هل خلّص السيسي كل نعناع الجنينة
عبد الحكيم حيدر
مشى إلى فاتن حمامة مصافحاً، فذهبت إلى جوار ربها بعد شهور قليلة. وأراد أن يربّي شاعراً كبيراً في كنفه، كعادة زعماء العرب والشرق، فذهب عبد الرحمن الأبنودي قبل أن يتم الحول إلى رحمة رب غفور، وشاركته ليلى علوي مشوار البسكلتة نصف ساعة، فتم طلاقها بعد سعادةٍ زوجيةٍ سنوات، وغنّى له (حبيب الشباب) محمد منير في شرم الشيخ، صاحب أغنية نعناع الجنينة، فأخذ لعنة الشباب جميعاً في "فيسبوك" وكل مواقع التواصل، فأصابته الحالة بموجةٍ من الاكتئاب، ولا نفعته الجنينة ولا النعناع.
وربنا يستر على يسرا وإلهام شاهين، بعد يومين في ألمانيا، وهما تحملان على كتفيهما (مخطوطة ابن زبرجد البولاقي) التي يصل وزنها إلى مائة كيلو، كي يرى العالم ثقافة المخطوطات القديمة في مصر. فماذا بقي للرجل من ألاعيب لم يلعبها بعد؟
بعد أغنية (تسلم الأيادي) التي كانت من بنات أفكار مرتضى منصور للملحن، وهذا باعتراف مرتضى نفسه، صوتاً وصورة، احتار السدنة في اختيار الحيل التي تجدد من دماء الزعيم، فكانت (البسكلتة)، إلا أنهم لم يجدوا فراغات للجراجات، فحُفظ مشروع البسكلتة في العلب إلى حين تحميضه، ثم كانت الأسلحة الروسية والخروج القوي من عصمة أميركا، بل والتمرد عليها، وأسْر قائد أسطولها السادس، وحبْسه في القلعة، فكان (الجاكت الأحمر)، وبعدها، لا غيّرنا مصادر السلاح، ولا حتى استوردنا المواشي من إثيوبيا، بل ذهب كل الفريق إلى نيويورك، لعمل زفّة شعبية أمام الفنادق الكبرى، ودُفعت الملايين كإعلانات، وكأنه افتتاح مصنع (للقلاتينة) في (أبو النمرس)، وترك كمال أبو عيطة (قوى الشعب العاملة) وحيدة في ميدان التحرير، كي يؤنس "الوفد" باعتباره تشكيلة ثورية من الأطياف السياسية كافة.
ثم كانت العاصمة الإدارية الجديدة ومشروعات استصلاح أربعة ملايين فدان، مع أن مشروع المليون وحدة نفسه يتعثر، فكيف تبني عاصمة جديدة، وتتعثر في مليون وحدة وقائد الأسطول السادس عندك في القلعة؟ كيف تتعثر في مليون وحدة سكنية، وحسب الله الكفراوي معك، ويصدر كل يوم تصريحات عنترية عن عبقرية البناء والإصلاح في 30 – 6 وهو في كامل صحته من مسجد السيدة نفيسة، ومعه الدكتورة منى مكرم عبيد، فلماذا لا تذهب هي الأخرى وتحمل المخطوطة المصرية، مع يسرا وإلهام في ألمانيا؟ أم أن هناك تفريقاً بين عنصري الأمة؟
الغريب بعد هذا كله أن الزعيم ما زال يخطط للألف سيارة لبيع الخضار للشباب، على الرغم من أن مسلسل سحب الجنسية (أو مشروع سحب الجنسية) ما زال يعمل على قدم وساق مع مشروع الخضار، أما مشروع (تبليط) مائتي متر أمام محل (آخر ساعة) فما زال حديث الساعة والفضائيات، وهو بمثابة عبقرية أخرى تنافس عبقرية حسن فتحي، وخصوصاً بعد طلاء عمارات وسط البلد والإضاءة السحرية الخلابة.
أما المشروع الأخير الذي يناور به السدنة لخدمة الزعيم فهو مشروع مناكفة الفريق أحمد شفيق السيسي من المهجر، في أبوظبي، وقد يأتي اليوم الذي نرى فيه تنظيماً تابعا للفريق أحمد شفيق، وقد تم القبض عليه في (القصاصين)، متنكرا في ثوب فلاح، يعمل في مزارع المانجو مع ضباط من الجيش سابقين.
أما البلاك بلوك، فهذا لزوم الكوميديا السوداء، على أساس أن الكوميديا السوداء تنقصنا في الأصل، وخصوصاً بعد غرق 14 من الجنود المصريين الغلابة في ترعة الإبراهيمية، لأن الطرق كانت معبّدة ومتسعة، والسائق كان من السرور يغني، والآن، نحن على أعتاب شهر كريم، أعاده الله حتى على المحتالين بالذكاء والفطنة.
عبد الحكيم حيدر
كاتب وروائي مصري
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق