مقتل الانقلابيين في المذابح وسفك الدم
عامر عبد المنعم
لم يستوعب قادة الانقلاب أن هذه الأساليب القمعية هي التي فجرت الثورات العربية، وثورة يناير قامت ضد ما يريدون فرضه الآن. وبسبب هذه العقلية العائدة من الخمسينات والستينات فان الانقلاب فشل، رغم كل ما يصدر عنه من حركات تبدو عنيفة.
العقبة التي تواجه الانقلاب حتى الآن هي الرفض الشعبي له، والاعتصام في رابعة والنهضة والمحافظات، وطالما هناك معتصمون بالشوارع فإن الانقلاب يخسر يوما بعد يوم، وحملة التعتيم الإعلامي والأكاذيب وتضليل الرأي العام لن تستمر طويلا، وسيكتشف الناس مع الوقت الوجه الدموي للانقلابيين، وسيتأكد الناس أن القضية لم تعد الرئيس ولا الإخوان وإنما سرقة ثورة، والسطو بالقوة على سلطة، وإعادة نظام مبارك بوجه استبدادي قمعي أكثر فسادا وأبشع دموية.
ولأن الوقت ليس في صالح الانقلابيين فإن قوات أمن الانقلاب ارتكبت بعض المذابح كالحرس والمنصة، وتهاجم بعض المسيرات والجنازات لإثارة قدر من الرعب والترويع لتخويف الشعب، لكن لا يدري الانقلابيون أن مقتلهم في هذه المذابح المخططة وإراقة دماء المصريين.
مذابح قادة الانقلاب هي التي أحرقت مشروعهم وبددت آمالهم في بناء حكم عسكري جديد على أنقاض نظام ورئيس جاء عبر الإرادة الشعبية، فسفك الدماء كان القاصمة التي تسببت في الموت السريري للانقلاب وذلك للأسباب التالية:
1- الشهداء يشعلون الثورة ويعطون حركة المقاومة غطاءا من الروحانية يزيد من سموها الإيماني الذي يزيدها صلابة.
2- ينتج عن هذه المذابح تبصير الرأي العام بالحقيقة والتأثير -بالصورة التي لا تكذب- في قطاعات من المخدوعين ودفعهم للوقوف ضد الانقلاب.
3- القتل يفقد قادة الانقلاب المشروعية التي زعموها ويظهرهم كأعداء للشعب وليس حماة لأمنه.
4- الإمعان في القتل يحرق كل من ساندوا الانقلاب ويظهرهم كعصابات تواطأت على القتل وإراقة الدماء، وينهي أي مشروعية سياسية لهم.
5- مواصلة القتل يعري قادة الانقلاب من أي مسحة إنسانية ويظهرهم كمصاصي دماء.
6- المذابح والنعوش التي تنطلق من المذابح إلى كل المحافظات تؤلب كل الوطن ضد الانقلابيين وهذا يمهد للأفكار الانتقامية والثأرية على نطاق واسع، خارج عن سيطرة أحزاب أو تنظيمات أو جماعات.
7-الإشارات التي يقدمها قادة الانقلاب ضد الدين والهوية الإسلامية للدولة تجعل الأغلبية المسلمة تنظر لقادة الانقلاب كأعداء.
8- التحالفات التي تتم الآن لتكوين جبهة من الكارهين للإسلام بقيادة الانقلاب خروج على الثوابت وتطرح تقسيم مصر على أساس جديد: مع الإسلام أم ضده.
9- إصرار الانقلاب على إقصاء الإسلاميين ومواجهة الاعتصامات السلمية بالقتل الجماعي يعطي رسالة مفادها أن التغيير عبر الصندوق الانتخابي كان حلما وانتهى، وهذا يستدعي الأفكار التي كانت سائدة في فترات سابقة والتي تسعى للتغيير بالسلاح.
10- استمرار القتل سيؤدي إلى تفكيك مصر بشكل فعلي، فتغيير العقيدة القتالية للجيش المصري تفقده الهيبة والاحترام في نفوس المصريين، والجيش بمثابة الجهاز العصبي لجسم الدولة فماذا عساه إن تفككت الدولة نفسها.
11- إذا استمر نهج القتل سيتفكك الجيش من داخله حيث سيتمرد الضباط والجنود ولن يجد قادة الانقلاب من يسيطرون عليهم وينفذون أوامرهم، وهنا ستنتهي مصر وتتقسم إلى ما كان الوضع عليه قبل مينا موحد القطرين.
مصر تمر الآن بمحنة، وهناك من يريد أن يعيدها للوراء، غير عابئ بالخسائر، ويريد أن يغير ثوابت لا يمكن تغييرها، ويتوهم أنه يستطيع أن يقيم حكما استبداديا على فوهة بركان.
لن تنفعهم أبواق الإعلام الموتورة الكارهة لدينها ووطنها.
لن تنفعهم عصابات النخبة المعادية لكل الثوابت التي تحرض على القتل وتظن أن الانقلاب سيخلصها من خصومها.
مصر الآن تغلي والشعب ثائر وغاضب، ولن يهدأ إلا بإعلان الجيش إلغاء الانقلاب.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق