام 1991. والمجلس الأعلى هو المنظمة التي أسستها ايران عام 1981 لتكون اطارا لجمع العناصر المؤيدة لها وتدريبها على السلاح وتنظيم مساهمتها في حربها على العراق. وعينت قائدا لها بروجردي احد كبار مسؤولي النظام.
تنسيق إيراني - أمريكي
** اذن كان هناك تنسيق امريكي ايراني للإيقاع بالعراق؟
- نعم، وأصبح التنسيق بينها وبين الولايات المتحدة للهجوم على العراق مكشوفا.
** في هذه المرحلة كان أعلن جورج بوش عن سياسة الاحتواء المزدوج فهل أرادت ايران الدفع بالكرة في ملعب العراق؟
- كان هناك تنسيق ايراني امريكي سبق حرب 1991 على العراق، وتمثل ذلك في التسليح الأمريكي لايران الذي انكشف في فضيحة ايران غيت، وكذلك في صفقات التسليح الاسرائيلي لايران بالتنسيق مع الادارة الامريكية. واتضح ذلك على نحو جلي بعد الحرب، بتجميع المعارضين للعراق ودعمهم وتنظيمهم بالتنسيق مع الامريكان.
منع الحل العربي
** ما حقيقة الموقف العربي، ولماذا فشلت المساعي العربية في إقناع العراق بالانسحاب من الكويت وتجنيب المنطقة ويلات الحروب؟
- كان هناك جهد امريكي كبير لمنع العرب من حل الأزمة سلميا بين الشقيقين، وكان هناك إصرار على الحرب. ورغم ان السعودية قامت بجهود صادقة قبل الأزمة لتسوية الخلاف، والاردن قام بجهود صادقة لتسوية الأزمة بعد اندلاعها، الا ان وزير الدفاع الأمريكي دِيك تشيني زار مصر وبصحبته الجنرال نورمان شوارزكوف قائد القيادة المركزية الأمريكية المسؤولة عن المنطقة الممتدة من باكستان الى المغرب.
وقيل آنذاك ان تشيني دفع الرئيس حسني مبارك للتخلي عن مبدأ الحل السلمي والتسوية الأخوية للأزمة بين العراق والكويت، في مؤتمر القمة الطارئ الذي عقد في القاهرة بعد أيام من اندلاع الأزمة. وبذلك نفذ رغبة الولايات المتحدة بألا يكون هناك حل اقليمي للأزمة.. وأفشلت مبادرتين من الرئيس الفرنسي ميتران ومن الرئيس السوفييتي جورباتشوف، بمعنى أنه لا دخل لأحد في التعامل مع هذه الأزمة وانها هي وحدها المسؤولة عن ادارتها.
** ما الذي قلب المعادلة بين العراق والولايات المتحدة وهي كانت اقوى مما بين واشنطن وطهران؟
- هذه فرضية غير صحيحة. كانت العلاقات بين العراق والولايات المتحدة في الثمانينيات اعتيادية في الجانب السياسي رغم وجود اختلافات واسعة في الموقف من القضايا العربية وكثير من القضايا الدولية وهو أمر طبيعي. وكانت العلاقات طيبة ومتينة في الجانب التجاري وكان هناك ألوف المبتعثين من الحكومة للدراسة في الجامعات الأمريكية.
كان العراق يستورد الأرز والسيارات وغيرها من أمريكا بكميات كبيرة، وكانت الأخيرة تستورد كميات ضخمة من النفط العراقي. ولكن لم تكن هناك علاقات تحالف سياسي أو تعاون عسكري. فالعراق كان تسليحه روسي. وحاول العراق تنويع مصادر سلاحه من بعض الدول المصنعة من غير الولايات المتحدة أو حليفتها بريطانيا.
بينما كشفت المصادر الأمريكية نفسها عن عمق صلات التعاون العسكري بين ايران والولايات المتحدة في أثناء الحرب العراقية الايرانية في الثمانينيات. فكانت فضيحة ايران غيت التي كشفت عن قيام الولايات المتحدة بتصدير اسلحة الى ايران بصورة مباشرة. كما انكشفت فضيحة تزويد اسرائيل النظام الايراني بالاسلحة.
وتحدث عن ذلك تفصيليا السيد ابو الحسن بني صدر اول رئيس للجمهورية الايرانية في احدى مقابلاته. ولم تعد هذه الفضائح خافية على أحد. وهناك تشويه متعمد فالذين خدموا مخطط الولايات المتحدة لاحتلال العراق وجاؤوا يهرولون خلف الدبابة الامريكية هم من يروجون دعايات كاذبة عن علاقة العراق بالولايات المتحدة أيام الثمانينيات والتي لا تتعدى في حقيقة الأمر ما أوضحته.
جانب من الحلقة الأولي لوزير الخارجية العراقي الأسبق في الشرق


حلبجة


** سنوات الحصار شهدت قرارات دولية وبداية عمل لجان التفتيش وغارات جوية زادت مأساة العراق سوءا فكيف كانت تلك الفترة؟ وما اثير من استخدام القيادة العراقية للسلاح الكيماوي ضد الاكراد؟

- ايران هي التي اثارت موضوع مدينة حلبجة، وهي التي ضربت المدينة بالاسلحة الكيماوية. والعراق لا يمتلك غاز السيانيد القاتل الذي ضربت به المدينة. وقد اثبت هذه الحقيقة وفد كيماوي زار العراق وايران عام 1988 واجرى فحوصات مخبرية لعينات من التربة والأشجار والأعشاب والجثث واجرى مقابلات مع الجرحى في الجانبين.



وخلص الى أن ايران هي التي ضربت المدينة بالغازات الكيماوية المهلكة وثبت ذلك بتقرير رفع الى الأمم المتحدة وكان الفريق برئاسة الخبير الكيماوي الاسترالي دان، الذي عاد الى العراق رئيسا لفريق مفتشين كيماوي عام 1991 وقد التقى به اللواء المهندس حسام محمد امين رئيس دائرة الرقابة الوطنية المشرفة على أعمال التفتيش عن برامج الأسلحة.



وروى له ثانية ما جرى وزوده بنسخة من التقرير الذي كان مودعا في وزارة الخارجية. وقد أعدت وزارة الدفاع الأمريكية تقريرا عن الحادثة تسربت منه فقرات الى صحيفتي واشنطن بوست وهيرالد تربيون في 4 /5/ 1990. وأكد هذا التقرير ان ايران هي التي ضربت حلبجة بغاز السيانيد المهلك. كما أكد هذه النتيجة المحلل المختص بشؤون العراق وايران في وكالة المخابرات المركزية الأمريكية والاستاذ المتقاعد في كلية الحرب الامريكية ستيفن بليتيير (CIA Analyst Stephen Pelletiere).



وقالت مصادر كردية ان الضربة تمت بالتنسيق مع جلال الطالباني بقصد الصاق التهمة بالحكم الوطني وتشويه سمعته. وقيل ان الطالباني كان يقول عندما ضربت حلبجة بالكيماوي (هذا اسعد يوم في حياتي).



سنعتذر لصدام يوما



** دور المرجعيات الشيعية في التعبئة هل هو رد فعل لاضطهاد مزعوم من صدام للشيعة؟



- حكاية الاضطهاد المزعومة خير من يرد عليها أبناء العراق خصوصا من المحافظات الوسطى والجنوبية من معتنقي المذهب الجعفري ومنهم شخصيات سياسية قريبة من الأحزاب الحاكمة وشيوخ معممون.



فلا يمر اسبوع دون أن ينتشر في وسائل التواصل الاجتماعي مقالات وأشرطة مصورة لمن ذكرتُ تترحم على العهد الوطني وما كان العراقيون كلهم بدون استثناء ينعمون به من خير وأمن وأمان وعدالة وحزم وصرامة في التعامل مع الفساد والمفسدين.



بعضهم يخاطب السياسيين الحاكمين من الأحزاب المؤيدة لايران علنا وبأشرطة مسجلة ان "كذا الذي كان يلبسه صدام يشرفكم". بل ان تظاهرة انطلقت في مركز محافظة كربلاء قبل بضع سنوات هتف فيها عشرات من الشباب العراقي " بالروح بالدم نفديك يا صدام".



وتتكرر في وسائل التواصل الاجتماعي تسجيلات للشيخ أياد جمال الدين يعبر فيها عن أفكار مماثلة ومنها مقابلة تلفزيونية خاطب فيها المسؤولين السياسيين قائلا "اعطني شيئا عملتموه.. كسرة وجه، عيب، عيب وخزي، انا أستحي ان أقول هذا الشارع عمله صدام وهذه المدرسة بناها صدام وهذه البناية بناها صدام، وانتم لا شيء".



دعني هنا اقتبس لك من مادة بقلم رجل دين وإمام جمعة في أحد مساجد محافظة النجف بعنوان "هل سنعتذر لصدام يوما؟" وانتشرت كثيرا في الأسابيع القليلة الماضية في وسائل التواصل الاجتماعي، ويستهلها بالتأكيد على كرهه الشديد للرئيس صدام حسين ويكرر التهم الدعائية المعروفة، ثم يقول مخاطبا الأحزاب السياسية (الشيعية) الحاكمة "منعتنا الصورة الذهنية عن (انبياء كاذبين ووهميين) ان ننظر لصدام بموضوعية.



منعنا (العمى الارادي) ان ندرك أن بغداد في عهده واحدة من أجمل مدن العالم، وأن العراق دولة اقليمية مؤثرة، وأن الاقتصاد العراقي مستقر، واللص والسارق يُعلـَّق على أعواد المشانق، وأن الزراعة في العراق تدعمها الدولة، وأننا انتقلنا من الوقوف صفوفا طويلا لأجل الحصول على (طبق بيض) الى تصدير البيض والطماطة والفواكه والاسمنت..



وكان في العراق شركة للصناعات الالكترونية وأخرى للأجهزة الدقيقة، وكان العراقي ليس مهددا بالانقراض فالدولة تمنح الشاب سلفة زواج تعفيه منها تدريجيا عند تسجيل أول ولادة جديدة لتصل الى 5 آلاف دينار اذا كان عمر الشاب الذي يروم الزواج أقل من 22 سنة، وأن التعليم مجاني والعلاج مجاني، والشوارع غير منقسمة الى نصفين نصف للسلطة ونصف للشعب وإنها متاحة للجميع..



ولم نكن نرى ان الوزير أو المحافظ لا يتبعه العسكر أو أساطيل السيارات المصفحة، وإن أكثر من نصف قادة البعث وقادة الحكومة كانوا شيعة!!



لم نكن نرى ذلك. كنا نرى وجه الطاغية فجا ويحيط به من كل مكان ألغازٌ ومخابئ سرية ويعمل على تسميم الغذاء والدواء، رغم أننا نرى كبار السن من المصابين بالامراض المزمنة يستلمون شهريا علاجهم من العيادات الشعبية بثمن بخس قدره خمسمائة دينار فقط!! وهو علاج يكفي لشهر بل أزيد من شهر.! لم نكن نريد أن نفهم ان محمد مهدي صالح وزير تجارة صدام قد نظم البطاقة التموينية للعائلة العراقي وأصبح كل فرد يستلم حصته الشهرية بانتظام والويل كل الويل لمن يتلاعب بقوت الشعب فيما استورد وزير تجارتكم (الداعية المؤمن) عبد الفلاح السوداني كل فاسد من الغذاء ومسرطن، وفرّ بما سرقه من قوت الشعب بعد أن كفله رئيس الحكومة.



وزير خارجية صدام كان (الكربلائي سعدون حمادي) ووزير خارجيتكم (الكربلائي ابراهيم الجعفري) وشتــّان بين الكربلائيـَين، فذاك يتكلم بلغة دبلوماسية وبلباقة ولياقة، وهذا يتكلم بلغة المجانين وبثرثرة لا هوادة فيها.. لم نكن نريد أن نفهم أن سعدون حمادي شخصية سياسية بامتياز وعقل سياسي، ومن الدواهي أن يُـقارن بالجعفري الأشمط المعتوه!.



وكان وزير نفط صدام (الشيعي عصام عبد الرحيم الجلبي) ووزيركم الشهرستاني أو عادل عبد المهدي المنتفجي أو غيره وشتـّان ما بين مفاوضات الجلبي النفطية ومفاوضات (الشمر الثاني) التي أضاعت الثمن والمثمن، ولأول مرة في التاريخ نسمع أن بلدا نفطيا لا يسد ثمن نفطه ثمن استخراجه، والفضل في ذلك يعود للعبقري الشهرستاني!!...



هتفت امرأة عراقية رافعة العملة النقدية التي تحمل صورة صدام قائلة "صدام خلافك ذلينا"، بعد أن رأت دولة اللجوء تسقيهم الماء من مياه الآبار فعفا صدام عمن يعود الى العراق بعد هذه الأهزوجة. ولم تهتز ضمائركم وأنتم تجلبون الموت للعراقيين من البر والبحر والجو.. ولم يخالجكم الخجل وأنتم ترونهم غرقى في بحر إيجة أو ضالين ضائعين في عواصم الدنيا ومطاراتها.



أي بتنا نعيش حياة الذل حينما ابتعدنا عن العراق الذي تتزعمه. ماذا قدمتم للاسلام؟ للتشيع؟ للوطن؟.... وانتم بهذا تمهدون لعودة صدام رمزا وطنيا... أنتم أيها الحمقى لا تمهدون للمهدي ولا لدولته... انكم تمهدون لعودة البعث وليس هذا ببعيد في وطن يقوده الأغبياء والمجانين ومن لصق بهم عار التأريخ".



أما بشأن المراجع فعدد كبير منهم يناهض الهيمنة الايرانية ويرفض منطق الفتنة ويقف ضد الأحزاب السياسية (الشيعية) ومن أبرزهم الشيخ محمود الحسني الصرخي والبغدادي وغيرهما. وأفضل ان يجيب على هذا السؤال الاوساط في جنوب العراق، افتح وسائل التواصل الاجتماعي ستجد عشرات المقالات والاخبار والتقارير كلها تترحم على الرئيس صدام حسين وعلى الحكم الوطني وتقول اننا لم نظلم في عهد الرئيس صدام حسين وتكيل باللائمة على ايران وأحزاب ايران ولا افضل الدخول في هذه المسألة كثيرا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق