الثلاثاء، 13 يناير 2015

ما الفرق بين «عاصفة الصحراء» و«العزيمة الصلبة»؟


ما الفرق بين «عاصفة الصحراء» و«العزيمة الصلبة»؟


د. ظافر محمد العجمي

في زمن لم نعرف فيه مخاتلة استراتيجية «الفوضى الخلاقة» أو «الغموض البناء» شنت 24 طائرة من نوع الشبح المقاتلة Stealth F-117A في 17 يناير1991م أكثر العمليات الجوية تكاملا في التاريخ، شنت الشبح الضربة الافتتاحية فأعمت عيون صدام وصمت آذانه فمنعته الإعاقة عن الحركة بقية أيام الحرب، فانهار جيش الرافدين ومزق جنوده أوراق سفر انتصاراتهم الماضية في معارك «جزر مجنون» و «الفاو» ليستدفئوا بها في الصحراء الباردة.
ففي مثل هذه الأيام وبتفويض من مجلس الأمن الدولي أغارت قوات التحالف على كل شبر من العراق من شماله إلى جنوبه حيث انطلقت 1.820 طائرة خلال 43 يوما لتنفذ حملة جوية شاركت فيها أميركا بـ1.376 وطائرة، كما شاركت 175 طائرة سعودية، و69 بريطانية، و42 فرنسية، و24 كندية، و8 طائرات إيطالية بالإضافة إلى دول مجلس التعاون.
وقد نفذت طائرات التحالف 109.867 غارة جوية بمعدل 2.555 غارة يومياً، وألقت خلالها 60.624 طن من القنابل في الحملة الجوية في عملية عاصفة الصحراء «Operation Desert Storm».
أما في الحملة الجوية على داعش العزيمة الصلبة «Operation Inherent Resolve» فبدأت حين أعلن الرئيس الأميركي باراك أوباما أن هذه العملية لحماية المواطنين الأميركيين واليزيديين، وأربيل، ثم جاءت الضربة الافتتاحية متواضعة وباهته وبطائرات تقليدية؛ ففي 8 أغسطس، قصفت طائرات F18 مستودع أسلحة تابع لتنظيم داعش، فيما ضربت أربع طائرات 8 مواقع لداعش قرب أربيل، وقد شارك في هذه الحملة الجوية بالإضافة إلى الولايات المتحدة سلاح الجو الفرنسي والأسترالي والبلجيكي والكندي الهولندي، وتشارك دول مجلس التعاون والأردن، كما تضم قائمة أعداء داعش في ميدان المعركة القوات المسلحة والشرطة وقوات الصحوة العراقية. وقوات البشمركة، والقوات المسلحة السورية وقوات شيعية مثل عصائب أهل الحق وجيش المهدي وكتائب حزب الله وفيلق بدر وسرايا السلام وحزب الله اللبناني والحرس الثوري الإيراني، وحزب العمال الكردستاني والجيش الحر، ووحدات حماية الشعب الكردية (وحش) والجبهة الإسلامية. ثم يزين أسفل القائمة ختم تنظيم القاعدة كعدو رسمي لداعش ردا على وحشيتها أو ما قيل «الاستعصاء سيئ السمعة».
وقد نفذت طائرات التحالف حتى نهاية عام 2014م بناء على نشرة من البنتاجون 15 ألفا و465 طلعة جوية، دون تحديد لعدد القتلى من داعش أو مدى تضرر الأهداف اعتمادا على استراتيجية «الغموض البناء».
في عملية عاصفة الصحراء شكلت القوة الجوية العراقية في بداية الحملة الجوية خطر على قوات التحالف. بـ950 طائرة و9000 مدفعية مضادة للطائرات، كما أن العراق كان يشن غارات معاكسة استهدفت قواعد قوات التحالف في السعودية، كما استهدفت غاراته إسرائيل فبقيت الحملة متصدرة للأخبار طوال 43 يوما. أما «عملية العزيمة الصلبة» فلا تخضع إلا بصعوبة لتعريف إيجابي، حيث لم تثر أخبارها الاهتمام المناسب لدى الرأي العام بل توارت أكثر من مرة خلف خبر سقوط الطائرة الماليزية ثم الهجوم على صحيفة شارلي إيبدو.
لقد كانت أخبار الحملة الجوية على داعش ولا تزال مختلطة مشوشة وغير مقنعة، بل وتتصدرها محاور لا دخل لها بالعمليات الحربية، كاستقالة وزير الدفاع الأميركي «هيجل» والتي كانت أسبابها ودلالاتها داعشية.
لقد مضى 23 عاما بين الحملة الجوية «عاصفة الصحراء» والحملة الجوية على داعش «العزيمة الصلبة» ومعها مضت أشياء أخرى في أسلوب عمل الإدارة الأميركية.
فلم تعد الخلافات تؤجل لما بعد الحرب فاختلف أوباما مع كل وزير دفاع عمل تحت قيادته، فاستقال روبرت جيتس وليون بانيتا بالإضافة إلى هيجل. حيث تشير ملامح السلوك السياسي الأميركي أن أوباما رجل يستمتع بتسريع التاريخ دون أن يكتب فيه سطر واحد يستحق البقاء.

• gulfsecurity.blogspot.com/
tinyurl.com/3vr3j4a

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق