حلم أم رؤيا:صلى الله عليه وسلم؟!
د. محمد عباس
في الزمن الماضي كنت أعتبر رؤية الرسول في المنام كنزا مخفيا لا يجب أن أعلنه.بعد ذلك قرأت تفسير الإمام الشاطبي لحديث الرؤية،والحقيقة أنني اقتنعت به،ولو من باب التحفظ والمحافظة على نقاء الدين،وكي لا نفعل به ما فعله اليهود والنصارى والمتصوفة والشيعة،الذين باختصار اعتبروا،بالحقيقة أو بالمجاز،أن هناك وحيا غير الوحي وبعد الوحي وحاخاما يغير وبابا معصوما له وحده حق الفهم والتفسير بل والتبديل،أوشيعيا ومتصوفا يسئ ويتعسف في معنى الظاهر والباطن والتقية والعلم اللدني فيبدل كلام الله.
أخذت برأي الشاطبي إذن في تفسر رؤية الرسول ﷺ ،والذي -فيما أذكر يكاد يقصر تطبيق الحديث على الصحابة رضي الله عنهم- والذي يلخصه فتوى الشيخ الفوزان:
رؤية النبي صلى الله عليه وسلم في المنام قد تحصل، والحديث الوارد فيها صحيح (26).لكن هذا في حق من يعرف الرسول صلى الله عليه وسلم ويعرف صفاته صلى الله عليه وسلم؛ فإنَّ الشيطان لا يتشبَّه به في صفاته وشخصه عليه الصلاة والسلام، فمن كان يعرفُهُ حقَّ المعرفة، ويُميِّزُهُ حقَّ التَّمييز عن غيره؛ فهذا قد يراه في المنام، أما الذي لا يعرف صفات الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا يُميِّزُ شخصيَّته الكريمة عليه الصَّلاة والسلام؛ فهذا قد يأتيه الشيطان، ويدَّعي أنه الرسول صلى الله عليه وسلم؛ يُضَلِّلُهُ في دينه؛ فليس الأمر على إطلاقه.
أما الناحية الثانية، وهي أنَّ الرسول علَّمه وِردًا في رُؤياه؛ فهذا - كما تفضل السائل - أمر باطل؛ لأنَّ التشريع قد انتهى بوفاة النبي صلى الله عليه وسلم؛ لقوله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي} [المائدة: 3.]، ولا يُرِدُ بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم تشريع شيء وزيادة شيء على ما كان قبل وفاته عليه الصلاة والسلام؛ لا وِردٌ ولا غيره؛ فليُتَنبَّه لهذا.
بعد هذه المقدمة الضرورية أروي لكم ما رأيت الليلة
كنت قد نمت حزينا جدا عاجزا جدا محاصرا جدا وأنا أردد لنفسي الأمر أبعد من انقلاب في مصر أو سفاح في سوريا أو سحق للعراق أو ملك ابن سفاح من خادمة يهاجم القرآن ويستهزئ به أو مسيلمة كذاب يحاول أن يضيع الدين كله بإعادة تفسيره كي يتوافق مع الكفر والكفار حتى ليصبح الإلحاد غير مخرج من الإسلام، ويصبح الإسلام إرهابا، أو هجوم من الإعلام.
إنه الهجمة الأخيرة لاقتلاع الإسلام الحقيقي،الإسلام السني، إسلام أهل السنة والجماعة والإبقاء على أنواع الإسلام المحرفة التي يمكن أن تتوافق مع اليهودية والنصرانية بل والكفر.
كنت أيضا مسحوقا ومعذبا ومصدوما بما حدث في منى
وفي المنام :
رأيت أنني أسعى بين الصفا والمروة. كان المكان شبه خال،وكنت أسأل نفسي لماذا يتحدثون عن زحام شديد. كنت أسعى بهمة وسعادة ونشاط. وسمعت بعض الناس يقولون:انظروا إليه: يكفيه الوصول إلى سفح الصفا والمروة لكنه يصر على على الصعود إلى أعلى نقطة من الجبل.
فجأة
رأيت حبيبي وسيدي ومولاي ﷺ كان في الجانب الآخر، الجانب الأيمن وأنا في اتجاه المروة خارج المسجد،وهو الجانب الآخر من الكعبة، كان بعيدا لكنني كنت أرى ملامحه بوضوح،كان حزينا جدا.
وقلت لنفسي -في المنام-:
إنه حزين كحزنه يوم رأيته في رابعة (أنا بالفعل رأيته أيام رابعة وكان حزينا جدا وكنت غاضبا جدا لأنهم لم يجعلوه يتحدث على المنصة)،لكن في رابعة كان حوله خلق كثيرون، لكنه الآن يسير في صحراء قاحلة تنبت فيها بعض الأعشاب البرية الشحيحة.
كان وحيدا
وحيدا تماما
وحيدا وحزينا
وكان يسير لا يلوي على شيء
أدركت أنني لن أدركه
خاصة أنني كنت مشغولا بالتوجه إلى الكعبة لتقبيل الحجر الأسود
خطر لي أنه في انعدام الزحام هذا سأستطيع الاستمتاع والانفراد به كما كنت أفعل منذ أربعين عاما..
منذ 13 عاما لم أستطع تقبيله.برح بي الشوق.
وكانت الكعبة في الجهة الأخرى ولكنها لا تظهر وليس في اتجاهها أناس على الإطلاق
وتساءلت مرة أخرى:لماذا إذن يتحدثون عن الزحام الشديد
وأنا أتلمس الطريق إلى الكعبة كان حبيبي وسيدي ومولاي ﷺ قد اختفى وفي هذه اللحظة أدركت في المنام أني أحلم،فأخذت أدعو الله وأتضرع إليه أن يستمر الحلم حتى أشرف -ولو في الحلم- بتقبيل الحجر الأسود،ورحت أغذ السير ملحا في الدعاء
لكنني استيقظت
وكنت أردد:
كان حزينا كيوم رابعة
لكنه كان وحيدا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق