الثلاثاء، 22 سبتمبر 2015

أضاحٍ لها ريش... وإعلاميون بثلاث عيون


أضاحٍ لها ريش... وإعلاميون بثلاث عيون

أحمد عمر
تيمورلنك سأل ذات مرة جحا: لو كنت خليفة مثل القاهر بالله والمعتصم بالله والراضي بالله، ماهو اللقب الذي أستحقه؟ فقال جحا للسفاح: لقبك المناسب هو "نعوذ بالله"! أما لو سئلت "ما هو اللقب المناسب للسيسي لو كان خليفةً؟"، فالجواب هو: تسدق بالله.. فكل هذه المضحكات هي في عصره العشوائي الميمون.

الحزن أصل، والفرح استثناء. هذا ما أكده فيلسوف الشعراء أبو العلاء المعري، عندما قال في داليته الشهيرة: إنّ حزناً في ساعة الموت أضعاف سرورٍ في ساعة الميلاد. هذا صحيح لكنه في أم الدنيا معكوس، فلو حضرت مناحة ًمصريةً لضحكت على أم الدنيا السعيدة بقتل أولادها بيد خير أجناد الأرض..

ابتهجت لمثال أورده الأستاذ محمد الجوادي، ضيفاً على قناة الجزيرة، وابتهجت أيضا لعودته إلى الشاشة، بعد إبلال من المرض، في وصف حال الإعلام المصري، إعلام الكيف والترامادول، كأنه إعلامٌ ضارب حجرين، أو ثلاثة، وهو أن طفلاً مصرياً سُئل عن الفانتازيا وقصص الخيال، فأجاب جواباً غريباً، وهو: برامج التوك توك شو الفانتازية! الإعلام في مصر يذهل المرضع عما أرضعت، يمكن أن نسمي علم الإعلام المصري بعلم الجهل فوق جهل الجاهلينا.
و كنت آمل بتشكيل وزارة جديدة للضحك، ثم وجدت أن الوزراء جميعاً مضحكون ويصعدون الأسانسير ومعهم السلم إذ يمكن أن تنقطع الكهرباء يا حبة عيني، مثلهم مثل الغراب الشهير في رسوم الفراعنة أصحاب أول كاريكاتير معروف.

ومن ذلك تذكّر جيرانٍ بذي سلم في ذكرى مأساة مقتل المكسيكيين الثمانية تصريحاً لوزير النقل قال فيه عند غرق الباخرة المصرية: الحمد لله، فليس بينهم أجانب! فالأجانب وراءهم ثأر أو دية، أما المصري فهو شهيد حياً وميتاً، وهو مجاني الكلفة.
ومن ذلك وزير الأوقاف المصري المصاب بالهياج حالياً مثل الناقة الحقود، وهو يضرب خبط عشواء ليحاول صرف النظر عن قضايا الفساد الملفقة لشخصه الكريم، فمنع الصلاة في الساحات في العيد، بعد أن منعها في الزوايا والمصليات، و لعله ينوي أن يجعل الصلوات ببطاقات ذكية جداً. 
وأذكى بطاقة في منع الصلوات هي بطاقة الخوف، شحنها سهل جداً، وأحيانا تمتد لآخر العمر، مثل البطاقة التي شحن بها السوريون عقب مذابح حماة في الثمانينات، الصلوات الخمس كانت صلوات خوف! وستستغرب كيف يمكن "لمذيعٍ بنبأ" أن يكون أتقى وأورع من أزهري معروف أحول اسمه الفني أبو زيد الهلامي، موظف تطوعياً في الإفتاء العشوائي.
اشتهرت قاعدة فقهية في الآونة الأخيرة، هي أنه لا تجوز "ولاية الضرير، ولا ولاية الأسير".
نشأت القاعدة في ظل المنافسة على الإمارة بين قادة الجماعة الإسلامية وفي مقدمتهم الشيخ الضرير عمر عبد الرحمن، وبين والشيخ الأسير الزمر، وأعتقد أنها قاعدة صحيحة، ولم تؤصل فقهياً.
ومن المعلوم أن مفتي المملكة العربية السعودية ضرير، وكنت أعتقد أحياناً أن مفتي سوريا المبصر أعمى القلب، وأحياناً إنه أسير، وتبيّن لي أنه كذابٌ أشرٌ .

ولا أعرف إن كان الأزهري المذكور المصري يصنف من بين الممنوعين من الفتوى، فالحكم على الشيء جزء من تصوره، وأظن أن أبو زيد الهلامي أخطأ في مسألة الرسولين، فهما واحد يا عم الحج 000، الثاني راح للتقاعد المبكر، وسحبت منه النبوة، أما الثاني فلا تزال بطاقته الممنوحة من سماوات الغرب صالحة، إلى حين طبعاً. العتب ع النظر.

ثمة شيخ سوري حليق أيضاً، عمل طويلاً في مجلس الشعب، و يأمل في العودة إليه، ويعمل على ترقية "أب ديت" الدين الإسلامي، فالحلاقة علامة الحداثة والمعاصرة على الجاذبية الجديدة.
رحَّب الشيخ بالمعابد الجديدة في الإمارات العربية المتحدة على قاعدة " إنما الكافرون إخوة" وذكر حديثاً ورد فيه أن الله أرسل أنبياء كثر، فلعل بوذا وشيفا منهم، و لا يجب أن نتألى على الله، لكنه أغفل أن يقول: بوذا عليه الصلاة والسلام! هذه الأيام عندما تصف شيخاً في الإعلام المصري بأنه أزهري كأنما تصفه بأنه زهايمري.

وكان المفتي العشوائي، قد حمل مسطرة قياس غريبة، قاس فيها ما فعله "سيدنا" عبد المطلب بما يجب أن نفعله نحن بالسكوت عن الأقصى، وذلك لأمرين: الأول هو أن للبيت رباً يحميه، والثاني: لحرمة دم الإنسان المقتول بيد إسرائيلية طاهرة. ووصف "سيدنا" جاء من مذيع البرنامج المؤدب سيد علي، وبدا في الساعة التلفزيونية الضاحكة أن سيد علي أتقى وأورع من سعد الله الهلامي، الذي يقود الفتاوى بسرعة الصاروخ من غير شهادة فتوى خبط عشواء.

نذكر بأن المفتي العشوائي وهو مفتي الراقصة المجاهدة الصابرة نفسها، بأن ثوابها هو الجنة وهي ترقص و"تفتح" وتتفتح، وقد أفتى منذ أيام بأنه يجوز التضحية بالحيوانات ذات الريش التي لها طرفين ومخالب ومناقير.

ويمكن أن نعرج على الإعلام السوري، إذ كان مستحيلاً في سوريا أن يذكر خبر الحج في يوم عرفة على فضائياته، علماً أنه خبر عالمي.
استغربت أن تستنكر فضائيات وصيفة سورية منع السعودية حج السوريين، فالغرض من الاحتجاج ليس الحرص على أداء الحج، وإنما النكاية والتشهير بالسعودية، سنتذكر أن الإعلاميين المصريين يعملون كفريق أحول عشوائي، الفريق هو في وحدة الموضوع، والعشوائية هي في التشويط، فأعضاء الفريق يشوطون الكرة كيفما اتفق، المهم هو القصف والضجة (الدوشة)، وليس تحقيق الأهداف، فرأينا خروفاً في الاستوديو ذات مرة، ورأينا دراجة مرة، ورأينا فخدة لحمة مرة...وتوقعت أن أرى حماراً في الاستوديو بمناسبة شيوع بيع لحم الحمير، وارتفاع سعر اللحمة، ونحن على أعتاب عيد الأضحى المبارك، لولا أني تذكرت أن الحمير يعملون فيها من زمان؛ الحمار الأهلي، و الحمار الزملكاوي المخطط.

كان ضيفٌ أزهري آخر على القاهرة والناس، حليق أيضاً، فاللحية علامة السلفية في مصر، ويتحدث في الدين والفقه من غير استشهاد بقرآن أو حديث، وإنما بقصص صوفية معروفين مثل إبراهيم ابن أدهم، ووجدنا المذيع في آخر الحلقة يرفع يديه مؤمناً على دعاء الشيخ الأزهري في ختام الحلقة، بأن تكون مصر آمنة، واستشهد بآية "ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ".. وكان خبر قصف الأباتشي الحولاء للمكسيكيين الإخوان الداخلين مصر حديث الساعة!

نور الأضواء كان يهلُّ من وجه الشيخ الحليق، فيظن الظان أنه نور الإيمان، لا نور الاستوديو... اكتشفت شيئاً مهماً أن الفضائيات المصرية جميعها بمافيها موجة كوميدي تتوقف عن بث برامج التوتوك شو ساعة الأذان.. 
إنها عشر دقائق استراحة محارب خوفاً من الموت ضحكاً..

تحيا المكسيك.. خالة الدنيا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق