"إسلاموفوبيا" محلية الصنع
وائل قنديل
بالتزامن مع خطبة الجنرال التي يبلغ فيها عن 1.6 مليار وغدٍ من المسلمين يمثلون تهديداً لسبعة مليارات إنسان، يعلن الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، الرجل الذي جمع تحت عمامته الشمس والقمر بمعادلته الشهيرة أيام حسني مبارك "الحزب الوطني قمر، والأزهر شمس"، يعلن عن قيام رحلاته العاجلة المتجهة إلى آسيا وأفريقيا وأوروبا لمواجهة ظاهرة العداء للإسلام (الإسلاموفوبيا)، وتحسين صورته التي شوهتها ممارسات العناصر المتطرفة والإرهابية.
وأيضا، عقب خطاب السيسي مباشرة، يذهب الأمين العام لجامعة الدول العربية، نبيل العربي، لافتتاح مؤتمر في مكتبة الإسكندرية، بعنوان "المواجهة الفكرية للتطرف والإرهاب" برعاية السيسي، وبالتنسيق بين مكتبة الإسكندرية ووزارة الخارجية. ثم لا يترك لك الأمين العام المساعد للجامعة العربية وقتا لتفكر في المقصود بالتطرف والإرهاب، إذ يوفر عليك العناء والمشقة بتصريح يقول فيه إن الجامعة تعقد اجتماعا طارئا على مستوى المندوبين الاثنين "سيخصص لتدارس التطورات الخطيرة التي تشهدها ليبيا وتصاعد وتيرة العنف والأعمال الإرهابية التي لم تعد تقتصر على استهداف المواطنين أو المقيمين، إنما طالت أيضاً المرافق الاقتصادية الحيوية التي تمثل ثروة الشعب ومقدراته وخزانات النفط".
وإذ لا يبدو أداء نبيل العربي مفاجئاً، حيث كان قد فعل شيئاً شبيهاً إبان العدوان الصهيوني على غزة، فقد كنا نظن، بسذاجة، أن الأزهر الشريف مؤسسة إسلامية جامعة، تمثل العالم الإسلامي كله، وتدافع عن صحيح الدين ضد المهرجين من أهل الركاكة، وأنها معنية بصد الهجمات المتطرفة ضد المسلمين في العالم، غير أنه، يوماً بعد يوم، يتضاءل حجم المشيخة العظيمة، لتكون مجرد صدى لصوت من يجلس على كرسي الحكم في مصر، وتنفذ ما يقول، من دون أن تصحح له كوارثه المفاهيمية واللغوية، أو تحاول أن تعلمه الفرق بين الأحجية والحجة، ولا تصفق له، وهو يتوعدها بأنه سيمارس معها لعبة الأحاجي "الألغاز والفوازير" يوم القيامة.
إن الأمام الأكبر الذي ينتوي القيام بجولات في قارات الدنيا لمواجهة "الإسلاموفوبيا" خارجياً، كان أولى به أن ينطق بكلمة حق في وجه فوبيا الجنرال، وهو يحرّض في خطاب متلفز على الفكر الديني الذي لولاه ما كان الطيب قد انتقل من أمانة سياسات الحزب الوطني إلى المشيخة، ليجلس في مكان ومكانة شيخ جليل، اسمه جاد الحق علي جاد الحق، رفض أن يتحول الأزهر الشريف إلى خادمة في بلاط التطبيع مع العدو الصهيوني، في سنوات الهرولة الرسمية العربية صوب إسرائيل.
كان أولى بالإمام الأكبر أن يظهر شيئاً من هذه الهمة، وينتفض حين أريقت دماء مئات من المواطنين المصريين في الشوارع على يد "جنرال الإسلاموفوبيا".
إن المدقق في تصريحات شيخ الأزهر الخاصة بالوضع السوري، إبان حكم الرئيس محمد مرسي، ثم بعد تولي الجنرال عبد الفتاح السيسي الحكم بعد الانقلاب سيرى عجباً، فمن إدانة كاملة للنظام وانتصار لثورة الشعب، إلى التركيز على "داعش" و"النصرة" واللف في فلك الحديث عن مؤامرة دولية، تبدو المسافة بعيدة للغاية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق