كيف يكون القيام إيمانا واحتسابا؟
د. راغب السرجاني
كيف يكون القيام إيمانا واحتسابا؟
لكي يكون القيام إيمانًا واحتسابًا فإن له آدابًا ومظاهر تظهر في سلوك المسلم؛ وله كذلك أنوار تتجلَّى على العبد؛ فالمسلم لا بُدَّ أن يُوقن أن قيام الليل هو العون الإلهي والمدد الرباني؛ الذي يُعينه الله به على الثبات على الإسلام، وعلى القيام بواجب الدعوة إلى الله تعالى، يقول تعالى: {قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا (2) نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا(3) أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا (4) إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا (5) إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا}[المزمل: 2 - 6].
وكذلك فإن المسلم يوقن بأن الله سبحانه وتعالى يصطفي من يقف بين يديه في تلك السويعات القلائل في جوف الليل؛ ومن ثَمَّ يُكافئهم بفيوضات العطاء؛ فعن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إِنَّ مِنَ اللَّيْلِ سَاعَةً لاَ يُوَافِقُهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ يَسْأَلُ اللهَ خَيْرًا إِلاَّ أَعْطَاهُ إِيَّاهُ" [1].
وأول أمر يجعل القيام إيمانًا واحتسابًا أن يكون طويلاً لا تشبع فيه من لذَّة القرآن والوقوف بين يدي الله تعالى؛ فعن الفضيل قال: إني لأستقبل الليل من أوله فيهولني طوله، فأفتتح القرآن فأُصْبِحُ وما قضيتُ نهمتي[2].
وتظل تُكابد نفسك في قيام الليل حتى يرضى الله عنك؛ فقد قال الحسن البصري: ما نعلم عملًا أشدَّ من مكابدة الليل ونفقة هذا المال[3].
أما ثاني أمر فأن تتدبَّر ما تقرأ من الآيات، سواء كانت كثيرة أم قليلة، وهذا لا يتعارض مع ما قلناه من طول قيام الليل؛ فيمكن للمسلم أن يقوم الليل كله بآية واحدة؛ فعن أبي ذر رضي الله عنه أنه قال: قام النبي صلى الله عليه وسلم بآية حتى أصبح يُرَدِّدها، والآية {إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الحَكِيمُ} [المائدة: 118] [4].
ويُقال: إن مالك بن دينار رضي الله عنه بات يُرَدِّد هذه الآية ليلة حتى أصبح: {أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ...} الآية [الجاثية: 21] [ 5].
المصدر: كتاب اجمل رمضان
[1] مسلم: كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب في الليل ساعة مستجاب فيها الدعاء، (757)، ومسند أحمد (14788).
[2] أبو حامد الغزالي: إحياء علوم الدين 1/355.
[3] مختصر قيام الليل للمروزي ص58، وأبو حامد الغزالي: إحياء علوم الدين، 1/355، وابن الجوزي: آداب الحسن البصري، تحقيق: سليمان الحرش، دار النوادر، ط3: 1428هـ= 2007م، ص34.
[4] النسائي: كتاب صفة الصلاة، ترديد الآية (1083)، وابن ماجه (1350)، وأحمد (21366)، وقال شعيب الأرناءوط: إسناده حسن. والحاكم (879)، وقال: هذا حديث صحيح ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي، وحسنه الألباني في التعليق على ابن ماجه.
[5] أبو حامد الغزالي: إحياء علوم الدين، 1/355.
[2] أبو حامد الغزالي: إحياء علوم الدين 1/355.
[3] مختصر قيام الليل للمروزي ص58، وأبو حامد الغزالي: إحياء علوم الدين، 1/355، وابن الجوزي: آداب الحسن البصري، تحقيق: سليمان الحرش، دار النوادر، ط3: 1428هـ= 2007م، ص34.
[4] النسائي: كتاب صفة الصلاة، ترديد الآية (1083)، وابن ماجه (1350)، وأحمد (21366)، وقال شعيب الأرناءوط: إسناده حسن. والحاكم (879)، وقال: هذا حديث صحيح ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي، وحسنه الألباني في التعليق على ابن ماجه.
[5] أبو حامد الغزالي: إحياء علوم الدين، 1/355.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق