رجل العالم المريض!
خالد الجابر
(كاتب قطري ونائب رئيس تحرير جريدة الشرق)
البريد الالكترونى: Aljaberzoon@gmail.com
في أواخر القرن التاسع عشر، أطلقت أوروبا على الدولة العثمانية لقب “رجل أوروبا المريض”، بسبب الضعف والترهل والوهن التي أصابت جسدها وادت إلى تمزقها وتفتتها وانقسامها. حينها كتب دبلوماسي تركي في أوروبا إلى وزارة الخارجية في اسطنبول رسالة قال فيها إن الأمم الأوروبية تستعد لوليمة كبرى، وما لم نتحرك نحن سريعاً، لنكون على لائحة الضيوف، سنصبح على لائحة الطعام.
وهذا ما حصل، خسرت تركيا وقسمت امبرطوريتها على طاولة طعام الدول الاستعمارية وعلى رأسها الدول العربية والإسلامية في إطار اتفاقيات سايكس – بيكو.
ويبدو أن السيناريو يتكرر اليوم مع العالم العربي والانقسام هو القدر المفروض على المنطقة وبوادره تظهر في العراق بين السنة والشيعة والأكراد، وفي سوريا ولبنان مسلمين ومسيحيين ودروز وعلويين، وربما المزيد من التفكيك في الدول العربية الأخرى في السودان والصومال واليمن ولا استبعد المغرب العربي وهو قابل للانفجار في أي لحظة؟!
لقد تحول العالم العربي اليوم إلى صورة مجسدة للرجل المريض بكل ما تحمله الكلمة من معنى في الضعف والعجز والذل والانهيار واللامبالاة وعدم الاكتراث في ظل هجمة دولية مكشوفة وحروب معلنة ومفتوحة بين الأمريكان، والروس، والصين، الأتراك، والإيرانيين، والإسرائيليين، الدول الأوروبية فرنسا وبريطانيا وغيرهما، أما العرب، فيشاركون في تنفيذ المخطط بكل تجلياته مرة مع المعسكر الشرقي وأخرى مع الغربي ولا حول ولا قوة.
زبغنيو بريجنسكي في كتابه "لعبة الشطرنج الكبرى" أشار الى انه السباق التاريخي للسيطرة على "كعكة قارة أورو- آسيا"، ومن يسيطر على هذه القارة يفوز بالكعكة وبزعامة العالم.
المستقبل كما يبدو ذاهب إلى تقسيم بعض الدول العربية في الغالب إلى مجموعة دويلات، وفق أسس طائفية أو قبلية أوعرقية.
هل تكون دول الخليج بعيدة عن كل هذه المخاطر والتحديات والتغييرات الجذرية، الدراسات الجيوسياسية تشير الى انه لن يبق هناك إلا دولتان أو ثلاث على أكثر تقدير مطلة على الخليج العربي، أما البقية فهي مقبلة على التلاشي أو الذوبان في الأجسام الكبيرة؟!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق