اليورانيوم المنضب بالعراق.. موت صامت
في نهاية حرب الخليج الأولى عام 1991 امتلأت الصحراء العراقية بمئات الآليات العسكرية المهشمة، حيث لم تستغرق اللحظات الأخيرة من الحرب أكثر من عشر ساعات ليتبيّن بعد ذلك بزمن طويل أن السر وراء هذا الانتصار الساحق والسريع كان سلاحا سرّيا بات يعرف بـاليورانيوم المنضب.
وقد سعت وزارة الدفاع الأميركية (بنتاغون) إلى طمس الحقائق والأدلة التي تؤكد استخدام الجيش الأميركي لليورانيوم المنضب في حرب العراق عموما وفي قصف الفلوجة خصوصا.
حلقة 24/9/2015 من "الصندوق الأسود" فتحت ملف استخدام أسلحة اليورانيوم المنضب من قبل الجيش الأميركي والقوات العسكرية المتحالفة معه في حربي الخليج الأولى والثانية، وأثناء حصار الفلوجة عام 2004.
ولاستجلاء الحقيقة، تنقل فريق التحقيق إلى مدينة شيكاغو للقاء الخبير السابق في اليورانيوم المنضب بالجيش الأميركي الدكتور دوج روكي الذي أقر بأن وزارة الدفاع طالبتهم بالاستمرار في الكذب بعد استخدام اليورانيوم المنضب في العراق، والعمل على تنظيف آثاره ودفن مخلفاته.
وكان دوج روكي كلّف من الجيش الأميركي بمهام تنظيف مخلفات استخدام اليورانيوم المنضب في حرب الخليج الأولى، قبل أن يتم الاعتداء عليه وإبعاده بسبب إدلائه بشهادات عن خطورة ما عاينه من أضرار.
روز كبوتشي وهو جندي بحرية سابق شارك في حصار الفلوجة، أكد هو الآخر لفريق التحقيق الذي قابله في ماساشوستس أن الجيش زودهم بصاروخ حراري جديد لاستخدامه لأول مرة في قصف الفلوجة في 2004.
وتحدث الجندي عن سعادة القادة العسكريين الأميركيين بهذا الصاروخ، الذي تفوق قدرته في تحطيم الهدف وقتل الأعداء العشرات من الصواريخ الأخرى، وأكد أنه كان يوجد لديهم مخزون كبير من هذا النوع من الصواريخ.
خطورة السلاح
الحلقة استطلعت إفادات لأطباء وعلماء متخصصين يثبتون خطورة هذه الأسلحة، وأثرها على البشر والتربة والهواء، وإمكانية تسببها في تشوهات خلقية وأعراض سرطانية وحالات إجهاض، يعاني منها سكان العراق والمناطق المجاورة له.
لكن القائم بأعمال منظمة الصحة العالمية بالعراق الدكتور كاظم الحلفاوي أكد أنه لم يثبت وجود علاقة جدلية بين اليورانيوم المنضب والأمراض والتشوهات التي تعرض لها سكان الفلوجة.
غير أن الخبير المتخصص بالنشاط الإشعاعي الدكتور كرس بزبي عثر على اليورانيوم المنضب الذي يحمل عناصر طبيعية في شعر سيدة عراقية بالفلوجة، ويقول إن هذا اليورانيوم مخضب بدرجة منخفضة لتفادي اكتشاف أضراره.
وأجرى كرس بزبي دراسة بالفلوجة على مئات العائلات والأشخاص أثبتت وجود علاقة بين أمراض السرطان واللوكيميا والتشوهات الخلقية التي تعرض لها عدد من سكان الفلوجة واليورانيوم المنضب الذي استخدمه الجيش الأميركي.
أدوار خفية
ولدحض المزاعم الأميركية، حاول المحققون معرفة الجهات التي تقف خلف إخفاء الحقيقة وتتستر على حجم الأضرار التي يتسبب فيها اليورانيوم المنضب، والبحث عن الأدوار الخفية للمنظمات العالمية والحكومات في هذه القضية، ومنها منظمة الصحة العالمية.
تقول الأستاذة المشاركة في الهندسة البيئية الدكتورة سعاد العزواي إن منظمة الصحة العالمية لم تدخل العراق لإجراء تحقيق، متحججة بأن ذلك من اختصاص الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وتشير إلى أن الدعوات التي وجهت للمنظمات الدولية لاستكمال الدراسات عن استخدام اليورانيوم المنضب في العراق باءت بالفشل.
ونجح المحققون في الكشف عن عدد من الوثائق السرية التي تثبت علم الإدارة الأميركية بمضار أسلحة اليورانيوم، وأخرى تشير إلى تقصد جهات حكومية العمل على تعطيل الإجراءات المطالبة بحظر هذ السلاح دولياً، رغم إدراج اليورانيوم المنضب من قبل لجنة حقوق الإنسان في الأمم المتحدةعلى قائمة أسلحة الدمار الشامل، وإشارة البرلمان الأوروبي إلى وقف استخدام اليورانيوم المنضب وأي أسلحة يدخل اليورانيوم في صنعها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق