للثوار: سنعود وبشروطنا..قصة انقضاض السيسي على الحكم
بقلم: أنس حسن / مؤسس شبكة "رصد" الإخبارية
إلصاق صفة "الإرهاب" بفئة بعينها وترسيخ ذلك المفهوم هو مقدمة لممارسة الإرهاب ضدها دون خشية من "الاتهام" ورفع الصفة عن ما دونهم.
إذا أردت سحق خصمك السياسي داخليا وضمان تأييد عالمي، فقط ألبسه ثوب "الإرهاب" ثم مارس كل أدوات "الإرهاب" ضده، لن تجد إلا كل العون.
استخدمت "واشنطن" مصطلح الإرهاب حينما أرادت التوسع "عالميا" بجيوشها دون معارضة من أحد، باختصار خلق الشيطان ثم الفرز على أساسه.
استخدم جنرالات الجزائر مصطلح "الإرهاب" وخلقوه فعليا وواقعيا على الأرض ثم كسبوا معركتهم السياسية 10 سنوات ولكن رجعت بلادهم مثلها للوراء.
في الدول الديمقراطية لا يوجد مبايعة للحاكم "بالحشود"، فهذا منطق مأخوذ عن "الفاشية - النازية" ومنظومات الاستبداد في النصف الأول من القرن العشرين.
القضية لم تعد عودة مرسي من عدمها، القضية أننا أمام حكم "عسكري - بوليسي" متكامل الأركان وسيتم استخدام "الإرهاب" كفزاعة تحافظ على ثنائية المشهد.
ثنائية المشهد هي تلك التي يفضل العسكر التعامل معها، حيث يتم تصنيف الناس على أساس "حليف - عدو"، وبهذا يمكن الفرز ويمكن توجيه السلاح دون خوف.
المعارك المفصلية مرسي حسمها بالصندوق مش بالحشود العسكر كانوا يريدون التأكيد منذ نقطة محددة الإبقاء على شرعية الحشود وفهمت ذلك لاحقا
والأحداث توضح يوما بعد يوم أن الجيش ما عاد للمشهد إلا ليبقى وقد قالها السيسي قديما لبعض شباب الثورة: سنعود وبشروطنا، عندما كان بالمخابرات.
ومنذ البداية كنت أتحدث عن منظومات الإعلام و "التوجيه" الخاضعة من قريب أو بعيد للمال "العسكري-المخابراتي" وقدرتها على قلب دفة الأمور سريعا.
اضطر العسكر إلجاء الإخوان للشارع لضمان نجاح المواجهة ضدهم بامتلاك الإعلام، وأساء الإخوان تقدير الموقف في كل مرة وانجرفوا للعبة الحشود.
أما بالنسبة للتيار "الإسلامي" كحالة فكرية ومجتمعية فلن يشكل ما يحدث "تراجعا" له بل باعث قوي على التجديد الشامل والتخلص من الثوابت التنظيمية.
والاتجاه نحو "التأصيل" بمعنى إيجاد المشروع المتمايز لا المتماهي مع المنتج الغربي السياسي مسألة حتمية في خطاب الفكر الإسلامي المستقبلي.
الخطر فعليا في دولة يمتلك منصات التوجيه الخاص والعام فيها "عسكريين أو إكس عسكريين" وهذا يمكنهم من اقامة "صندوق موجه" وديمقراطية عسكرية.
الخليج حرص من البداية على الحفاظ على نظام "عسكري - فردي" يمكن مساومته ومفاوضته و أحيانا "شراؤه" ووجود نظام على أساس انتخابي يمثل كابوس كبير.
الإمارات والسعودية طلبوا من طنطاوي بعد الثورة البقاء في السلطة مقابل دعم لا محدود واطالة الفترة الانتقالية ولكن الحراك الشعبي كان أكبر بكثير.
هناك حلقة تكشفت في قضية اقالة طنطاوي وعنان وهي عبقرية جدا!، مرسي وثق في السيسي ثقة عمياء كما ذكرت النيويورك تايمز، لكن لماذا؟
لقد تأكد السيسي من ضعف طنطاوي وبقية المجلس العسكري السابق،أنهم مجرد جنرالات عجوزة متصارعة على المال والنفوذ ولن يكونوا أداة قوية في وجه التحول.
لقد كان للسيسي دور فاعل في إقالة طنطاوي وعنان عبر المعلومات التي أتاحها لمرسي عن اتصالاتهما الإقليمية وتوجهاتهم السياسية مما مكن مرسي منهم.
بعدها أعطى مرسي للسيسي مهمة إعادة هيكلة القيادات العسكرية وفق ما يراه السيسي مما مكنه من المؤسسة العسكرية كاملة وانهاء الأقطاب بداخلها.
ومن تلك اللحظة ظن مرسي أنه ترك رجله في الجيش ، بينما كان السيسي يعمل بدأب مع مخابراته الحربية والعامة ودوائر أخرى للإعداد لمرحلة مابعد مرسي.
ووفق تسريبات النيويورك تايمز عن ثقة مرسي العمياء ، والتسريبات عن علاقة تمرد والجيش منذ شهور وسرعة تفاعل الجيش مع الحراك تشرح الكثير جدا.
السيسي لم يعد بحاجة لأن يكون رئيسا فهو من الآن يتصرف كرجل فوق كل المؤسسات، فأصبح لدينا "السيسي زعيما" وعدلي "رئيسا"، الزعامة أقوى.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق