الاثنين، 22 يوليو 2013

رؤى غربية حول تحولات الأوضاع المصرية - 2

رؤى غربية حول تحولات الأوضاع المصرية - 2

ترجمة/ د. خالد صقر
- تنويه: هذا المقال نموذج من الرؤية البحثية الغربية للواقع المصري
"لقد حاول هاجل و ديمبسي السير على خط رفيع بالتعبير عن قلقهما ، وذلك لتجنب أي انطباع بأن الولايات المتحدة كانت تتلاعب بالأحداث في الكواليس" – موقع Military.com بتاريخ 3 يوليو 2013.
إن حركة التظاهرات كانت موجهة ضد الولايات المتحدة و وكلائها في نظام الإخوان المسلمين ، فقد صعدت حركة الإخوان إلى سدة الحكم بمساندة واشنطن لتحل محل نظام مبارك الذي أطاع بإيمان كل أوامر واشنطن منذ بداية رئاسته في بداية الثمانينات.
بينما شنت القوات المسلحة حملة ضد الإخوان المسلمين ، فقد كان الانقلاب العسكري يهدف بالأساس إلى التحكم في حركة التظاهرات ومنع قيام حكومة شعبية حقيقية ، فلم يقم الانقلاب العسكري على محمد مرسي كتحرك ضد مصالح الولايات المتحدة ، بل قام الانقلاب لتأكيد "الاستمرارية" بالنيابة عن واشنطن. "لقد حمل المتظاهرون لافتات تنتقد أوباما وسفيرته في القاهرة آن باترسون"(1).
إن أجهزة الاستخبارات الغربية لديها تاريخ طويل و مستقر من التعاون مع جماعة الإخوان المسلمين ، إن الدعم الذي قدمته الاستخبارات البريطانية للإخوان المسلمين يعود تاريخه إلى بداية الأربعينيات من القرن العشرين ، ومع بداية الخمسينيات ، وبحسب معلومات روبرت بير أحد كبار موظفي الاستخبارات المركزية الأمريكيةCIA ، قدمت CIA دعماً استثنائياً للإخوان لاعتقادها أن لدى الإخوان القدرة على قلب نظام جمال عبد الناصر(2)، واستمرت هذه الروابط الخفية بين الإخوان وCIA طيلة حكم حسني مبارك ، ومع بداية "الربيع العربي" رغبت إدارة أوباما في إزالة الأنظمة الديكتاتورية العلمانية ، و تنصيب أنظمة إسلامية "نموذجية" تقوم بخدمة المصالح الجيوسياسية و الاقتصادية للولايات المتحدة وشركاتها الكبرى.
دواء اقتصادي سريع !
إن حركة الاحتجاجات الواسعة ضد نظام مبارك في 2011 كانت رد فعل للآثار المدمرة للإصلاحات الاقتصادية التي أوصى بها صندوق النقد الدولي والتي بدأت في 1991 في نفس الوقت الذي احتدمت فيه حرب الخليج الأولى. تسببت هذه الإصلاحات والتي استمرت طوال عشرين عاماً في إفقار الشعب المصري بينما فتحت أبواب البلاد الاقتصادية أمام تدفق "المستثمرين الأجانب" ، لقد تم تدمير وادي النيل الذي ظل لمدة ثلاثمائة عام "سلة غلال مصر" لصالح واردات الأعذية من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.
لقد تسبب ذلك في ارتفاع غير عادي في أسعار الأغذية ، و خصخصة كاسحة لشركات قطاع الأعمال العام ، وإرجاءات تقشف استثنائية ، وقد قاد كل ذلك إلى المزيد من الفقر و ارتفاع مطرد في معدلات البطالة. بالتالي انهارت كل البرامج الاجتماعية ، وحدثت حالة غير مسبوقة من عدم الاستقرار في النظام المالي والاقتصادي لمصر.
إن استمرار مصر في الالتزام بالسياسات النيوليبرالية كان محورياً بالنسبة لموقف الولايات المتحدة من أي تغيير في النظام السياسي. لقد كانت وصول مرسي للرئاسة متوقفاً على قبوله للدواء الاقتصادي السريع الذي يقدمه صندوق النقد الدولي. في أغسطس من عام 2012 صرحت كريستين لاجارد مديرة صندوق النقد الدولي قائلة : "إن صندوق النقد الدولي سيصاحب مصر في رحلتها المليئة بالتحديات ، إنها رحلة مصرية وصندوق النقد سوف يكون شريكاً في هذه الرحلة" و عندما جلست لاجارد على رأس وفد صندوق النقد لمناقشة القرض المصري ، صرحت قائلة : "إننا منبهرون باستراتيجية الرئيس مرسي و رئيس الوزراء قنديل والتي قُدمت في لقائنا اليوم"(3). إن الإصلاحات الاقتصادية (القاتلة) التي اقترحها صندوق النقد الدولي تمت صياغتها لكي "تتم إدارة التحول السياسي والاقتصادي في مصر"3. إن إصلاحات صندوق النقد التي صاغها دائنو مصر الأجانب قد ساهمت في تفاقم الأزمة الاقتصادية و الاجتماعية بدلاً من إنقاذها.
إن الأوضاع الاجتماعية قد تدهورت بشكل درامي منذ خلع مبارك عن الحكم ، فقد خرجت التظاهرات ضد مرسي مدفوعة بشكل كبير بسبب استمرار التعديلات الاقتصادية الجذرية التي صاحبت عهد مبارك و فرضت على مصر بواسطة واشنطن و وول ستريت بما تسبب في استمرار ازدياد معدلات الفقر في المجتمع.
دور القوات المسلحة : "الضوء الأخضر" من البانتجون
لقد صور الإعلام القوات المسلحة كمساند كبير للتظاهرات والاحتجاجات ضد مرسي بدون التعرض على الإطلاق للصلة القوية بين قيادات القوات المسلحة و نظرائهم الأمريكيين. إن الأطروحة التي تقول بأن قطاع عريض من الشعب قد دعا القوات المسلحة لكي تلعب دوراً مسانداً للاحتجاجات ليست إلا خدعة واضحة ، فمن المعروف و الموثق أن قطاعات عريضة من المعارضة المصرية المناوئة للإخوان المسلمين قد تم اختراقها من قبل منظمات أمريكية متعددة مثل الصندوق الوطني للديمقراطية NED و بيت الحرية Freedom House ، بل إن حركة "كفاية" المعارضة كانت ولاتزال مدعومة من قِبَل المركز الدولي للصراعات السلمية(4). إن القوات المسلحة لم تتدخل لكي تدعم وتحمي حراكاً جماهيرياً حقيقياً ، بل على العكس ، يمكن القول أن الولايات المتحدة قد تدخلت لكي تتلاعب بهذا الحراك وتقمعه بالوكالة عن الولايات المتحدة الأمريكية. إن هدف تدخل القوات المسلحة هو التأكد من أن سقوط جماعة الإخوان المسلمين لن يتسبب في انتقال سياسي ينتج عنه إهمال أو تجاهل للمصالح الأمريكية أو ربما يُنهي السيطرة الأمريكية على مصر.
بالرغم من أن هناك العديد من القطاعات الهامة في القوات المسلحة ، إلا أنه لايمكن لأحد أن يستمر في التعامي عن حقيقة أن كبار القادة يأخذون أوامرهم من البانتجون. الجنرال عبد الفتاح السيسي ، وزير الدفاع الذي قاد الانقلاب ضد مرسي ، هو في الحقيقة أحد خريجي كلية الحرب الأمريكية بكارلسلايل ، بنسفلانيا. لقد كان الجنرال السيسي على تواصل هاتفي دائم مع وزير الدفاع الأمريكي تشاك هاجل منذ انطلاق الاحتجاجات ، وتؤكد تقارير صحفية أنه قد استشاره مراراً في الأيام التي سبقت الانقلاب العسكري ، وبذلك يمكن القول أنه من غير المرجح على الإطلاق أن الجنرال السيسي قد تصرف بدون "ضوء أخضر" من البانتجون.
كتب ريتشارد سيسك في موقع Military.com الأمريكي المتخصص في أخبار الدفاع بتاريخ 3 يوليو الجاري(5): " لقد تحدث هاجل مع السيسي يوم الخميس الماضي – 30 يونيو- عندما انطلقت المظاهرات الضخمة في شوارع مصر تطالب بإسقاط مرسي ، وأبدى انزعاجه من مهاجمة هذه المظاهرات للولايات المتحدة ، ثم تحدث معه مجدداً يوم الثلاثاء – 2 يوليو- بعد أن أعطى السيسي مهلة نهائية تنذر بتدخل القوات المسلحة في حالة عجز مرسي عن احتواء الموقف." بدوره كان الجنرال مارتن ديمبسي قائد هيئة الأركان المشتركة الأمريكية على اتصال مستمر بالجنرال صدقي صبحي رئيس أركان القوات المسلحة و رئيس المجلس العسكري(6)، بحسب تصريح المتحدث الرسمي للبانتجون كما نقلته شبكة رويترز.
بقي أن نوضح أن الجيش المصري هو ثاني أكبر متلق للمعونات العسكرية الأمريكية في العالم بعد جيش الدفاع الإسرائيلي. يقول الجنرال أنتوني زيني ، رئيس هيئة الأركان المشتركة للجيش الأمريكي الأسبق : "إن مصر هي أهم دولة في المساحة التي تغطيها مسئوليتي ، وذلك بسبب الإمكانيات التي توفرها لي مصر في المنطقة".


- مقال منشور على موقع مركز أبحاث العولمة ، رابط المقال: اضغط هنا.
- مايكل شوزودفسكي Chossudovsky: هو عالم اقتصاد ومؤلف كندي حاصل على العديد من الجوائز ، يشغل منصب أستاذ الاقتصاد بجامعة أوتوا بكندا ، و هو مؤسس ومدير مركز أبحاث العولمة CRG بمونتريال. ألف شوزودفسكي عدد من الكتب واسعة الانتشار والتي ترجم بعضها بالإضافة إلى العديد من مقالاته إلى أكثر من عشرين لغة ، منها على سبيل المثال: "العولمة والفقر و النظام العالمي الجديد" و "الحرب الأمريكية على الإرهاب" ، وأحدث كتبه بعنوان: "نحو سيناريو الحرب العالمية الثالثة: مخاطر الحرب النووية". يشارك شوزودفسكي في كتابة موسوعة بريتانيكا Encyclopedia Britannica.
- الترجمة لا تعني بالضرورة موافقة المترجم على كل الآراء التي جاءت في المقال.
المراجع:
1- F. William Engdahl, 4/7/2013, Washington Islamist Strategy in Crisis as Morsi Toppled. Egypt Protest directed against US, Global Research :http://www.globalresearch.ca/washington-islamist-strategy-in-crisis-as-morsi-toppled/5341595
2- Robert Baer, 2004, Sleeping With the Devil: How Washington Sold Our Soul for Saudi Crude, Three Rivers Press, p. 99
4- International Center for Non-violent Conflict (ICNC) http://www.nonviolent-conflict.org/index.php/about-icnc

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق