رؤى غربية حول تحولات الأوضاع المصرية – 4
ترجمة / د. خالد صقر
- تنويه: هذا المقال نموذج من الرؤية البحثية الغربية للواقع المصري
المستقبل الدامي لمصر 1
- كما تجمع الفقراء في مسيرات لمساندة محمد مرسي ، سار الأثرياء خلف صور الجنرال.
- إن مئات الآلاف يساندون الانقلاب ، و مئات الآلاف يعارضونه.
- مصر تبدو أكثر دموية يوماً بعد يوم !
لقد تجمع مئات الآلاف من البشر خارج مسجد رابعة بالقاهرة أمس ليتظاهروا احتجاجاً على الانقلاب العسكري في مصر ، بينما تدفق مئات الآلاف أيضاً على ميدان التحرير ليدعموا الجنرال المحبوب لديهم ، عبد الفتاح السيسي ، الذي صنع الانقلاب العسكري ، الذي لا يجب أن نسميه انقلاباً عسكرياً !
يمكنك أن تُسمّ ما حدث بشعاً ، لم يسبق له مثيل ، أو غريب ! إن الطائرات التي حلقت في سماء ميدان التحرير ، و صفوف قوات مكافحة الشغب المميزة بخوذاتها الواقية ، والتي وقفت أمام الحواجز التي وقف خلفها الإخوان المسلمون ، قد روت قصتها الخاصة ! بالرغم أن الصحفيين لا ينبغي أن يكونوا تجاراً للكآبة ، لكن ما حدث بالأمس لم يكن جيداً على الإطلاق.
إن أكثر شئ مثير للحزن و الفجيعة هو أن الحشود التي تجمعت في مدينة نصر بالقرب من طريق المطار و مسجد رابعة كانت مبتهجة و محتفية بنفس قدر الحشود التي تجمعت في ميدان التحرير ، والتي اعتبرت أن المتظاهرين المعارضين "إرهابيون" و ليسوا مجرد مؤيدين للرئيس محمد مرسي ، الرئيس المنتخب و الشرعي الوحيد بمصر والذي أطاح به الجيش منذ ثلاثة أسابيع. إن عشرات الآلاف من المصرين التي كانت تعبر النيل متوجهة إلى التحرير ، أو تسير في طريق المطار متوجهة إلى ميدان رابعة كانوا جميعاً يشعرون بالبهجة و السعادة كما لو كانوا متوجهين إلى مباراة كرة قدم !
لكن هناك انتهت البهجة ! حمل الإخوان المسلمون – رجالاً و نساءاً- صوراً لمرسي ، ورسموا نجمة داود على الحواجز العسكرية التي أقامها الجيش حول اعتصامهم ، وقاموا بتجميع أكياس كبيرة من الرمال و صفوها خارج خيامهم ، بجوار أكوام من الحجارة جمعوها لكي ينهالوا بها على من يحاول فض اعتصامهم ، كما أن الجنود – الذين بدَوْا مبتهجين و ودودين كذلك – قد حملوا بنادق آلية وهم يقفون بجانب المركبات المصفحة الفرنسية والأمريكية الصنع ، كما أن بعضهم قد حمل عِصِيْ خشبية و أحاطت بهم فرق من قوات البوليس يرتدي أفرادها ثياباً سوداء رديئة الصنع. لقد بدا كل شئ كما لو كانت ساعات قليلة قد بقيت على الهجوم على الإخوان. لم يكن من المهم آنذاك كم من الرجال يقرؤون القرآن على جنبات الطريق – ولقد كان الكثيرون يفعلون ذلك بالفعل- فقد كان من المستحيل على المرء أن يتخيل أي شئ يمكن أن يحدث في الساعات القادمة سوى الموت !
نقطة واحدة كانت واضحة للعيان – وربما ليس من المهنية أن أذكرها- أن مؤيدي الإخوان كانوا يبدون من الفقراء بشكل عام ، بعباءاتهم المتواضعة و صنادلهم البلاستيكية ! إن بعض الذين خرجوا في مظاهرات التحرير ولوحوا بصور الجنرال كانوا من الذين خرجوا ضد مبارك في 25 يناير بالفعل ، و لكن من الضروري على المرء أن يعترف ، بكل ألم ، أن مشهد الأثرياء الذين حملوا صور الجنرال وهو يرتدي نظارته الشمسية – على الرغم من روعة وديمقراطية الجنرال- هو مشهد يبعث على الاكتئاب ! ما الذي حدث فعلاً لثورة 25 يناير ؟!
"نحن نحب الجنود ، لكننا لسنا في حاجة إلى الجنرال" صاحت امرأة محجبة بالقرب من مسجد رابعة ، لكن السيسي قد أصبح الآن وجهاً معروفاً ، الرجل الذي سيعيد مصر إلى المسار الحقيقي للثورة ، هذا بالطبع إذا كنت تستطيع أن تتناسى أن أول رئيس منتخب بشكل حقيقي في تاريخ مصر الحديث قد يكون مسجوناً في إحدى هذه المباني العسكرية التي نمر بطيب خاطر عليها في طريقنا إلى المطار.
لكن مصر لا تحتاج إلى حكومة ! في أثناء عودتي من مدينة مصر إلى وسط القاهرة ليلة أمس توقفت سيارتي في ازدحام مروري ناتج عن مواجهة بالأسلحة النارية ، عبر الطريق السريع ، بين عدد من الأسر التي ترتبط بثارات قبلية و قانون عرفي ، وانضم إلى هذه المعركة حوالي ألف قاهري بإلقاء الحجارة من فوق أحد الجسور القريبة. بعد ميلين من هذا التوقف ، استلقت امرأة في منتصف العمر على جانب الطريق حيث حملتها دراجة بخارية و تركتها هناك في ألم واضح. لقد واصل الكثيرون من سائقي السيارات المارة -ممن رأوها على هذه الحالة- طريقهم بينما ضغط أفراد أسرهم بأنوفهم على نوافذ السيارات محاولين أن يروا هذا المشهد بشكل أوضح. إن المستقبل القريب في مصر لا يبدو جيداً.
1 مقال بعنوان "As impoverished crowds gather in support of Mohamed Morsi, the well-heeled march behind their images of the General" نشر في صحيفة الجارديان البريطانية يوم السبت 27-7-2013. رابط المقال: اضغط هنا.
- روبرت فيسك Fisk: هو كاتب وصحفي بريطاني وحاليا هو المراسل الخاص لمنطقة الشرق الأوسط لصحيفة الأندبندنت البريطانية، وهو يعيش حاليا في بيروت، لبنان ويعتبر فيسك أشهر مراسل غربي خلال ثلاثين سنة من تغطيته لأبرز الأحداث منها الحرب الأهلية اللبنانية وكان شاهدا على مذبحة صبرا وشاتيلا والثورة الإيرانية والحرب العراقية الإيرانية ومجزرة حماة وحرب الخليج الأولى وغزو العراق 2003 ومذبحة قطاع غزة 2008/2009 ويعتبر من المراسلين الغربيين القلائل الذين أجرو مقابلة مع أسامة بن لادن ويعتبر فيسك من المعارضين لسياسة بريطانيا وأمريكا أو ما أسماها الأنغلو ساكسونيون وله كتاب بعنوان "الحرب من أجل الحضارة:السيطرة على الشرق الأوسط". (المصدر : موقع ويكيبيديا)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق