الرصاص التليفزيوني
آيات عرابي
أهم روافد تغييب الفكر ومحو الهوية كانت السينما المصرية.
ولم يكن أخطر ما تقدمه السينما الرقص والانحلال وشرب الخمور والعري, فهذا فساد واضح يمكن للجميع تمييزه, لكن اخطر ما ارتكبته السينما في نظري هو السرقة.
90% من الأفلام المصرية مسروقة من أفلام أمريكية, حتى الأفلام الشهيرة التي صنعت من شخصيات مبتذلة مثل عادل إمام نجوماً وصنعت ثرواتهم.
اشهر أفلام عادل إمام وغيره مسروقة من أفلام أمريكية.
السرقة هنا لا تدل فقط على فقر العقل وانعدام الابداع لدى المؤلف والمخرج, بل اخطر جوانبها هو تصدير نماذج اجتماعية مستوردة متصادمة مع هوية المجتمع.
فيلم عصابة حمادة وتوتو مثلا مسروق بالكامل من فيلم Fun with Dick & Jane وفي هذا الفيلم يسرق الرجل بعد فصله من عمله وتساعده زوجته ثم يترقى في سلم السرقة.
ولا مانع أيضا أن يتاجر بزوجته.
ومع القالب الكوميدي والبهارات المعتادة المكونة من رقصة هنا وعري هناك يتسلل نموذج سلوكي جديد للمشاهد الذي يضحك دون أن يعلم أنه يتم طعن نفسيته وإحداث تغييرات في سلوكه وتمرير مفاهيم لم يكن يقبلها بالتلقين المباشر.
وأنا لست ناقدة سينمائية ولا تعنيني التفاصيل السينمائية, بقدر ما تعنيني كيفية غزو المجتمع فكريا ومحو الهوية الحقيقية وضخ عناصر (الهوية المصرجية البديلة) عن طريق عمليات السرقة المتكررة.
في أحيان كثيرة تمت سرقة مشاهد كاملة بنفس الازياء والتسريحات وطريقة الضحكة والكلام والوقفة.
بل وفي أغلب الأحيان تتم سرقة الأفيش الأمريكي مع اجراء عدة تعديلات طفيفة عليه.
هذه الأفلام كان لها دور خطير في محو الهوية وتغييب العقل وترسيخ نموذج سلوكي جديد على المجتمع الذي اصيب مع الاعتياد على عرض تلك الافلام المسروقة بالشيزوفرينيا.
السرقة لم تكن تقتصر فقط على الموضات والملابس وطريقة الأداء والأفيشات والمواقف الكوميدية, بل القصة بأكملها بما تحمله من نماذج وسلوك.
غزو فكري ناعم بدون رصاص ولا قطرة دم, يتم على شاشة التليفزيون داخل منزلك وتدمير لقواعد الهوية والسلوك ببنادق تليفزيونية لا تراها ولا تشعر بأثرها.
فتسقط كل حصونك الفكرية بالتدريج دون ان تدري أنك تتعرض لهجوم.
تصلي الجمعة في المسجد ثم تجلس لتشاهد ممثلة نصف عارية ترقص وزوج يتاجر بزوجته.
يصبح عقلك مؤهلاً لتقبل كل انواع القمامة التي يريد الإعلام حشو عقلك بها.
ولا تظن أن الأمر عفوي, فهناك أفلام صنعت خصيصا للترويج للنظام, مثل فيلم طباخ الريس الذي تم انتاجه للتسويق للمخلوع وتلميع صورته قبيل الثورة بعدة سنوات.
فلا تستبعد بالتالي أن تتم صناعة أفلام كاملة من أجل الإفساد فحسب, ففي فيلم الريس عمر حرب الذي اخرجه مخرج البذاءات خالد يوسف, تجد ايحاءات شيطانية بعبارات صادمة مثل (أنا اصطفيتك), بالاضافة بالطبع إلى المشاهد الفاضحة, ولا يجد المشاهد أي صعوبة في ادراك منشأ الفيلم وأن القصة مسروقة من عدة أفلام أمريكية (كازينو – محامي الشيطان – لون المال).
وهو فيلم مصنوع للإفساد ولا ابالغ ان قلت أنه يروج للدعوة للإلحاد, فكثير من عبارات الفيلم توحي بذلك, بل الفكرة نفسها التي تروج لتحكم الشيطان في مصائر البشر.
ويزول الاستغراب حين تعلم أن مخرج البذاءات خالد يوسف ملحد لا يؤمن بالله كما قال للكاتب سلامة عبد الحميد.
ولا عجب بعد كل هذا أن يكون مخرج سهرة 30 سونيا هو نفسه مخرج البذاءات الملحد ولا في أن يكون المشخصاتية والعوالم في مقدمة صفوف سهرة 30 سونيا.
ولا تستغرب بعد كل ذلك أن تجد العسكر يحيطون أنفسهم بدائرة من المشخصاتية والآلاتية والعوالم والغوازي, فالعسكر وإن كانوا يحكمون مصر بالوكالة, فهذه الطائفة من المشعوذين والالاتية والمشخصاتية هم أهم أدواتهم للسيطرة على المجتمع وتدمير حصونه النفسية وغزوه فكريا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق