العالم يستعد لتكفين سوريا ودفنها
شعبان عبد الرحمن
كما حدث للعراق بالضبط قبل عشر سنوات (2003م).. شاهد العالم لحظة بلحظة عملية إقصاء صدام حسين عن الحكم ثم إعدامه, وعلى التوازي شاهد العالم عملية وحشية لعقاب الشعب العراقي -بعد تخليصه من الطاغية- بتدمير بنيته التحية، ونهب ثرواته، وقتل علمائه، وإعادته إلى الحياة البدائية، التي بات يتسول فيها قطرة ماء؛ على الرغم من امتلاكه نهرين كبيرين.
وغدًا يشاهد العالم على الهواء عملية إقصاء مجرم آخر دمر شعبه وأذله وذبحه وقتله بالكيماوي؛ ولكن سيشاهد العالم -أيضًا- عملية عقاب وحشي لذلك الشعب الذبيح بتدمير سوريا كلها، وتحويلها إلى كومة تراب مثل العراق؛ ليهنأ الصهاينة ويناموا قريري الأعين!
أبَعْدَ ذلك تصدِّق أن القوات الأمريكية تتحرك حول العالم لنصرة الشعوب المظلومة وإنقاذها من براثن الطواغيت، الذين جثموا على أنفاسها عقودًا طويلة؟!
أمريكا عبر التاريخ هي صانعة الطواغيت.. عبد الناصر.. صدام.. عائلة الأسد.. بينوشيه.. وغيرهم، صنعتهم ودعمتهم وسمنتهم ليفترسوا شعوبهم قهرًا وقتلاً وصناعة للتخلف, فإذا ما ضجَّ الشعب وانتفض وكاد يمسك بزمام أمره تحركت بسرعة تحت مزاعم حماية حقوق الإنسان، وعقاب النظام على استخدام الكيماوي ضد شعبه، أو تحت زعم أي جريمة أخلاقية يرتكبها الحاكم الدموي..
وما من بد هنا من ترحيب الشعب وصمت العالم؛ بل ودعمه.. والحقيقة أن الهدف من التحرك هو منع الشعب من امتلاك زمام أمره، وقطع الطريق على نهوض هذا الوطن أو ذاك.. جون كيري -وزير الخارجية الأمريكي- نطق ببعض الحقيقة في مؤتمره الصحفي الأخير مع وزير الخارجية البريطاني قائلاً:
"إن بشار الأسد يسيطر على مخزون كبير من الأسلحة الكيماوية، وهو ما يعرض أمن الولايات المتحدة للخطر".
والحقيقة.. أن أمن "إسرائيل" الموجودة على حدود سوريا هو المعرض للخطر، وأمن إسرائيل هو قدس أقداس أمن أمريكا!
والمطلوب هو أن يبقي الكيان الصهيوني الأقوى في المنطقة، والأكثر تماسكًا؛ بينما تبقى دول طوقه ممزقة متقاتلة متناحرة.
وقد تم الانتهاء من العراق وسوريا وبقيت مصر.. إذًا فليتم تصنيع طاغية جديد يأكل شعبه ويمتص دماءه حتى الثمالة، ثم تدور العجلة لتكرار ما جرى في سوريا والعراق.. فانقلاب مصر هندسة وصناعة أمريكية صهيونية 100%, ودعمه اليوم بلا حدود, وغدًا تدور الدائرة؛ لكن شعب مصر المنتفض ضد الانقلاب بصورة تذهل الجميع لن يسمح بأن تمر السكين على رقبته مثلما جرى في العراق، ويحاولون تكراره في سوريا بعد أيام!
وبعد..
هل ما زالت لديك قناعة بأن القوات الأمريكية تحركت يومًا عبر تاريخها لصالح الحق والعدل وحماية حقوق الإنسان؟!
وهل ما زال لديك شك في أن كل تلك الشعارات هي "عدة" الاستعمار؛ لكي يستعمر البلاد، ويذل العباد عبر طواغيت عملاء وحكام مصابين بسعار السلطة.
المصدر: شعبان عبد الرحمن كاتب مصري- مدير تحرير مجلة المجتمع الكويتية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق