الأحد، 10 نوفمبر 2013

محاكمة رئيس مخطوف (3)



محاكمة رئيس مخطوف (3)

خلود عبدالله الخميس
أشرت في المقالين السابقين* إلى وصف المشهد في مصر حياداً وواقعاً وتاريخاً بأنه انقلاب عسكري على حاكم منتخب وإرادة الشعب بلا أدنى شك.
واليوم نكمل قراءة الحدث وتداعياته.
في الواقع، أرى أن الأهم من كل ما كتبت في المقالين من حقائق مؤلمة. انكشاف خذلان حكام المنطقة في الشأنين السوري والمصري والذي أثبت أنهم لن يترددوا في قمع شعوبهم لإرضاء القانون الدولي الذي «صُنع في إسرائيل»!
يمنعون تداول البضائع الإسرائيلية في أسواقنا. ويروجون لأفكار وقرارات وأحلام إسرائيل في أوطاننا. بالتأكيد. فالأسواق أهم من الوطن عندما تكون الخرائط مؤقتة!
ازدواجيتنا سبب في أن يساق رئيس مصر الشرعي باتهامات جميعنا يعرف أنها ملفقة. لمحاكمة غير منطقية ولا عادلة. ولكن يصطف المصفقون ليرجموه بحكم فاسد. لزوم إنهاء الاتفاق مع المستفيدين حتى يسدل ستار المسرحية!

بينما ذئاب بشار الأسد يتخذون من نساء الأمة في ريف حلب والغوطة والقصير مكباً لغرائزهم. وكم من حُرة استعبدت وحملت سِفاحاً؟!
بينما ما زلنا نشرب المياه الفوارة الفرنسية الأنيقة في المؤتمرات ونلوي ألسنتنا ونختتم أعمالنا واجتماعاتنا برُزم من المذكرات الفاخرة الطباعة والتي تتصدرها شعارات لا أدري من أين يخترعونها. وننام في فندق خمس نجوم فوق فراش وثير ولحاف ريش.
كل هذا العبث. من المسؤول عنه أمام الله؟
تذكرت. سؤالي السابق ليس محط اهتمام الساسة. الساسة لا يفكرون في الله كثيراً. بل يرون في كل قراراتهم السياسية أسباباً وحججاً. ويعتبرون الدين مساجد ووعظا ودموعا وزهدا!
دروشة الشعوب خطة أسهمت فيها تيارات إرجاء الإصلاح وعمارة الأرض. وأحالت الفكر الإسلامي من داع لغرس الفسيلة ولو قامت الساعة. إلى ما ترون من نتائج القعود والتخويف من الفتن ونهب الحقوق.
الذي يحدث في مصر وسوريا نتاج تخذيل علماء الدين المنظم والمدفوع من الأنظمة للشعوب. وفكر الحكم العسكري. هذه العقليات المدربة على تلقي الأوامر من جهة أعلى. من رئيس ما. هي أفضل بديل للاستعمار المباشر. تحكم الشعوب وتتلقى الأوامر من محتل عبر البحار!
إنه احتلال ولكن ببندقية يحملها ابن الوطن. وسجن ولكن بزنازين الوطن، وتعذيب ولكن على مذبح الوطن.
مزقونا في (1917سايكس - بيكو) واليوم بعد أقل من قرن يريدون إعادة تقطيعنا. مثل وجبة «ستيك» يعيدون ضبط كميتها ووزنها وبعظم أو من دونه. وكيفية طبخها. تامة الشواء أو متوسط أم خفيف. كما يرضي مزاج الزبون. فنحن بالنسبة إليهم لسنا إلا « بقر وخراف» على موائدهم!
يريدون تغيير تعدادنا. وبأيدينا. نجحوا أن يجعلوا بأسنا بيننا فئة تظلم فئة وتبغي وتتطاول عليها لا لحق ولكن لأنها تملك القوة. وهم يبيعوننا وسائل القوة يزدادون ثراءً فوق جثثنا. ويشربون من دماءنا. ونحن الإرهابيين!
 لقد انهار منطق البقاء للأقوى الذي تتخذه أميركا منهجاً مع ثورة الاتصالات وتداول المعلومات. ولن يقدر أحد على إعادة إعماره. قد تكون انكشفت اليوم فقط للسذج. ولكنها لم تكن أبداً موطئ ثقة واحترام للنخبة التي تجيد كتابة الأوراق السياسية لا قراءة ما يملى عليها!
وبعد هزيمتها في كل الحروب التي خاضتها مباشرة فوق أراضي المسلمين بدعوى الإرهاب. واستنزفت مواردها البشرية والاقتصادية. ونفد رصيد حكوماتها المتعاقبة منذ فيتنام. سواء كانت ممثلة للحزب الجمهوري أم الديمقراطي. فهي سواء. عرابة الاحتلال الصهيوني. وحامية دياره.
ومنذ هيروشيما وناجازاكي. وحتى أفغانستان والعراق والشيشان. والحروب غير المباشرة التي تخوضها عبر حلفائها في الخليج والوطن العربي على أهل المنطقة. والأمة تعيش إرهاصات إفاقة رغم قوة المخدر المحقون بأوردتها. وتسير باتجاه النهضة وما الثورات العربية إلا بداية لتغيير شمولي لقيامنا.
جاءت تثير الشعب فوق أراضينا. عبر هدم عمود الوطن العربي الفقاري بنخره من الداخل. أرادت حرق مصر. لم تكتف بالهيمنة على القرار العربي وتكريس الثقافة الأمنية للتعامل مع الشعوب. بل أرادت لنا ردة حضارية.
 فنحن لسنا إلا «همج نسكن القصور» لا نستحق ما تحت أرضنا من خيرات فسيأخذونها طوعاً أو كرهاً. فاختاروا تطويع الأنظمة الحاكمة لتقل الكلفة عليهم. وكل شيء يدعمه القانون الدولي الصهيوني!
 للأسف. تاريخنا هو سبب تقدم البشرية. سرقوه وقادوا به العالم اليوم. ونحن ننافس التخلف على العودة لحرب البسوس وتطاحن العصبيات بإفناء بعضنا بعضاً.
ما يحدث في مصر تعدى شيطنة الإخوان المسلمين وأسباب بغض البعض لهم. بل تعدى الجماعة كفائز شرعي سياسي.
مصر حولها الحكم العسكري إلى غابة البقاء فيها للأقوى. والدولة المالكة للجيش هي الأقوى!
ومحاكمة الرئيس المخطوف مرسي مهزلة قد تنتهي بأسوأ السيناريوهات بإعدامه قرباناً لإرضاء الداعمين وأعداء جماعة الإخوان المسلمين. ولكن سيكون دمه سُقيا للنهضة الشاملة. كما كانت دماء الرموز قبله. سواء من الإخوان أو من غيرهم. لن يوقف شيئاً مد الشعوب للتحرر.
هل هذا هو الفكر الذي ندعم؟!
أهذا المستقبل الذي نريد تكريسه لأجيالنا المقبلة؟!
أم هذا ما نريد للتاريخ أن يكتبه عنا؟!
أتلك هي العدالة التي أمرنا ديننا أن نحكم بها بين الناس؟!
ألذلك منّ الله علينا برزقنا ووضعه تحت أرضنا لننفقه بقتل المسلمين ومظاهرة الكفار عليهم ويكون علينا حسرة ثم نُهزم؟!
أتدار الدول والشعوب بالنار والحديد؟!
ألم تتساءلوا لماذا لا يفعل الغرب هذا القمع مع شعوبه اليوم؟!

لأنهم تعدوا العصور البائدة حيث يتقاتل البشر على وجبة واحدة باستخدام القوة البدنية.
وليحتلوا عقولنا لا يملكون اليوم إلا عمالة القوة العسكرية عندنا. يعلمون أن في تفكيرنا ما زالت الجاهلية هي هي. الذي تغير التقويم فقط!
مثقفون متعلمون متمدنون وكل المصطلحات التي نتزين بها. إلا أننا نكرر كل اختراعات سابقينا مرات أخرى. وعند الانتهاء نكتشف أنه مكرر. نعتذر. نبتسم. وكأن شيئاً لم يكن!
ما أعرفه وعلى يقين به. أن البلهاء عالة على الأمة في كل زمان ومكان. أما اليوم. فالثورات الشعبية اتخذت قرار إزالتهم ولن ترجع عنه.
فتربصوا.

خلود عبدالله الخميس
khollouda@gmail.com
http://twitter.com/kholoudalkhames




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق